«الجدران الأربعة» يجمع 4 فنانين في «التبادل الثقافي»
نحت دقيق التوازن وتشكــيل يحتفي بالطبيعة
تحت عنوان «التبادل الثقافي»، جمع المعرض الذي أقامه غاليري «الجدران الأربعة» أربع تجارب فنية متباينة ليس من حيث المدارس والأنماط الفنية فحسب، بل أيضاً الارث الثقافي الذي تحمله. حمل المعرض تجارب نحتية تجمع بين دقة الموازنة في العمل المنحوت من جهة وإظهار جمال المادة من جهة أخرى، الى جانب اللوحات التشكيلية التي قدمت رؤى مختلفة تتمحور حول جمال الطبيعة والوطن والحنين إليه. هذه المبادرة التي تحمل شعار «المرور الى الشرق الاوسط»، توسع أفق المتلقي حول تجارب فنانين من الغرب، يتركون في أعمالهم بصمات خاصة منبثقة من ثقافة بلدانهم.
من اليابان وأستراليا والعراق اجتمع كل من إياد القره غولي وحسين السلوان ورون جومبوك ويوشو نيتا، وقدموا أعمالهم التي تترجم رؤية كل منهم للمادة والأدوات، بالإضافة الى إيمانهم بوجوب قيام مشروعات خاصة بالتبادل الثقافي، لاسيما أنها ليست المرة الأولى التي تجمع بعضهم سوياً في معرض جماعي من أجل الهدف نفسه. وقد حرص كل من الفنانين أن يترك شيئاً من بلده في هذا المعرض كي ترقى الأعمال الى مستوى الهدف المقام من أجله.
تشكيل ونحت
انقسم المعرض الذي يختتم اليوم بين النحت والتشكيل، فكانت هناك تجربتان لكل اتجاه، قدم الفنان العراقي حسين السلوان واليابانية يوشو نيتا أعمالهما التشكيلية التي تأرجحت بين حب الطبيعة والحنين الى الماضي والأرض، وقد حرصت الفنانة اليابانية يوشو على أن تصور الطبيعة في لوحاتها، فاعتمدت على الاكريليك لترسم الغابات التي منحتها الكثير من جمال الألوان، فأبعدتها عن مظهرها الطبيعي لتجعلها تزهر وتزهو بألوانها الخاصة فبدت بنفسجية وزهرية اللون. كما اعتمدت الفنانة على التكرار في لوحاتها، فهي لا تبحث عن اللوحة التقليدية حتى في رسم مشاهد الطبيعة بل تتعمد الضربات المتكررة لتوجد مشهداً يبعث السكينة في النفس، ويضع المرء في حالة من التوحد مع الذات. أما التشكيلي العراقي حسين السلوان، فقد حملت لوحاته الكثير من الحنين الى الوطن، فتعمد أن يترك في اللوحة بصمة من العراق تظهر من خلال بعض الرموز البسيطة، وعلى الرغم من أن أعمال السلوان تبرز اهتمامه في ترك بصمة خاصة لجهة التعاطي مع نثر اللون على اللوحة، فإن لوحاته تبقى محملة ببعض الرموز التي تفصح عن هواجسه، ولهذا نجده يضع شباكاً في نصف اللوحة أو يترك أي رمز يدلل على حنينه الى الوطن ويبرز شيئاً من ثقافة شعب عانى الحروب والدمار.
طغت الأعمال النحتية على المعرض، وقد تجسدت في تجربتين أساسيتين للعراقي إياد القره غولي، والاسترالي رون جومبوك، الى جانب ثلاثة أعمال لليابانية يوشو. وقد حرص الفنان العراقي القره غولي على إبراز تحديه لمادة البرونز التي يعمل عليها بشكل أساسي، ليقدم أعمالاً أبرز ما يميزها هو التوازن في تركيبها، خصوصاً أنه يتعاطى مع الأجسام والبشر في أعماله. يحاول القره غولي أن يبرز أهمية التعبير عن المشاعر في حياة البشر، فيبرز منحوتاته البشرية في حالة عناق وتقبيل معلقين على دائرة بأسلوب يجعلها تبدو خفيفة، فيشعر المتلقي لوهلة كأن المنحوتات تركيب لمشهد من سيرك يمتاز أشخاصه بالكثير من الخفة في الوقوف على أطراف الأصابع أو شبه الطيران في الهواء.
الحالات الإنسانية التي يرصدها القره غولي في منحوتاته تفيض منها مشاعر الحب والحرية والسلام في العيش، الأمر الذي اكتسبه بعد ان هاجر وعاش في أستراليا. أما الاسترالي رون جومبوك فكانت منحوتاته أقرب الى التجريد، تحمل مفاهيم خاصة من خلال الجمال، فتارة يبرز علاقة الأم بالطفل، وتارة الحب والجمال، وتارة يلجأ الى إظهار العلاقة بين التاريخ والحاضر. أما الميزة الأساسية في أعماله المنحوتة من الألومينيوم والستانلس ستيل والبرونز فهي أنها ملمعة وناعمة الملمس، فيبدو شغوفاً بالمواد المشعة والبراقة، لذا فإنه بخلاف بعض النحاتين لا يترك أي مادة على حالها.
تبادل ثقافي
حول أهمية هذه المبادرة الثقافية قال جومبوك لـ«الإمارات اليوم»، إن «هذا المشروع الذي يقوم على التبادل الثقافي في الامارات يعد تجربة جيدة لي، فأنا أنحت منذ 40 عاماً، لكن هذه الزيارة هي الأولى لدبي لعرض أعمالي، وكفنان يحمل هم الترويج للنحت وعرض المنحوتات عبر العالم، يفيدني المعرض في تقديم تجربتي، لاسيما أنه لدي مشروع مشابه في الغاليري الخاص بي في أستراليا، وقد جمع تجارب من اليابان وكوريا وكذلك الإمارات». ورأى أن هكذا مشروعات تبدل رؤية الفنان للفن وعلاقته مع مفهوم التبادل الثقافي، فهي تبرز التنوع في الطرح الفني لكل بلد وليس للفنان فحسب. وشدد على أن هذه التجربة مهمة ومميزة، فهي تجعل الفنان منفتحاً على الاستخدامات المتنوعة للمواد بشكل أساسي، ولكن الفائدة الأولى والأساسية هي معرفة الجمهور لهذا التنوع. وعن أعماله، قال «إن الغموض في الاعمال مهم بالنسبة لي، لذا أحرص دائماً على أن تكون الأعمال المنحوتة ملمعة، فهذا ناتج عن الشغف بالمادة التي أستخدمها والتي أحبها أن تكون واضحة المعالم، لاسيما ان منحوتاتي تجريدية». ولفت الى أنه غالباً ما يعتمد على نحت القطع الصغيرة، ووحدها القطع المتميزة التي أعمل على إعادة نحتها بقطع كبيرة.
بينما أكدت الفنانة اليابانية يوشو على أن المعرض مهم بالنسبة إليها، لأنها تحرص على أن يكون لها تواجد في الشرق الأوسط وقد سبق أن شاركت في الأردن العام الماضي، واليوم في دبي، وهذا سيقدم فنها الى المجتمع العربي الذي لا يعرف الكثير عن الفن الياباني. ورأت يوشو أن الفن أقوى من اللغات في التعبير، فهو ينتقل الى كل الناس دون الحاجة الى الكلام أو الشرح، لذا اعتبرت الفن الفرصة الأكبر للتواصل مع كل الثقافات والجنسيات.
بينما أكد الفنان العراقي إياد القره غولي، أن التبادل الثقافي مهم في كل بلد ولعل الفن واحد من الأمور الأساسية في هذا المجال، مشيراً الى أن المعرض شكل فرصة مهمة لالتقاء مجموعة من التجارب المميزة، فكل فنان يحمل من بلده وإرثه ما يكفي ليقدم صورة جميلة عن الفن في بلده.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news