بلال عبدالله تخلّص من إحباطات غيابه عن «الكاميرا الخفية» بالعودة إلى الإخراج المسرحي. أرشيفية

بلال عبدالله: نعيش أســوأ سنوات الدراما الإماراتية

لم يظهر الفنان الإماراتي بلال عبدالله على شاشة قناة «سما دبي» كالعادة بعد أذان المغرب مباشرة خلال شهر رمضان، ليختفي مشهد اعتاد عليه مشاهدوها لنحو سبع سنوات، عبر برامج الكاميرا الخفية المختلفة، وتم استبداله ببرنامج أجنبي مماثل، وليختفي البرنامج، بصرف النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع قيمته الفنية، تمكن من جمع الأسرة الإماراتية على مشاهدته، بحثاً عن ضحكة أو موقف طريف، والأهم بحثاً عن وجود جماهيري للفنان الإماراتي.

بلال الذي ظل خلال الأيام الأولى لشهر رمضان لا يجيب على هاتفه النقال، ويندر وجوده في «مسرح دبي الأهلي»، كعادته بعد صلاة التراويح، تواصل مع «الإمارات اليوم»، كاشفاً عن إحباطه الشديد مما اعتبره «مؤامرة على الفنان الإماراتي، وتقليص النجاحات الأولى التي تحققت له خلال المرحلة المقبلة»، مستشهداً بندرة الفرص التي أتيحت للفنانين الإماراتيين عموماً هذا العام على شاشات القنوات المحلية.

واضاف «كلما سألني أحد عن سر غيابي خلال الأيام الماضية، كنت أقول له إنني ضمن حالة غياب عامة يعيشها الفنان الإماراتي على الشاشات المحلية حتى إشعار آخر، دون أن أدري تماماً متى سيأتي هذا الإشعار المنتظر».

ورغم أن بلال تغلب على إحباطاته في وقت سابق من الشهر الفضيل، إلا أنه طالب بعدم نشر تصريحاته إلا بعد نجاح تجربته الإخراجية الأولى خارج الدولة، والتي قدمها للجمهور السعودي خلال اجازة عيد الفطر السعيد على مسرح الأمير سلطان بالرياض على مدار ثلاثة أيام متتالية، وهي مسرحية «وين الشنطة»، ليجيء هذا العمل بمثابة «رسالة لمن يتجاهلون الخبرات والطاقات المتعددة للفنان الإماراتي، والإصرار على تفويت فرصه الطبيعية في موطنه»، حسب تعبيره.

لن نتسول

خيار صعب ينتظر الفنان والجمهور

 

قال الفنان الإماراتي بلال عبدالله، إن نجاح إخراجه للمسرحية السعودية «وين الشنطة» خلال اجازة عيد الفطر جاء بمثابة «مسكن لآلام افتقاده الإطلالة على المشاهدين هذا العام عبر برنامج الكاميرا الخفية»، مشيراً إلى حتى هذه اللحظة لم يستطع الوصول إلى إجابة عن سؤال يصادفه أينما توجه «أين ذهب برنامجك (الكاميرا الخفية)».

وأضاف «جاءني اتصال هاتفي من المملكة العربية السعودية في توقيت كنت فيه شديد الاستياء جراء هذا الغياب، لأكون أول فنان إماراتي تسند اليه مهمة إخراج مسرحية سعودية، والأهم أن صالة مسرح الأمير سلطان كانت مكتملة العدد طوال أيام العرض، وهو الأمر الذي سبق أن حدث في مسرحية (الجنرال بلوول) الإماراتية التي لم تلقَ دعماً لإعادة عرضها».

وتوقع عبدالله، الذي شارك هذا العام في بطولة المسلسل السوري «أبوجانتي»، أن تعود الدراما التلفزيونية الإماراتية إلى «نفقها المظلم»، بعد تخلي الجهات الإنتاجية في التلفزيونات المحلية عن دعمها، خصوصاً في العام الأخير، حسب إشارته، مضيفاً «سيكون خياراً صعباً على المشاهد والفنان الإماراتي معاً، في حال أصبح المتاح فقط، أمام كل منهما، هو الأعمال الخليجية والعربية».

«لن نتسول العمل في بلادنا، بعد أن تحولت الدراما الإماراتية، خصوصاً التلفزيونية، إلى دراما لقيطة، تفتقر إلى من يهتم بشأنها، بل ليت الأمر يقف عند التجاهل ولا يصل إلى كونه محاربة، لذلك فإن الوضع الراهن يؤكد أننا في المرحلة الأسوأ تاريخياً ضمن مراحل تطور الدراما الإماراتية، بعد أن كنا في مرحلة ازدهار يغبطنا عليها الجميع»، تصريح قاله صاحب الدور الرئيس في «حقك علينا»، بمرارة وغصة شديدين.

وبصيغة التساؤل أضاف بلال «من المسؤول عن هذا الحضور الباهت للفنان الإماراتي هذا العام، رغم وجود منصتين تلفزيونيتين مهمتين خليجياً وعربياً، هما تلفزيون دبي وتلفزيون أبوظبي، ومن المسؤول عن غياب الدعم لهذا الفنان، حتى باتت فرص التحاقه بأعمال كويتية وسعودية، بل ربما سورية ومصرية أسهل من وجود فرص حقيقية له في أعمال إماراتية يتم تصويرها داخل الدولة، وبلهجة يفترض أنها درامياً لهجة إماراتية، قبل أن يُقصى منها الفنان الإماراتي».

بلال الذي أكد أنه غير مدفوع بموقف شخصي جراء غياب برنامج «الكاميرا الخفية» الذي كان يشاركه في الإطلالة عبره الفنان محسن صالح، واصل أسئلته الاستنكارية قائلاً: «من المسؤول عن غياب برنامج جماهيري فرض وجوده كل تلك السنوات، ليتم استبداله بآخر أجنبي على قناة محلية؟»، وأضاف «لم يتواصل معي أحد ليخطرني بأن برنامج (الكاميرا الخفية) تم الاستغناء عن خدماتي فيه، أو تم إلغاؤه، ولا أستطيع أن أخمّن سبب هذا الموقف، لكن في كل الأحوال فإن الفنان الإماراتي، الذي لايزال يتعامل مع كل ترشيح له في عمل محلي على أنه مهمة رسمية عليه أن يؤديها بكل دقة لاعتبارات كثيرة يرتبط بعضها بتحديات مرتبطة بالهوية الثقافية والفنية، بات محبطاً، ومحارباً، في معركة لا رابح فيها، رغم أن الخاسرين أطراف متعددة، بما فيها المجتمع الذي يخوض صراعاً حقيقياً من أجل دعم خصوصية الهوية».

واعترف بلال عبدالله بأن الكثيرين من الفنانين القديرين اصبحوا مستسلمين للوضع الراهن، وقبلوا بأدوار هامشية وثانوية، بعد مسيرة امتدت بببعضهم لأكثر من ثلاثة عقود، لمجرد «لقمة العيش»، مضيفاً «يعيش الكثير من الفنانين الإماراتيين أوضاعاً معيشية ونفسية صعبة، في ظل غياب الدعم أو التقدير المادي والمعنوي، وبعيداً عن ذكر أسماء بعينها فإنه في الوقت الذي يتم فيه تكريم نظير لك إذا كنت فناناً إماراتياً، في دول شقيقة، فإن الفنان الإماراتي، الذي هو في أحسن الأحوال موظف في دائرة حكومية نهاراً، ومهموم بالفن مساءً، مهموم بتدبير نفقات معيشته الأساسية».

«الجنرال بلوول»

«الجنرال بلوول»، كما أصبح يلقبه اصدقاؤه بعد أدائه مسرحية بالاسم ذاته العام الماضي، رأى أن «مستقبل الدراما الإماراتية لن يقومه سوى قرار سياسي»، على حد تعبيره، مضيفاً «استمرار تذيّل الدراما الإماراتية لقائمة اولويات الإعلام المحلي بشقيه المسموع والمقروء أمر ضيّع مكتسبات كثيرة حققتها الدراما المحلية في مراحل سابقة، بعد أن أصبحت تحارب من الداخل في مرحلة كادت أن تصبح فيها نداً لإنتاجات كانت منافستها سابقاً مستحيلة».

ورأى بلال عبدالله أن مشاركته ضيف شرف في المسلسل المحلي «طماشة»، كظهور وحيد له في الدراما الإماراتية هذا العام، أمر مخزٍ، مضيفاً «أين هي المسلسلات المحلية التي تم إنتاجها وشارك فيها بشكل أساس ممثلون إماراتيون»، والأمر هنا محصور كما يرى بلال في «طماشة» التي «ارتبطت بجماهيرية جابر نغموش، ومن ثم لا يمكن استبداله بآخر خليجي، أو حتى أجنبي»، مثل «الكاميرا الخفية»، و«ريح الشمال»، «التي حافظ على إنتاجها الفنان أحمد الجسمي».

بلال عبدالله الذي له تجربتان محليتان في مجال الإخراج، هما «معاريس 2007» و«الجنرال بلوول»، فضلاً عن أربع مسرحيات للأطفال، ختم بالقول إن «الإمارات عموماً، ودبي خصوصاً، تعيش مرحلة ازدهار في خدمة الإنتاج الدرامي، دون أن يشمل ذلك الانتاج الدرامي المحلي»، مضيفاً «رغم سعادتي بدور مهم في المسلسل السوري الكوميدي (أبوجانتي)، إلا أنني حزين أن تكون إطلالتي اليومية الوحيدة خلال شهر رمضان بعيداً عن شاشاتنا المحلية التي يجب عليها ان تبذل الكثير، لتكون بحق ضمن منظومة دعم الدراما المحلية».

الأكثر مشاركة