«الرحالة المتأخرون»..جديد «كلمة»

عن مشروع «كلمة» للترجمة، في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، صدر كتاب بعنوان «الرحالة المتأخرون.. الاستشراق في عصر التفكك الاستعماري»، لمؤلفه علي بهداد، وترجمة ناصر مصطفى أبوالهيجاء. يُقدم المؤلف نقداً ثقافياً لكتب الرحلات، وما لعبته من دور حيوي في الاستعمار الأوروبي إبان القرن الـ‬19، إذ خالج رحالة ذلك العصر شعور بالامتعاض حين أصبح الاستعمار الأوروبي الغرائبي مألوفاً.

ويرى بهداد أن هذا النزوع النوستالجي إلى الآخر ينطوي على نقد ضمني لفكرة التفوق الغربي، ويؤشر كذلك إلى انشطار في الخطاب الغربي حول الآخر. وينخرط الكاتب، عبر انتفاعه بتحليليَّة السلطة لدى ميشيل فوكو، في الجهد النقدي الجديد للاستشراق، فيراه، على النقيض من رؤية إدوارد سعيد، حقلاً متغيراً ومعقداً من الممارسات، التي تستند إلى ازدواجيته وقطائعه، كي تكرس سلطته بوصفه خطاب هيمنة. كما ينطلق الكاتب في نقده من حقلي النقد الثقافي والدراسات ما بعد الكولونيالية. وهو يحشد لهذا الغرض جملة وافرة من الأجهزة التحليلية والمفاهيمية، التي تنتسب إلى غير كاتب وجنس كتابي، يتوزع بين النظرية الأدبية، والفلسفة، والأنثروبولوجيا، والتاريخ، والتحليل النفسي. وينطوي عمل الكاتب، أيضاً، على تبحُّر في الوثائق والمصادر التاريخية، يكشف عن صبر وحرفية تتبديان في انهماكه ومجاهدته لفك ما استغلق من المخطوطة التي سطرها فلوبير بخط يده، الذي بهتت ملامحه.

ويتولَّى بهداد بالدرس الشروط التاريخيَّة للفترة المتأخرة من استشراق القرن الـ‬19 مسلطاً الضوء على كتابات كوكبة من الرحالة والكتاب من أمثال: فلوبير ونرفال وكيبلينغ وبلنت وإبيرهاردت وغيرهم. وهو يدرس هذه الكتابات للتدليل على تورطها في خطابات الرغبة والسلطة. كما يستعرض جملة من القضايا التي لا تتوقف عند النوستالجيا والسياحة، بل يتعداهما إلى التشبه بالآخر والإغراق في السوداوية، كي يقيم الدليل على تغاير الاستشراق وتعدد ممارساته.

الأكثر مشاركة