قصة تحدٍ ضمها البرنامج المجتمعي لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة

الطنيجي والغفلي يتحديان الإعاقة بالإبــداع

محمد الغفلي وزينب الطنيجي خلال حفل إطلاق كتابيهما. من المصدر

في بادرة إنسانية متميزة، شهد معرض ابوظبي الدولي للكتاب اول من أمس، توقيع كتابين لاثنين من ذوي الإعاقة، حيث وقع محمد الغفلي كتابه «للحياة مذاق آخر»، ووقعت زينب الطنيجي كتابها «ألوان الحياة»، الصادرين عن دار «كتاب»، في أمسية اقيمت في الخيمة تحت عنوان «قصة نجاح»، ونظمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ودار كتّاب للنشر.

وأشارت زينب الطنيجي التي تعاني مرض اضطراب التوحد، إلى ان كتابها «ألوان الحياة» يتضمن ذكريات من حياتها، وأحلامها ومعاناتها مع المرض، وكذلك رحلتها في مواجهته والتغلب على الوحدة القسرية التي كان يفرضها عليها، عبرت عنها جميعاً بكلماتها وأيضاً برسوم عكست الموهبة التي حباها بها الله في مجال الرسم.

وقالت الطنيجي إن الرسم كان بمثابة الوسيلة التي تكسر بها عزلتها القسرية، في البداية كانت تقضي ساعات طويلة أمام جهاز الكمبيوتر الذي استعاضت به عن التواصل مع المجتمع، بعدها بدأت ترسم بالقلم الرصاص، وكانت تقلد الرسوم التي في الكتب، واستمرت كذلك لمدة أربع سنوات قبل أن تقرر التوقف عن تقليد الرسوم الجاهزة وابتكار شخصياتها الخاصة، بعد أن ادركت المتعة التي يخلقها الرسم في حياتها، ومن خلاله استطاعت ان تواجه العديد من الصعوبات التي واجهتها في حياتها، وأن تحولها إلى رسوم ولوحات تزين كتابها، كما ساعدها على الخروج إلى المجتمع والالتحاق بالعمل ومواجهة الآخرين الذين طالما شكلوا مصدر خوفها الأول، وتعمل باستمرار من أجل اكتساب مهارات جديدة وتطوير موهبتها في مجال الرسم، حيث بدأت في تعلم الغرافيك والعمل على البرامج المتخصصة في الرسوم.

«للحياة مذاق آخر»

أشار محمد الغفلي الذي يعاني إعاقة بصرية، ويعمل في هيئة تنمية المجتمع بدبي، إلى ان كتابه «للحياة مذاق آخر»، يمثل طرحا جديدا يضيف إلى محطات حياته، وهو يمثل سردا لسيرته الذاتية كتبت بطريقة درامية متسلسلة تساعد القارئ على الدخول إلى عالم المكفوفين دون نظارات سوداء أي دون نظرات شفقة أو ألم. لافتاً إلى ان الكتاب يتناول مراحل متعددة من حياته تبدأ من الطفولة المبكرة، ومعاناة اسرته عند اكتشاف ان ابنها البكر فاقد البصر، وهي تجربة صعبة، خصوصاً أن لديه أخاً آخر أصغر منه كفيف أيضاً هو الإعلامي أحمد الغفلي في تلفزيون الشارقة، حيث كان لأسرته دور كبير في دعمه وتشجيعه على التغلب على اعاقته. ثم ينتقل إلى مرحلة الدراسة في مركز دبي للمعاقين والخروج من بيت الأسرة والفريج إلى مجال آخر، قبل ان ينتقل إلى المرحلة الثانوية والجامعية، وبعدها العمل في هيئة تنمية المجتمع بدبي موظفاً للعلاقات العامة.

وذكر الغفلي أن الكتاب يضم أيضاً مراحل أخرى من حياته من بينها تجربته في المسرح والإعلام، التي يوضح من خلالها للقارئ أن الكفيف يمكنه أيضاً ان يقف على خشبة المسرح ويقدم أعمالاً مميزة، خصوصاً انه حصل على جائزة في المهرجان الأول لمسرح ذوي الإعاقات في قطر ‬2008. وأضاف: «من المراحل المهمة التي حرصت على تضمينها الكتاب، ارتباطي بزوجتي، وهي كفيفة أيضا، لأعرض للقارئ تجربة الارتباط بين شخصين لديهما اعاقة بصرية، والصعوبات التي تواجههما في حياتهما، وكيف يتعاملان معها. ولذا حرصت على ان اهدي الكتاب إلى زوجتي كما جاء في المقدمة».

وقال الغفلي إن التقنيات الحديثة ساعدت ذوي الاعاقة البصرية كثيراً على القيام بالعديد من الأعمال. مبيناً انه بفضل اجهزة الهاتف الذكية يستطيع التواصل مع الآخرين عبر حسابه الشخصي على «تويتر» الذي يشير فيه إلى انه كفيف، ولديه الكثير من المتابعين من الأصحاء الذين لديهم فضول لمعرفة تجربته وكيف يستخدم الحساب، ويمارس حياته. وأجمع كل من الغفلي والطنيجي على دور الأسرة والأم تحديداً، في مساعدتهما على مواجهة إعاقتهما بايجابية، والخروج إلى المجتمع وممارسة الحياة بصورة طبيعية، وهو ما يحاولان توصيله إلى القراء عبر كتابيهما.

التزام مجتمعي

تأتي هذه الأمسية في إطار مبادرة مجتمعية لدعم المبدعين من كل فئات المجتمع، خصوصاً من ذوي الإعاقة، لتكون مثل هذه المبادرات فرصة لهم للتواصل ونشر إبداعاتهم، مثلما هي الحال مع محمد الغفلي وزينب الطنيجي.

وأشار مدير قطاع التسويق والاتصال في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة خالد هادي، إلى أن هذه المبادرة قد تكون أولى المبادرات المجتمعية التي تقدمها الهيئة الجديدة بعد اندماجها، وهي مؤشر إلى تبلور رؤية المؤسسة في ما يخص خدمة المجتمع، التي تشمل كل المبدعين الإماراتيين بمن فيهم الفئات التي قد لم تجد فرصتها بالاهتمام والظهور مثل ذوي الإعاقة، حيث يقدم الكاتبان قصصاً ملهمة، وهي دعوة لغيرهما من المبدعين الذين يجدون صعوبات في الوصول إلى قنوات تنشر إبداعهم وتدعمهم للمضي قدما والتواصل معنا.

وأوضح رئيس قسم الإعلام والاتصال سعيد حمدان، أن هذه الامسية تأتي ضمن الانشطة المجتمعية التي تتبناها الهيئة من منطلق التزامها بمسؤوليتها الاجتماعية، وهي جزء من سلسلة من الفعاليات التي تصب في الاتجاه نفسه، ومن بينها تنظيم زيارة لعدد من الكتاب والأدباء والشخصيات العامة المشاركة في معرض ابوظبي الدولي للكتاب إلى قسم الاطفال المصابين بالسكري في مستشفى خليفة، بهدف ادخال السعادة إلى قلوب هؤلاء الاطفال، ورفع روحهم المعنوية.

وأفاد حمدان بأن الهيئة قامت بتنظيم الامسية لزرع الثقة في نفسي محمد الغفلي وزينب الطنيجي، ومنحهما احساساً بأهمية ما قاما به، وأنهما لا يقلان اهمية عن غيرهما من الكتاب والمبدعين، وأيضاً لتشجيع غيرهما على القيام بالخطوة نفسها وتجاوز الاعاقة بمساعدة الإبداع والمواهب الكامنة لديهم.

لافتاً إلى ان الهيئة قامت بشراء ‬500 نسخة من الكتابين لتوزيعهما على الهيئات والمؤسسات والمسؤولين، وكذلك الجمهور.

تويتر