مسرحيون يؤكدون «اللهجة ليست مشكلة إن كان العرض مميزاً»

«الإفيهات العامية» أعاقت وصول الضحـكة للجمهور العربي

«أيام الشارقة المسرحية» شهدت مشاركات محلية واسعة لفتت الانتباه. تصوير: تشاندرا بالان

لم يكن أحد يتوقع أن تصبح اللهجة هي العائق الكبير في ايصال الفكرة والمعلومة في المسرح، هذا العائق برز في مهرجان أيام الشارقة المسرحية كمشكلة حقيقية، تكرر ذكرها في معظم الندوات التطبيقية، لاسيما في العروض المسرحية التي قدمت العمل باللهجة المحلية.

إذ طالب نقاد ومسرحيون في تلك الندوات أن توصي لجنة التحكيم في الدورات السابقة باستخدام اللغة العربية الفصحى، أو اللهجة العامية المبسطة، وليست الغارقة في العامية، والتي سببت ارباكاً وحالت دون وصول فكرة العمل، فيما اسقطت العامل الكوميدي لدى البعض لاسيما استخدامهم «الافيهات» التقليدية والمتداولة بكثرة، ولكن في الاطار المحلي او الخليجي، غافلين عن أن مهرجاناً بضخامة «أيام الشارقة المسرحية»، والضيوف المسرحيين والنقاد الذين يقصدونه معظمهم من العرب، الذي كانوا حائرين عندما يضحك الجمهور.

ثقافاتنا المحلية

حول صعوبة اللهجة العامية، قالت الدكتورة زهرة إبراهيم من المغرب، لـ«الإمارات اليوم»، إن «اكتشاف تجربة المسرح الإماراتي من خلال أيام الشارقة المسرحية أمر في غاية الأهمية، لاسيما انها تجربة زخمة، إلا ان مشكلة اللهجة العامية المستخدمة كانت تشكل صعوبة على النقاد والمسرحيين القادمين من بلاد المغرب العربي».

وتابعت أن «اللهجة العامية المستخدمة كانت مغرقة في العامية، لدرجة ان بعض الإماراتيين أكدوا لي أنهم لم يفهموا بعض المصطلحات، كونها لهجة قديمة او ربما اختلاف اللهجات بين سكان الساحل أو الجبال، وأقصد هنا البدو والحضر والسرعة في الكلام، فكيف بنا نحن الذين جلسنا في المقاعد ولم نفهم شيئاً من الإفيهات التي كان البعض يضحك قبل أن يكملها الممثل».

وأوضحت «أننا نريد الحفاظ على ثقافاتنا المحلية والتي نعتز بها، لكن مثل هذا المهرجان، والأعمال المقدمة له، لابد ان تصل إلى العالمية، خصوصاً ان هناك جهداً واشتغالاً حقيقياً، لذلك يجب ان يكون هناك اشتغال مجازي على اللهجة العامة والمفهومة من قبل الجميع، على الرغم من أني لا أفضل اللهجة العامية حتى في مسرحنا المغربي، لأنها ستبقى في نطاق المغرب فقط ولن تخرج للعالم، إذ يجب ألا نقصي الثقافات المحلية، لكن يجب الاشتغال على اللغة العربية كأساس للأعمال والنصوص المسرحية».

من جانبه أكد عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت الدكتور فهد علي العبدالمحسن، أن «المسرح هو اجتماعي بامتياز هو ابن البيئة التي تضم دلالات والمسرح متشبث بها، إذ إن الأعمال المسرحية التي ترتبط بالعلاقات الانسانية الخاصة بالمجتمع يمكن أن تطرح باللهجة العامية ولا يجب اقصاؤها، اما اذا كان الطرح ذا طابع انساني عام فيمكن ان يكون باللغة العربية الفصيحة».

وتابع العبدالمحسن أن «المتلقي اذا شاهد عرضاً مميزاً يكفيه الانسجام والمتعة من هذا العرض، إذ إننا نشاهد عروضاً وأعمالاً عالمية بلغات كثيرة قد لا ندركها، ولكن متعة الفرجة تكون محققة في هذا العمل الذي يؤثر ايجاباً في المتفرج، لذلك لا يمكن أن يخرج النص عن بيئته».

تركيبة العرض

الفنان المسرحي القطري غانم السليطي، قال إن «لغة العمل المسرحي هي جزء من العمل نفسه ولا يجوز تجزئتها، فالعمل وحدة متكاملة، ويجب أن نلتزم بالقيم وتقاليد النص المسرحي المقدم، ولا نفرض عليه أي تدخل من الخارج أو نضيف شيئاً على بناء العمل الفني».

وتابع أن «الفن يجب ألا يفصل التمثيل عن المضمون ويجب ألا نتدخل في تركيبة العرض المقدم، حتى الكاتب نفسه بعد ان يقدم النص ليس له الحق في أن يتدخل في رؤية المخرج، لذلك أنا ضد الذين يثيرون موضوعات اللغة واللهجة والرؤية، مثل بعض المدرسين والأكاديميين».

إلى ذلك اعتبر المخرج المغربي المقيم في فرنسا هشام شكيب، أن «اللهجة المحلية ليست عائقاً أو مشكلة، لأن الصورة المسرحية مهمة ومرتبطة بعلاقتها بالرؤية الإخراجية للعمل، هناك عروض مهمة بلغات مثل اليابانية تقدم الدهشة للمتفرج من خلال تلك الصورة البصرية على خشبة المسرح».

وتابع شكيب «يجب أن نحترم لهجة العمل نفسها، لذلك انا مع استخدام اللهجة العامية اذا كان النص مرتبطا بالبيئة المحلية، إذ لا تستطيع ان تستبدل اللهجة بأخرى، لأن ذلك يتوقف على موضوع العرض المسرحي الذي بصدد معالجته».

لغة التوصيل

الفنان المصري أشرف عبدالغفور أكد «اننا عندما نقرب ونبسط لغة التوصيل يحصل تقارب بين الممثل والمتلقي، على اعتبار ان لغة التوصيل أساس في العمل، غير أني لا أفضل الاغراق في استخدام اللهجة المحلية، إذ من الممكن ان تكون اللهجة المبسطة التي يسهل فهمها».

لافتاً إلى أن «هوية العمل أمر مطلوب إلا ان بعض الأفراد في العمل الواحد تختلف لهجاتهم بحسب اختلاف مناطقهم، هناك شيء من الصعوبة للمتابع، لكن المسرحي المتمرس في العمل المسرحي لا يتوقف عند عقبة اللهجة، إلا في حالة الافيهات التي قد لا تصل إلى المتلقي، وهذا ما حصل معي شخصياً».

واعتبر المخرج الأردني والباحث المسرحي فراس ريموني، أن «القاعدة العامة في هذا الإطار هي اللغة العربية الفصحى، إذ إن جميع العرب لا يختلفون على هذه القاعدة، لكن الانحياز إلى اللهجات ضمن بعض العروض هي مسألة مهمة أيضاً، لأنها باتت جزءاً من هوية وثقافة كل بلد».

لافتاً إلى أن «اللهجة لم تكن يوماً عامل ارباك في مخاطبة العرض المسرحي لجمهور متنوع، خصوصاً إذا كان العرض المسرحي جميلاً ويقدم طرحاً فكرياً وله رؤية إخراجية جيدة، فاللهجة في هذا الاطار قادرة على خلق الدهشة لدى المتابع للعرض المسرحي، بل تحريك فضوله المعرفي نحو معنى هذا اللفظ».

موضحاً أن «اللهجة قد تكون عامل ارباك إذا كان طرح العرض المسرحي وبناؤه الدرامي ضعيفاً وغير متماسك، لأن هذا العرض غير الناضج يدفع الجمهور متعدد الهويات إلى مجرد مستمع للعرض، وبالتالي تضيع التفاصيل، ويتم التركيز على اللهجة».

تويتر