دعا إلى الصمود في مواجهة «الردة الحضارية»
حجازي: مخططات «الظلاميين» في مصر لن تنجح
قال الشاعر المصري البارز أحمد عبدالمعطي حجازي، إن حملة الإقالات التي طالت قيادات وقيَم ثقافية تمثِّل واحدة من تجليات «عدوان» تيار الإسلام السياسي المتواصل على الثقافة ومؤسساتها في البلاد، مشدّداً على أن مخططات «الظلاميين» لن تنجح في إعادة مصر إلى العصور الوسطى.
وقال حجازي لـ«يونايتد برس إنترناشونال» امس، إن حملة الإقالات التي طالت قيادات وقيَم ثقافية، أخيراً «لم تكن فقط بهدف أخوَنَة وزارة الثقافة، بل تمثِّل واحدة من تجليات عدوان تيار الإسلام السياسي، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، المتواصل على الثقافة ومؤسساتها في مصر، وعلى التراث الحضاري في عدد من الدول العربية».
وأضاف أنه «لا يمكن فصل مسألة إقالة قيادات الثقافة في مصر عن محاولات الهيمنة على السلطة القضائية وإخضاعها للإخوان، والهجوم المتواصل على الإعلام الحُر بهدف القضاء عليه، حتى إن مرشد الإخوان وصف الصحافيين والإعلاميين بأنهم سحرة فرعون، وهو ليس نيلاً من الصحافة فقط بل يمثل اعتداءً على الحضارة الفرعونية».
حرب على القيم
أكد حجازي، أن «الحرب على القضاء والإعلاميين والصحافيين هي في جوهرها حرب على الثقافة»، داعياً كل أبناء الدولة المدنية في مختلف المجالات إلى الصمود في مواجهة تلك «الردة الحضارية»، والدفاع بقوة عن قيم المساواة والمواطنة وحقوق المرأة والحريات العامة.
وبدأ المئات من القضاة المصريين، أول من أمس، اعتصاماً مفتوحاً بمقر ناديهم بوسط القاهرة، اعتراضاً على اقتراحات تقدّم بها حزب «الوسط» الشريك في الحكم، لإدخال تعديلات على قانون السلطة القضائية يعتبرونه «افتئاتاً» على السلطة القضائية من جانب السلطة التنفيذية.
ورأى أن «الإجراءات التي اتُخذت وتُتخذ بحق الثقافة والمثقفين تأتي تحت عنوان أشمل، هو مُخطط وموقف جماعات الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص من الثقافة ومن الدولة المدنية بشكل عام، بهدف إحياء نُظم العصور الوسطى». وكان وزير الثقافة المصري علاء عبدالعزيز، اتخذ، خلال الأيام القليلة الماضية، قرارات بإقالة عدد من قيادات الوزارة، أبرزهم رئيس قطاع الفنون التشكيلية صلاح المليجي، ورئيس دار الأوبرا إيناس عبدالدايم، ورئيس الهيئة العامة للكتاب أحمد مجاهد.
وتزامنت الإقالات مع هجوم شنّه أحد النواب المنتمين للتيار السلفي في مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري) على فن الباليه، وطالب بإلغائه من مصر نهائياً، معتبراً إيّاه «فن العُري الذي يُحرِّض على الفاحشة».
نكرات المنع
قال حجازي، إن «من بين ملامح هدم الطابع المدني للدولة المصرية قيام نَكِرات بمنع المثقفين الكبار من كتابة مقالاتهم بالصحف القومية المملوكة للدولة واستبدالهم بنكرات»، مشيراً إلى منعه من الكتابة بصحيفة «الأهرام» إحدى أقدم الصحف في مصر والعالم العربي بعد ربع قرن من الكتابة.
واعتبر أن استقالته من رئاسة تحرير مجلة «إبداع» الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ومن رئاسة «بيت الشعر» التابع لصندوق التنمية الثقافية هي «استقالة من مؤسسة وليس استقالة من رسالة»، لافتاً إلى أنه سيواصل دوره في المحافظة على الشعر وعلى التعاون مع الشعراء.
ودعا المثقفين المصريين إلى «عدم الاكتراث كثيراً بأي نَكِرة، مقابل الاهتمام بمقاومة التوجّه الظلامي والأفكار الظلامية التي ترمي إلى دفع البلاد إلى الوراء، وإفقادها الطابع المدني التي بدأت منذ منتصف القرن الـ19 على يد رفاعة الطهطاوي، وأحمد لطفي السيد، واستمرارها مع محمد حسين هيكل، وعباس محمود العقاد، وطه حسين».
وأعرب عن اعتقاده بأن «ما حدث مع المثقفين والثقافة المصرية، التي تتمتع بالحضور عربياً ودولياً، كان مخططاً حدوثه في هذا التوقيت تحديداً لصرف النظر عما يحدث في سيناء، وعن قضية سد النهضة الإثيوبي، وعن المعارضة المتنامية للإسلام السياسي». وكانت الساحة المصرية شهدت أحداثاً عدة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث اختُطف سبعة جنود من صحراء سيناء (شمال شرق البلاد)، وعادوا سالمين يوم الأربعاء قبل الفائت بعد نحو أسبوع على اختطافهم، فيما يشعر الرأي العام المصري بقلق بالغ من إمكانية تعرّض مصر لخطر نقص حصتها من مياه النيل والبالغة 55.5 مليار متر مكعب بعد أن بدأت الحكومة الإثيوبية عملية تحويل مجرى النيل الأزرق (أحد رافدين رئيسين إلى جانب النيل الأبيض يشكلان نهر النيل) إيذاناً ببدء إنشاء سد «النهضة».
انتكاسة «الربيع»
رأى الشاعر المصري، أن «الربيع العربي تعرّض لانتكاسة حقيقية بوثوب قوى الإسلام السياسي وقوى الإرهاب على الأنظمة في الدول التي ثارت على أنظمتها وأسقطتها»، معتبراً أن «الإسلاميين وصلوا إلى السلطة لأنهم مثَّلوا القوى المنظمة الوحيدة في دول الربيع العربي».
وشدَّد على أن مَن سمّاهم «الظلاميين الذين حطموا تمثال عميد الأدب العربي طه حسين، وألبسوا تمثال كوكب الشرق أم كلثوم النقاب، وحطموا تمثال أبي العلاء المعري، لن يتمكنوا من دفع مصر والعرب إلى العودة إلى العصور الوسطى، وإلى قيَم القَبَلية الفكرية».
وأعرب عن تفاؤله بـ«عدم تمكُّن أعداء الدولة المدنية من تنفيذ مخططهم»، لافتاً إلى أن «الشباب المصري الواعي استطاع جمع أكثر من سبعة ملايين وثيقة لسحب الثقة من الرئيس الحالي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين (محمد مرسي)»، وإلى أن قُضاة مصر انتفضوا ضد محاولات السيطرة على القضاء، وبالقدر نفسه ينتفض الصحافيون والإعلاميون ضد إجراءات قمع الحريات وتكميم الأفواه.
وخلص الشاعر المصري البارز أحمد عبدالمعطي حجازي، الى القول، إن «كل ما يحدث على الساحة المصرية من مقاومة يُشعرني بالأمل بأن الثورة المصرية تمضي في طريقها الصحيح، وبأن الدولة المدنية ستستمر وتسقط مخططات إعادة مصر إلى العصور الوسطى».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news