«الكتـاب العـرب» يتصـدى لتشويه التاريخ
دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، د.أنور قرقاش، الأدباء والكتاب العرب إلى الوقوف بقوة في وجه محاولات تشويه وتزييف التاريخ العربي، والتصدي لهذه المحاولات، وعدم الاستهانة بها أو بأنفسهم أو كلمتهم، فالكلمة سلاح ماضٍ إن خرجت من قلب سليم في التوقيت السليم بأسلوب سليم. كما طالبهم بالتعمق في مشكلات بلادهم وظروفها الآنية، وتحليل اسبابها وتقديم معالجات لها على قدر الإمكان وبقدر المتاح من إمكانات والمتوافر من مواهب.
وأضاف قرقاش «في ظل هذا الواقع لم يعد التهويم في الواقع الافتراضي، أو السباحة في الخيال، على أهميتهما، مطلوبين وحدهما من الكتاب والأدباء»، لافتاً إلى أن الاجتماع يأتي في وقت لايزال يعاني بعض الدول العربية عدم استقرار أوضاعه الداخلية، وبعضها يواجه مشكلات تصر بعض الأطراف الداخلية والخارجية على فرضها عليه، إما لصرف الأنظار عما تعانيه هذه الأطراف من مشكلات، وما أوقعت فيه نفسها من مآزق، وإما رغبة في تعطيل مسيرة الدول الأخرى التنموية، ما أفرز واقعاً ملتبساً على معظم الأرض العربية من جهة، وفرض على الكتاب والأدباء العرب اتخاذ مواقف حاسمة وحازمة لجهة الحق والعدل ونصرتهما من جهة أخرى، مستنكراً ما يتعرض له الكاتب الفلسطيني، كما يتعرض له تراثه من محاولات للسرقة، وما يتعرض له التاريخ العربي عامة من محاولات للتشويه وللتزييف.
وأشار قرقاش في الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أول من أمس، في فندق روتانا الشاطئ في أبوظبي «لأن كتّاب وأدباء الأمة هم ضميرها اليقظ، وعقلها الواعي، وهم بصيرتها النافذة، ولأن التاريخ يشهد على الكثير من الكتاب والأدباء الذين قادوا بلادهم نحو التقدم، وفتحوا عيون شعوبهم على حقائق الأمور، وناهضوا الظلم، وفضحوا أكاذيبه، وكشفوا مؤامراته، فإن أمتنا العربية الآن أحوج ما تكون لأمثال هؤلاء».
إمارات الخير
عام السياب أعلن رئيس الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع ابوظبي، محمد المزروعي، في بداية تقديمه للأمسية، عن طرح الاتحاد خمسة شعارات لفعاليات «عام السياب»، وهي مبادرة يتبناها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وطرحها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وتقوم على اعتبار عام 2014 عام السيَّاب، بمناسبة مرور نصف قرن على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب (1926 - 1964)، على أن تقام فعاليات ثقافية وأدبية بهذه المناسبة في كل الاتحادات الأعضاء، وبالتعاون مع الأمانة العامة. وأوضح المزروعي أن الشعارات الخمسة تم توزيعها على الوفود المشاركة في الاجتماعات لمناقشتها واختيار واحد منها ليتم توحيده على كل الاتحادات العربية. لافتاً إلى أن تصميم الشعارات تم بدعم من دار الكتب الوطنية بهيئة ابوظبي للسياحة والثقافة، وقام بتصميمها الفنان الغرافيكي البحريني أحمد التاتان، ورسم صورة السياب الفنان البلجيكي العراقي، حمادي الهاشمي. وتقام اليوم ضمن الفعاليات المصاحبة لاجتماعات المكتب الدائم ندوة بعنوان «واقع وأفق الثقافة في الإمارات في عهد خليفة بن زايد آل نهيان» يشارك فيها عبدالعزيز المسلم، وعبدالله بن جاسم المطيري، ود.عارف الشيخ، وسعيد بن كراز المهيري، ود.فاطمة الصايغ، ود.محمد عبدالله المنصوري، وخالد علي العميرة، وتتوزع البحوث على محورين هما «الثقافة ـ من مرحلة التأسيس إلى مرحلة النضج» و«الثقافة ـ الحداثة والمعاصرة»، على أن تختتم الفعاليات مساء اليوم. |
قال قرقاش: «إماراتنا الغالية، إمارات الخير والعطاء، تؤمن قيادتنا الرشيدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى، بأهمية الكتاب والأدباء والمثقفين عامة، وبعظم الدور الذي يؤدونه في مسيرة التنمية، وتشجيع الإبداع والمبدعين، وما النهضة الثقافية التي تشهدها الإمارات، والتي يشهد بها الجميع، إلا نتاج هذه الرؤية وثمرة هذا التشجيع»، مشيراً إلى ان قيادة الإمارات تعد أنموذجاً لحرية الإبداع والانفتاح على ثقافات العالم أجمع، نتيجة لذلك أصبحت موئلاً للثقافة والمثقفين.
ودان وزير الدولة للشؤون الخارجية ما يتعرض له الكتاب والأدباء والمثقفون عامة في بعض الدول العربية من تضييق، داعياً إلى افساح المجال أمامهم للتعبير عن آرائهم، والاستماع لوجهات نظرهم، كما دعا هؤلاء المثقفين إلى التعبير عن آرائهم بحرية تستند إلى الموضوعية، وإعلاء مصلحة الأوطان والشعوب على جميع المصالح.
تهديد الهوية
شدد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، محمد سلماوي، على أهمية الاجتماع في ظل ما تتعرض فيه الهوية العربية لتهديد غير مسبوق، يتمثل في محاولة تحويلها إلى هوية دينية، ويتعرض فيه الكتاب العرب للتضييق والتعذيب وتكميم الأفواه، وهو ما يفرض على الكتاب العرب التصدي له بحزم، بالسعي لتعزيز الحرية وفرض مجتمع الديمقراطية ودولة القانون، مشيراً إلى أن الكتاب العرب كانوا في طليعة المنادين بالحرية وتكوين الدولة القائمة على الديمقراطية والمساواة والعدل، وعكست كتاباتهم الروائية والشعرية ما كان تتعرض له مجتمعاتهم من ظلم وجور وفساد، وقد دفعوا في سبيل ذلك أعمارهم ودماءهم.
وحذر الأمين العام مما يتعرض له الكتّاب العرب في بعض الدول العربية من محاولات لإذابة مؤسساتهم الثقافية والفكرية، وفي البعض الآخر يمنعون من تكوين كيانهم المعبر عن صوتهم، بينما تمنع حكومات دول أخرى عنهم الدعم الضروري لهم لتنظيم فعالياتهم، سعياً من تلك الحكومات للقضاء عليهم وتهميش دورهم، مؤكداً أن الاتحاد يبذل جهده لأن ينال الكتاب العرب في أوطانهم حقوقهم المشروعة لهم.
مواقف مضيئة
شدد رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حبيب الصايغ، على أهمية الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، باعتباره الأكثر حضوراً بين منظمات المجتمع المدني العربية، في زمن تفسر فيه العولمة بين قوسين، وتطبق فيه بشيء لا بأس به من الاستهانة والتسطيح، «ونحن، بما نشتغل وننتج، نمنع الآخر من التدخل في شأننا الداخلي، نقول هذا على الرغم من إيمان راسخ بمبادئ الانفتاح على الآخر، وقبول الآخر حتى في حالة الاختلاف»، لافتاً إلى أن الاتحاد العام دائماً له موقف من قضايا العرب المصيرية وعناوينهم الكبرى، فقد حرص في كل مرة، على الوقوف إلى جانب قضايا العدل والحق والحرية والمساواة، انتصر لكل كاتب تعرض لاعتداء أو اضطهاد، كما وضع في اعتباره حماية القيم، وأصر على تقديس المعنوي في محيط لم يعد يقدس إلا المادي بشراسة.
وأضاف: «نحن في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات إذ نثبت كل ذلك، ونشيد بقيادة الأمين العام للاتحاد العام، محمد سلماوي، باقتدار، نؤكد في الوقت نفسه، ونحن جميعاً نمتلك وعي أهمية اتحادنا، ضرورة إسهام كل منا في المزيد من التأصيل والتأهيل والتفعيل، نقص القادرين على التمام هو النقص عينه وقلبه لاشك، ونحن قادرون على تعزيز المنجز، كما على استكمال كل ملف ناقص، يتيح ذلك، كما لا يتاح لدى غيرنا، تواصل اجتماعاتنا والمثابرة عليها، الأمر الذي تحقق ويتحقق بدعم الأمانة العامة ودعمكم أجمعين».
تحديات مصيرية
توقف رئيس رابطة الكتاب الأردنيين، د.موفق محادين، في كلمة الوفود المشاركة في الاجتماعات التي ألقاها خلال الحفل، أمام عدد من الظواهر والتحديات غير المسبوقة التي تواجهها الأمة العربية حالياً، وتتجاوز هذه التحديات العادي والراهن العادي إلى ما يتعلق بمصيرها ووجودها نفسه، ما يضاعف من أهمية دور المثقف أكثر من أي وقت مضى، ومن هذه الظواهر: ظاهرة التكفير الثقافي والتطاول على الثقافية والوطنية القومية، والانبعاثات والاحتقانات الطائفية والمذهبية والجهوية والتحريض عليها في المنابر المختلفة، بالإضافة إلى خلط الأوراق والأولويات والتناقضات، وصنع حالة من البلبلة وانعدام الوزن واليأس وصولاً إلى موت مجاني.
ولفت إلى أن انسحاب العقل أو استقالته، والفراغ الثقافي والمقاربات المبهمة للمدارس والتيارات الفكرية والأدبية، والخلط المبرمج والساذج للمفاهيم (الليبرالية والديمقراطية مثلاً)، واختراق المثقفين بأجراس الشيطان المدوية، أو رشوتهم من مراكز الفوضى الهدامة، والثورات المضادة والبرتقالية، يرتب على الكتاب والأدباء والمثقفين مسؤوليات كبيرة وعسيرة في تقديم إجابات ملموسة وشجاعة، وبديلة، بحجم المرحلة وتحدياتها من أهمها إعادة الاعتبار للثقافة في الحياة العامة وللمثقف العضوي الملتحم بأمته وقضاياها ومصالحها، وإحياء ثقافة التنوير والعقل النقدي ومواجهة ثقافة الإقصاء والتهميش والتكفير والفرقة الناجية، والمبادرة إلى عقد مؤتمر خاص يلحظ دور المثقف، ويعيد ربطه بالمجتمع، من دون إسفاف، أو تبسيط شعبوي، ومن دون انعزال نخبوي.
ودعا محادين إلى عدم التساهل أو الانطواء إزاء معركة الديمقراطية والمجتمع المدني، وربطها بالقضايا العامة والعدالة، وبما يعمق الوحدة الوطنية ووحدة الدولة وسيادتها، وليس بتحويل هذه الديمقراطية إلى صندوق شر مفتوح، وذريعة لانفجار الدولة والمجتمع وتفكيكهما مذهبياً وجهوياً، مع ضرورة إعارة اعتبار للهوية القومية العربية كهوية ثقافية وجدانية جامعة، مقابل الهويات الفرعية أو القاتلة على حد تعبير الروائي أمين معلوف، وإعادة الاعتبار لقضية فلسطين كقضية مركزية تحدد العدو الرئيس للأمة، وهو العدو الصهيوني.
وشدد محادين على ضرورة إعادة الاعتبار للثقافة كفعل خلاق وتواصل نقدي مع الآخر، بعيداً عن الانبهارات والاستعارات الدونية، وعن الشطط الانعزالي، بدعوى الأصالة والخصوصية، وأهمية تقدم المثقفين واتحاداتهم عموماً، والاتحاد العام خصوصاً، لانتزاع دورهم ومكانتهم وقاماتهم المديدة، وصياغة خطاب ثقافي نهضوي مدني عربي يعول عليه في «قلب الظلام» ويشكل «خارطة طريق» ثقافية لكل مكونات الأمة.
سبق الحفل الرسمي افتتاح معرض للفنان السوري، حسن إدلبي، بينما اعقب الحفل أمسية شعرية شارك فيها الشعراء: الشيخ بن معاوية من موريتانيا، وسائد السويركي من فلسطين، ود.علوي الهاشمي من البحرين، ونورالدين بوجليان من تونس، ود.علاء عبدالهادي من مصر، وموفق محمد من العراق، وإبراهيم محمد إبراهيم وعلي الشعالي من الإمارات.