محمد هديب يتأمل «على سرعة 40»
اختار الشاعر محمد هديب لمجموعته الأولى عنواناً مختلفاً، مثلما تضم قصائد مغايرة أيضاً، زوادتها لغة نفض عنها غبار العادة، وذاكرة تحتشد فيها مشاهد الحياة، بدءاً من الطفولة، علاوة على حساسية خاصة بالكتابة التي بدأها هديب بالقصة القصيرة التي كانت تلامس الشعر في كثير من تفاصيلها، إلى أن تجلت تلك الشعرية في مجموعته «على سرعة 40» التي صدرت، أخيراً، عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في العاصمة الأردنية عمان.
في المجموعة التي تضم 49 قصيدة مسبوقة بواحدة من دون عنوان، لكنها تمثل عتبة الكتاب الذي ينفتح على أبواب العمر والوجوه والأصوات والألوان، من باب الطفل إلى باب الأربعين، وبينهما ممرات إلى تأمل في مفردات هاجعة، كما لو أنها تنتظر الشاعر ليجلوها، ويبث فيها من روحه المغامرة والمشاغبة والعاشقة.
في زمن يلهث بإيقاعه السريع في كل شيء، بدءاً من رنين منبه الساعة في الصباح، حتى رنين الرأس وهو يغفو على الوسادة، يأتي محمد هديب على مهل، ليدعو الحياة إلى الرفق بالأحياء والأشياء، ويقرأ ذاته على مهل، ليرى روحه في بيت أو شجرة أو ظلال. وفي مجموعته الشعرية التي جاءت في 224 صفحة، وصمم غلافها الفنان نضال جمهور، وزيّنتها لوحة للفنان القطري علي حسن، وخطوط للفنان السوري عبيدة البنكي، يقول الشاعر هديب:
«وأنا على سرعة 40 أرى نفسي
لا أحد يزاحمني».
و«تسير بعض نصوص الشاعر على سرعة ،40 وهي السرعة التي حددها لها كاتبها، إلا أن أغلب نصوص الديوان تخرج عن محددات الشاعر وتتجاوز ما توقعه لها حين عصفت به ريحها؛ فتخرج عن نطاق أوزون المرئي والمسموع والمحسوس، وهناك تقيم علاقتها الخاصة مع أرواح قرائها الذين تفتيهم حين يستفتونها في مراوغة لا يصلح معها الإيقاع العادي»، حسب بيان الناشر الذي أضاف ان «نصوص المجموعة التي تجاوزت سرعة المتوقع بإمكانها أن تؤسس، وببساطة، مفارقاتها الحادة حتى على أرصفة الاصطفاف للسيارات والسابلة والخيالات؛ ومن هنا بالإمكان ترك السؤال معلقاً: تلك القصيدة الطائرة؛ ماذا أراد قائلها؟ إذ في الشعر: هل يصح سؤال من هذا النوع، خصوصاً مع شاعر له أداته الخاصة في السرد، والسرد الساخر بالذات، وهنا يكمن جزء من فرادة هذه النصوص».
يقول محمد هديب الذي يعمل صحافياً في قطر:
«كانت سيّارتي تمرّ باستقامة
أمام مخفر الشرطة،
مع هذا مازال بإمكاني رؤية الأشجار
غائمةً جزئيًا».