الثقافة.. أساس صناعة طفولة حقيقية
أكد كتّاب أن عالم الطفل لايزال بحاجة الى المزيد من الإصدارات، لأن الطفل مستهلك كبير، ولديه فضول لا يمكن أن يتوقف عند حد، مضيفين خلال ندوة «إشكالية الكتابة للطفل» التي عقدت أخيرا في قاعة ملتقى الكتاب ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي للطفل «أننا اذا أردنا صناعة طفولة حقيقية، فلابد أن يكون اساس هذه الصناعة أدب وثقافة وكتاب الطفل».
وقالت الكاتبة أمل عطا الله خلال الندوة التي أدارتها فاطمة عبدالله، ان «العالم العربي لايزال يعاني أزمة في الكتابة للطفل، على الرغم من أن الإنتاج تحسن خلال الـ50 عاماً الأخيرة، وعلى الرغم من هذا التحسن إلا أن ما يطبع لايزال دون مستوى الطموح».
وطرحت خلال الجلسة العديد من الإشكالات الأخرى التي اجاب عنها نيك توزيك وغاي باركر ريس، والتي دارت بين مشكلة انتاج كتب الطفل، ومشكلة فرز المنتج من كتب الطفل، في ضوء اسئلة اخرى تواجه تحديات صناعة كتاب الطفل في الشكل والمحتوى والفكرة والمستوى العمري.
وتطرق الكتاب المشاركون في الندوة الى مشكلة مصطلح أدب الطفل، وإشكاليات ما يكتب للطفل من أعمال أدبية مختلفة، وما يمكن ان يتم تحديده وتسميته أدب طفل: هل هو ما يكتب من الكبار للكبار عن الطفولة، أم ما يكتب من الكبار للصغار، أم ما يكتب من الصغار للصغار؟
توعية بالدراما اختتمت مسرحية «للماء لغة فصيحة» عروضها على مسرح مركز إكسبو الشارقة، ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الخامسة. وقال مخرج المسرحية والمتخصص في مسرح الطفل وفن الدمى عدنان سلوم، إن «الطفل الإماراتي أصبح اليوم أشد وعياً بالقضايا التي تحيط بمجتمعه، وحياته اليومية، وأنه يستجيب بشكل متميز لمحتوى الفعاليات التي تصب في هذا الاتجاه، إذ وجدنا الأعمال الدرامية تسهم إلى حد كبير في تقوية مناعاته الذاتية، وتعزز وعيه بطرق جديدة يتناغم فيها الجهد الإعلامي والمدرسي والتربوي لتحقيق الغرض ذاته، ولمسنا ذلك عندما عرضت المسرحية في أكثر من إمارة، بينها دبي والعاصمة أبوظبي، والشارقة، وتجاوز عدد جمهورها 3000 مشاهد، وسنعمل على صناعة المزيد من هذه الأعمال». أما الفنان والمسرحي والإعلامي محمد غباشي، الذي لعب دور الجد سالم في المسرحية، فأشار الى أن «الجد يمثل الأصالة في المجتمع، إذ يأتي من الماضي ليعطي الابناء الفوائد والعبر، ويوجههم بتطويع التقنية الحديثة في خدمة قضايا اللغة العربية والحفاظ على البيئة». من جهتها، قالت المنسق العام لمهرجان الشارقة القرائي للطفل هند لينيد «حرصنا على تنشيط وتفعيل دور المؤسسات والافراد للمشاركة في أهداف المهرجان، فتم الاتفاق على عرض هذه المسرحية التي تعزز في نفس الطفل الحفاظ على اللغة العربية والقيم البيئية المختلفة، بدءا من البيت، وانتشاراً في المجتمع، ونحن نعتقد من خلال ما لمسناه من التفاعل أن العمل أدى دوره في تعزيز محبة الطفل للكتاب، وغرس بعض القيم المهمة التي تجاوزت الطفل، ووصلت الى الأسرة والمجتمع». ويجمع «للماء لغة فصيحة» الذي يؤديه 10 فنانين بين هدفين، الأول المحافظة على المياه بصورة عملية، والثاني المحافظة على اللغة العربية باعتماد مواقف تفاعلية مع الطلبة والاطفال الحاضرين على خشبة المسرح نفسه، وبحضور عائلاتهم لتعزيز تنمية المفاهيم المتوخاة من المسرحية.
«للماء لغة فصيحة» تهدف الى توعية الأطفال بقضايا مهمة. من المصدر |
واستضاف المقهى الثقافي في المهرجان الذي اختتمت فعالياته أمس، جلسة بعنوان «تشكيل الطفل ثقافياً كيف؟» شارك فيها الدكتور هيثم الخواجة الذي أشار الى أن «الاهتمام بثقافة الطفل يجعله ناجحاً في حياته، ويبني شخصيته بناء سليماً، ويجعله قادراً على التعامل مع الواقع والتفريق بين الصحيح والخطأ، فعدم الاهتمام بالثقافة يخرج لنا طفلاً ضعيف الشخصية، جاهلاً، ذائباً في الملوثات والدخيل من الأفكار، وتراجع اللغة، وعدم القدرة في الاعتماد عليه في المستقبل، إضافة الى تبدد هويته الوطنية».
وأضاف «من المهم معرفة حاجات الطفل ودعمها قبل التوجه الى تنمية مهاراته الذاتية الإبداعية، فلابد على المعنيين بالطفولة الانتباه الى منح الطفل العطف، وإتاحة اللعب، وتعزيز التعليم بالتشويق، واستخدام الأفكار الهادفة الواقعية، وضرورة التعاون والتنسيق بين الوسط الثقافي الذي يحيط بالطفل ويكسبه مهاراته المختلفة مثل: البيت، والمدرسة، والكتاب، ووسائل الإعلام بأنواعها، وتحقيق تكاملية مضاعفة مع الجهات العاملة في ميدان الطفل للحصول على طفل مؤهل مبدع قادر على البناء ومواكبة الحضارة».
وضمن فعاليات المقهى الثقافي في المهرجان، وخلال ندوة بعنوان «تكوين ثقافة الطفل، حكايات الجدات بين الأمس والإنترنت»، قالت الإعلامية كريمة سالم السعدي إن «للجدة دورا كبيرا في تعزيز مجموعة من القيم التي تبني الجيل العربي، باعتبارها منظومة معرفية مجتمعية تراثية مهمة، وكان للأجواء السابقة قبل ثورة التقنية الحديثة دور في اجتماع العائلة، وإضافة جو من الحميمية يقوي مناعة الطفل من الحرمان، ويجعله محط اهتمام جميع العائلة، لاسيما الجدات اللواتي كن يغذينه بشتى صنوف المعرفة، ويبقى التواصل هو العامل الأهم في ذلك الاجتماع العائلي المتكرر».
وأضافت السعدي خلال الندوة التي أدارتها نعمات حمودة «لاشك في أن انحسار دور الجدة أفقد أبناءنا الكثير من من الفوائد المعروفة، ومنها أيضاً: تنمية مهارات الإصغاء، وحب اللغة، ومعرفة الذات، وأن من المهم على الجميع إعادة دور الجدة، التي انهمكت هي الأخرى في زحمة الحياة، تاركة الطفل لرحمة التقنية الحديثة، وعلى الإعلام أن يقوم بدوره في هذا الجانب، من خلال تنشيط دور الجدة، إضافة إلى اهمية البحث ـ بشكل مستمر ـ عن سبل جديدة تضمن للعائلة اعادة دورها التواصلي من جديد، إن اردنا جيلاً قوياً منتجاً قادراً على الإبداع».