ندوة تتناول النشر بوصفه ذاكرة الصناعات الثقافيّة

نظّم البرنامج الثقافيّ المصريّ ضمن فعاليات معرض الشارقة للكتاب في قاعة الفكر ندوة بعنوان «أهمّيّة النشر في تكامل ديناميّة الأجيال» عبر مقاربة قضايا النشر في العالم العربيّ، شارك فيها رئيس اتّحاد الناشرين المصريين عاصم شلبي، ونائب رئيس اتّحاد الناشرين العرب محمد السباعي، وأدارها أحمد مجاهد. استهلّ مدير الندوة بالحديث عن تغيّر القضايا من وقت لآخر وفقاً لتطوّر العصر ووسائل الاتّصال، وذكر أنّ التاريخ يبدأ بالكتاب، وأنّ الثقافة العربيّة بدأت شفهيّة، ثمّ جاء التدوين ليخلّدها ويحفظها من الاندثار والضياع. وقال «إنّنا نعيش حقبة مفصليّة في تاريخ النشر، ونشر الكتب على وجه الخصوص، وأنّ عصر المعرفة التي تعتمد بشكل أساسيّ على المعلومة تعبّر عن هيمنة ثقافيّة لمن يملك المعلومات».

تحدّث شلبي عن مهنة النشر، وصوّر واقع النشر في العالم العربيّ، واعتبر أنّ مهنة النشر تعدّ مهنة رائدة وركيزة مشروع حضاريّ، لأنّها تعبّر عمّا تودّ الأمّة طرحه، وأنّ النشر يأتي في الصدارة، ولا يقتصر النشر على الجانب الورقيّ فقط، بل الأهمّ هو نشر المحتوى الذي يمكن توفيره بشكل ورقيّ أو على الشبكة الإلكترونيّة. ووصف مهنة النشر بأنّها «ذاكرة الصناعات الثقافيّة، والمدخل الحضاريّ لأيّ تقدّم أو رقيّ، وأنّ المدخل المهم لأيّ هيمنة أو غزو لابدّ أن يبدأ بالثقافة، عبر تسويق الأدب والفكر والأعمال الثقافيّة التي تعدّ مدخلاً للسيطرة».

ونبّه شلبي إلى أنّ الريادة لا تحقّق معناها ومبتغاها دون تحقيق وجود ثقافيّ وصناعة ثقافيّة مرتبطة بتعريفها العامّ كمجموعة معارف ومهارات مرتبطة بالقيم. وكي تخرج للآخرين بمشروع حضاريّ لابدّ أن يكون المشروع الثقافيّ في الصدارة.

أمّا السباعي استعرض المعوقات التي تواجه النشر في الوطن العربي، وحاول تقديم بعض الحلول المقترحة.

وذكر أنّه «على الرغم من هذا التطوّر في حركة النشر في العالم، وتنوّع وسائله وأدواته، إلا أنه لايزال يعاني مشكلات عامّة كبرى، اقتصادية ومهنية وسياسية». وأوضح أنّ تعدّد وسائل النشر الحديثة مثل النشر الالكتروني بمختلف أساليبه أسهم إلى حدّ ما في إعاقة حركة النشر الورقي العربية.

ولخّص السباعي أهمّ المعوقات في بعض النقاط، منها مشكلة التوزيع، وعدم تجانس الوسط الثقافيّ في الوطن العربي، إضافة إلى وجود نسبة عالية من الأمّية، وكذلك اختلاف قوانين المطبوعات والنشر في البلدان العربية، حيث المسموح في بلد عربي قد يكون ممنوعاً في آخر، وسقف الحرية متفاوت، كما يعتمد على التركيبة الاجتماعية والثقافية المكوّنة لكلّ مجتمع. وذكر أنّ «القرصنة والتعدّي على حقوق النشر يعدّان من المعوقات الكبرى للنشر، وكذلك تكاليف النقل والمعوقات الجمركية، فضلاً عن العوامل الاقتصادية والسياسية». وأشار إلى أنّه تقصّد الجمع بين الاقتصاد والسياسة، لارتباطهما ضمن الحلقة الواحدة، لأنّ أساس النهضة لأيّ قطّاع مرتبط باقتصاد سليم وقرار سياسيّ داعم ومؤازر. وقال إنّ «ارتباط ذلك كلّه مرهون بإنتاج بيئة صالحة للاقتصاد القويّ والقرار السياسيّ الحكيم، وهو المجتمع القارئ المثقف والواعي».

وختم السباعيّ بالقول «من المعلوم أنّ الحكم الرشيد يقوم على أساسين مهمين: الصحّة والتعليم، فعندما تكون أولوية السياسي هي في تعليم وتثقيف المجتمع وإقامة وتشجيع البحث العلمي والمراكز العلمية والثقافية والارتقاء بمستوى الإنسان، تكون النتيجة نهضة علمية وحضارية تضمن إقامة اقتصاد قوي ومتين، وبالتالي يكون من السهولة بمكان أن تكون الثقافة من أولويات القرار السياسي الحكيم والعادل».

 

تويتر