«ظلال الاستهلاك» يحلل العواقب البيئية

عن مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة صدر كتاب جديد بعنوان: «ظلال الاستهلاك.. عواقب البيئة العالمية» للمؤلف بيتر دوفيرن، وترجمة مروة هاشم. ويتناول الكتاب العواقب البيئية للاستهلاك، ومدى تأثيرها في الصحة والسلامة العامتين، في عالم تفاقم استهلاكه وتصاعدت توتراته في العديد من النظم البيئية. ويعمد المؤلف إلى تحليل العواقب المباشرة للاستهلاك، عبر تجسيد تواريخ خمسة منتجات تمثل مدى واسعاً من الاقتصادات السياسية، وهي: السيارات، والبنزين حاوي الرصاص، والمبردات، واللحم البقري، وعجل البحر الأبيض (الفقمة). وتكشف التواريخ عن حقائق مثيرة، فعلى سبيل المثال تم تجاهل تحذيرات العلماء من عواقب إضافة مادة الرصاص إلى البنزين في العقد الثاني من القرن الـ‬20، كما توضح الأسباب الحقيقية التي تجعل الصين اليوم رائدة في مجال تصنيع المبردات الخالية من الكلوروفلوركربون.

ويكشف الكتاب سبب إخفاق العديد من الجهود الحالية في إدارة البيئة العالمية، فبدلاً من توفير الحماية للأنظمة البيئية، يسير التقدم البيئي في اتجاه نقل الأعباء إلى نظم بيئية ضعيفة، الأمر الذي يدفع بتكاليف الخراب البيئي نحو أراض بعيدة، ليعهد بها إلى الأجيال اللاحقة، وبينما تعمل بعض الدول على حماية مواطنيها واقتصاداتها، فإنها تزيح التكاليف البيئية إلى الغابات المطيرة الاستوائية، والمحيطات المفتوحة، والفضاء الجوي، ما يدفع العالم إلى حافة الانهيار.

يقع الكتاب في خمسة أجزاء إضافة إلى المقدمة، تتضمن ‬24 فصلاً، يتم خلالها تحليل مراحل تطور صناعة السيارات، والبنزين، والمبردات، ولحم البقر، والفقمات؛ وكيف يتم تربيتها أو صيدها، وكيف يتم استهلاكها، وتتناول الفصول عصوراً جغرافية متنوعة، وحقباً زمنية، وقطاعات، وهياكل حاكمة، واقتصاديات سياسية (بداية من الاستغلال الأدنى للمصادر الطبيعية في القرن الـ‬17 إلى درجات التصنيع القصوى في القرن الـ‬21).

ويوضح الكتاب أنه في كل حالة من الحالات الخمس، تقوم الإدارة البيئية بتحسين بعض الأمور؛ على سبيل المثال، كفاءة استخدام الموارد، وعمليات الإنتاج، وآثار كل وحدة على حدة، وإعادة التدوير. وتطرأ هذه التحسينات لأسباب كثيرة. فالتعليم يغيّر القيم المجتمعية، وتزداد اليوم مساحة المستهلكين الذين يقومون بإعادة تصنيع السلع (مثل الصحف والزجاجات)، وكذلك الحفاظ على الطاقة (مثل الكهرباء المنزلية)، وتتطور العادات لدى بعض المستهلكين (مثل التخلي عن معطف الفرو لأسباب أخلاقية أو بيئية)، وبرامج البطاقات البيئية (مثل بطاقات الأخشاب والمأكولات البحرية)، كما تتوسع الأسواق البيئية (مثل لحوم الأبقار العضوية).

يؤكد الكتاب أن الأدلة من الحالات الخمس التي يتناولها تُعد قاطعة: فالآثار البيئية تتغير، وتتضاءل، وحتى تتلاشى، لكنها تكشف أيضاً أن التقدم التدريجي في ظل الأشكال الحالية للإدارة البيئية الذي نشهده اليوم يفشل في الوقاية من ذلك الضرر الواقع على البيئة العالمية ويتعذر إصلاحه. ولا يتماشى التقدم التراكمي مع تأثير ارتفاع الاستهلاك في اقتصاد العولمة الذي يشهد أكبر نمو اقتصادي وارتفاع في عدد السكان من أي وقت مضى. وفي جميع الحالات، تميل العوامل الاقتصادية والسياسية القصيرة المدى إلى إبطاء سرعة التغيير، إلا أن هذا لا يعني وجود نمط معين من الاستهلاك في مكان معين لا يتغير بشكل ملموس لأسباب علمية أو سياسية أو قانونية أو بيئية أو صحية.

يذكر أن مؤلف الكتاب بيتر دوفيرن، أستاذ العلوم السياسية ورئيس برنامج كندا للبحوث في السياسات البيئية العالمية بجامعة كولومبيا البريطانية. كما أنه مؤلف كتاب «ظلال في الغابة: اليابان وسياسات الأخشاب في جنوب شرق آسيا» الصادر عام ‬1997، والحائز جوائز عدة، كما أن كتابه «ظلال الاستهلاك» حاز جائزة جيرالد إل. يينج بالمشاركة، لأفضل كتاب في علوم البيئة الإنسانية لعام ‬2009، التي تمنحها جمعية علوم البيئة الإنسانية.

أما مترجمة الكتاب مروة هاشم، فحاصلة على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة القاهرة، صدرت لها كتب «عبودية الكراكيب»، و«فن الحياة»، و«تقنيات الأداء المسرحي.. بناء الشخصية»، كما صدر لها عن مشروع «كلمة» المجموعة القصصية «ترجمان الأوجاع».

تويتر