نسيبة دعا إلى توثيق الروايات الشفاهية حول «المبنى»

ذكريات وشهادات في «منتدى الحصن»

زكي نسيبة متحدثاً في الندوة. من المصدر

دعا المستشار بوزارة شؤون الرئاسة زكي نسيبة إلى توثيق الروايات والذكريات، التي لم توثق حتى يومنا هذا حول قصر الحصن، كي يبقى القصر حيا في ذاكرة الأجيال الصاعدة، كما عبر عن أمله، مع إعادة تأهيل قصر الحصن، أن يتم العمل على إعادة الاعتبار لبرج المقطع الذي شيده الشيخ شخبوط بن ذياب، تزامنا مع البرج الأول لقصر الحصن لحراسة العبور إلى الجزيرة في أواخر القرن ‬18. مشيرا إلى رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حول أهمية تناغم وتيرة بناء مستلزمات العصر الجديد، مع الحفاظ على الجذور التاريخية والتراث العريق لشعب الإمارات.

وأشار نسيبة إلى أن هذه الرؤية انعكست في أعمال الشيخ زايد، حيث كان من أوائل المشروعات التي حرص على إنجازها عام ‬1969، افتتاح المتحف الأثري في مدينة العين للحفاظ على تراث البلاد، كما كان رحمه الله أول من أشار على بعثة آثار دنماركية تعمل في المنطقة، بأن تنقب في منطقة الهيلي عام ‬1962، حيث اكتشفت مقابر تعود إلى حضارة ما قبل ‬5000 سنة.

وأوضح، خلال الأمسية الثانية من أمسيات منتدى قصر الحصن، التي أقيمت مساء أول من أمس، وتنظمها مؤسسة الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان، بهدف تسليط الضوء على تاريخ الإمارات، من خلال استعراض شهادات عدد من الشخصيات التي عاصرت الأحداث، أن بناء المتحف في ذلك الوقت كان بالنسبة إلى الشيخ زايد جزءاً متمماً لرسالته القومية التنموية في تحقيق التقدم المتوازن المستدام الذي أراد بواسطته ان يحث شعبه على فتح جسور التواصل والتعامل والتفاهم مع العالم الحديث، وتقبل مستلزمات التقدم والتحديث والابتكار، مع العمل على ترسيخ الجذور التاريخية لهذه البلاد، والتمسك بالعادات والتقاليد والتراث.

واستعرض زكي نسيبة، خلال الأمسية التي شهد الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة جانبا منها، عدداً من الذكريات والحكايات التي ارتبطت في ذاكرته بقصر الحصن. متوقفا أمام واحد من الأحداث التي لها ارتباط مباشر بالاحتفال بمرور ‬250 عاما على قصر الحصن، عندما أرادت الإمارات ان تطل على العالم الحديث، في أول مشاركة لها في احتفالية دولية، في «إكسبو ‬70» في أوساكا باليابان، حيث اقيم الجناح الإماراتي داخل مجسم لقصر الحصن، لأنه كان المعلم الرئيس في الدولة «واليوم بعد مرور نصف قرن، ونحن ننتظر أن يأتي العالم كله إلى الإمارات للمشاركة في (إكسبو ‬20)، في دبي، قد يكون من المناسب ان يخطط لإقامة حدث خاص لتلك المناسبة، تربط قصة الحصن هذه بما وصلت إليه الإمارات من تقدم ورقي، خلال هذه الفترة».

وتطرق نسيبة إلى تجربته الشخصية الأولى داخل قصر الحصن، وهي تعود إلى عام ‬1968، عندما ذهب لإجراء حوار تلفزيوني مع المغفور له الشيخ زايد، وعندما دخل إلى باحة القصر كان الشيخ زايد يجلس على أريكة خشبية، ويحيط به لفيف من رجال القبائل والأعيان، وكان المنظر يدخل الرهبة في النفس عند الاقتراب من هذه الشخصية الاسطورية التي كانت تشع هالة من الصلابة والسلطة والجاذبية القيادية.

واستطرد: «دخلنا مجلس الشيخ زايد، ثم أدينا التحية المعهودة، وإذا بالحاكم العربي الجليل يقف لملاقاتنا مرحبا، ويصافحنا، وخلال اللقاء؛ ومع وقاره وصرامة جلسته وحدة نظرته الثاقبة التي تلاحظ كل ما حوله، كانت عيناه تشع تلقائيا مودة انسانية تجعل الضيف يشعر بسكينة أمامه، وتعكس مقدرة الشيخ زايد القيادية، على جعل كل من يلتقي معه من الملوك والرعية يشعر بدفء العلاقة الشخصية التي تستطيع التواصل مع الضيف وترحب به، مهما اختلفت الثقافة والخلفيات».

وأشار نسيبة إلى أن الحوار التلفزيوني الذي جاء في توقيت صعب، عقب قرار الحكومة العمالية البريطانية غير المتوقع، بإنهاء مظلة الحماية في الخليج من دون التهيئة لهذا القرار، وقد عبر الشيخ زايد رحمه الله في اللقاء عن خططه ورؤاه وطموحاته، التي ارتكزت على ثلاثة محاور، بقيت هي نفسها طوال حياته المبادئ الساطعة التي ميزت قيادته التاريخية، وأضحت اليوم نبراسا مضيئا للقيادة الحالية. موضحا أن المحور الأول من هذه المحاور يستند إلى قناعة راسخة بأن الطريق نحو المستقبل يجب أن يقوم على بناء الاتحاد بين الإمارات، وكان رحمه الله مفعما بالثقة والتفاؤل بمقدرته على تحقيق هذا الحلم مع إخوانه حكام الإمارات. ويركز المحور الثاني على قناعته بأن واجبه المحتوم هو أن يقوم بدور الأب العطوف على أهله ووطنه، وتسخير نفسه وثروة بلاده لتحسين وسائل المعيشة لشعبه وتأمينهم بكل متطلبات الحياة العصرية، من خدمات ومرافق تكفل الحياة الكريمة الحرة لكل مواطن. أما المحور الثالث فكان يرتكز إلى رؤية تنموية شاملة، تجمع الماضي والحاضر في معادلة دقيقة تفصح عن رؤيته لضرورة التزام استراتيجية متوازنة تحفظ تناغم خطوات التقدم والعصرنة مع التشبث بالتاريخ والتراث.

واسترجع المصور جاك برلوت ذكريات حياته في أبوظبي، خلال السبعينات باستعراض عدد كبير من الصور التي التقطها في تلك الحقبة، إذ عبرت عن التغييرات الكبيرة التي شهدتها الإمارات في مسيرتها نحو التطور، متوقفا عند ذكريات لقائه بالشيخ زايد أثناء الذكرى الثالثة لقيام الاتحاد. وصنفت الصور التي استعرضها برلوت إلى موضوعات مختلفة، من بينها اكتشاف النفط، التي جسدت حقول البترول والعمل بها، وبناء المستقبل وفيها يظهر المغفور له الشيخ زايد وهو يخطط للدولة الحديثة، وترصد الصور حركة العمل السريعة والدؤوبة لتحقيق هذه الخطط، وفي الصور الخاصة بالحياة اليومية، قدم برلوت مشاهد من حياة السكان في أبوظبي القديمة والاسواق والمنازل والمدارس، كما تضمنت الصور موضوعات أخرى، منها الزراعة، والمساجد، وسباقات المحامل، والقوارب الشراعية، وسباقات الهجن، وطلبة المدارس وأنشطتهم، وكذلك احتفالات الدولة والمواطنين باليوم الوطني، كما عرض صوراً لقصر الحصن في تلك الحقبة.

ومن الصور الطريفة، التي عرضها برلوت صور لعرض أزياء لـ«كاشاريل»، تظهر فيها العارضة في مناطق مختلفة في أبوظبي وبين سكانها، بينما اختتم الذكريات المصورة بمجموعة من صور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

تويتر