«ومضـات من فكر»
«الربيع العربي»
لا يخلو أي مجلس في هذه الأيام عن الحديث حول ما يسمى بالربيع العربي وتداعياته على المنطقة. ورغم ابتعادنا في القمة الحكومية التي شاركت فيها عن أية مواضيع سياسية وتركيزنا على تطوير الخدمات الحكومية، أصر أحد رؤساء التحرير لدينا على طرح سؤال حول الربيع العربي ونظرتنا له، وذكر في سؤاله أني تنبأت بهذه الأحداث من قبل.
أذكر أنني خلال المنتدى الاستراتيجي العربي في عام 2004 وجهت كلاماً صريحاً للزعماء العرب، وقلت لهم إذا لم تجروا إصلاحات جذرية تمس المواطن، فستنصرف عنكم شعوبكم وسيكون حكم التاريخ عليكم قاسياً، وقلت لهم: غيروا أو ستُغيَّرون. لم أكن وقتها أتنبأ بالغيب، فالغيب لا يعلمه إلا الله، ولكن هي دروس التاريخ وعبره.
أذكر أني زرت بعض الزعماء العرب وصارحتهم بما يمكن أن يحدث، ومنهم من غضب وقال لي إن كل التقارير التي لديه لا تشير لذلك. فقلت لهم: مشكلتكم في تقاريركم، وأنا ناصح لكم، ليس لي أي مطمع عندكم، وليس لصراحتي أية حدود معكم، وكان هدفي مصلحة الشعوب العربية واستقرارها.
خاطبت بعض الزعماء وقلت لهم: أنتم جئتم بثورة، والآن أنتم بحاجة لثورة من أجل مواطنيكم. لا بد أن تعطوهم شيئاً، فالشعوب في النهاية تبحث عن الحياة الكريمة، ولا بد أن تصرفوا عليهم كل ما عندكم، وتبذلوا لهم كل ما تستطيعون. وكانت الحجة وقتها أنهم لا يملكون شيئاً، ولكن بعضهم كانوا يأخذون الأموال ويخفونها في دول أخرى، وظنوا أن الشعوب ستستمر في تصديقهم. بإمكانك أن تكذب على شعبك سنة أو سنتين، ولكن ليس أربعين سنة. والمصيبة الأكبر أنهم صدقوا كذبتهم، لأنهم أجبروا صحفهم وإذاعاتهم على ترديد الإيجابيات فقط. فصدقوها أنفسهم ولم يظنوا أن هناك أية مشكلة، لكن مع العصر الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي اليوم، ومع تكشف الكثير من الحقائق، ومع طول صبر الناس، انفجرت هذه الشعوب.
ما حكم التاريخ على زايد وراشد؟ كيف يذكرهما الناس اليوم؟ أنا أعرف الكثيرين ممن إذا تذكروا زايد وراشد دمعت عيونهم، هذا هو حكم التاريخ.
محمد بن راشد آل مكتوم
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news