صاحب مشروع لإحياء تراث النغم في أمسية بـ «اتحاد كتاب»
مصطفى سعيد: كنوز مـوسيقية عربية ألقيت في القمامة
قال الموسيقي المصري مصطفى سعيد، ان هناك اتجاهات وآراء مختلفة في ما يتعلق بتطوير الموسيقى العربية، لكن المشكلة لا ترتبط بتعدد الآراء والاتجاهات، بقدر ارتباطها بعدم قدرة كل طرف على سماع الآخر، وتقبل رأيه، معتبراً ان بداية التطور المقترح للموسيقى ان نعرف ما لدينا بالفعل، ليس بغرض تخزينه أو تكراره، وان يعرف اصحاب النغم ان لديهم إرثاً يعد نواة لموسيقى يمكن أن تسمع في لقرون مقبلة.
ولفت سعيد خلال الأمسية التي نظمها اتحاد وكتاب أدباء الإمارات فرع أبوظبي بعنوان «قراءة نقدية معاصرة بين النقل والتأويل، الموسيقى العربيّة نموذجاً»، تلتها أمسية موسيقية، وقدم لها رئيس الهيئة الإدارية لفرع اتحاد الكتّاب في أبوظبي محمد المزروعي، ان الدول العربية ألقت بكنوزها الموسيقية في القمامة خلال فترتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي
وأشار سعيد الذي يتبنى مشروعاً لإحياء تراث الموسيقى العربية، من خلال مؤسّسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربيّة بلبنان التي يعمل مديراً لها منذ عام 2010، إنهم يقومون حالياً بجمع الأسطوانات القديمة لرواد الموسيقى العربية ومعالجتها كيميائياً وقمنتها وتوثيق بياناتها وبيانات أصحابها.
تطور
عبدالوهاب والغرب عن موسيقى الفنان الراحل محمد عبدالوهاب وتأثره بالغرب، قال الفنان مصطفى سعيد، ان «التأثر بدأ مع سلامة حجازي، وأكمل عبدالوهاب بعده، ولكن الأخير كان متمسكا بالتطعيم بين الموسيقى العربية والغربية، وهو ما يشير إلى ان تأثره بالموسيقى الغربية كان واعياً، مثل الشريف محيي الدين على العود، وسيد درويش في موسيقاه». يشار الى أن موهبة الفنان مصطفى سعيد، تتنوع بين الأداء المميز عزفاً وغناء على آلة العود ووضع ألحاناً ذات بصمة خاصة لعدد من كبار الشعراء. كما أسس سعيد (مواليد 1983) مجموعة أصيل للموسيقى الفصحى العربية المعاصرة عام 2003، وهو مدير مؤسّسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربيّة بلبنان، بالإضافة إلى كونه مدرّساً بالمعهد العالي للموسيقى بالجامعة الأنطونيّة بلبنان. |
استعرض الموسيقي الشاب الآراء المختلفة في التطور الموسيقى، ومن أبرزها الرأي الذي تبناه منظرو الفكر في القرن الـ19، الذي يقوم على أن أوروبا هي باعث الحضارة «ولولا وجودها في المنطقة العربية ما كانت المنطقة ترى النور، ولا سبيل لنا للحاق بركب الحضارة، إلا إذا تشبهنا بأهلها في كل شيء. في المقابل هناك رأي آخر تبناه عدد أقل كان يرى ان المنطقة العربية في حالة تخلف، لكن اللحاق بركب الحضارة لن يكون عبر التقليد، وان نطبع انفسنا وفكرنا بطابع آخر. في حين ذهب رأي ثالث إلى انه لا ضرورة من الأصل للحاق بالحضارة، وأن علينا ان نعود إلى السلف ونقتدي به، هذا التعدد في الآراء لم يكن هو المشكلة، لكن تشبث كل فريق برأيه ورفضه رأي الآخر أدى إلى عدم قدرة العالم العربي على الوصول إلى حل وسط، وان يستمر في مكانه نفسه دون تطور».
وأوضح ان «تلك الجدلية أثيرت في أوروبا ذاتها في القرنين الـ12، والـ13، وإذا ما كان يجب ان تستفيد من الحضارة العربية وتكمل عليها حتى تطور نفسها، أو تنسخ الحضارة العربية لتصبح مثلها تماماً، أو تبتعد عنها بالكامل، الفراق بين الحالتين ان كل فريق في أوروبا كانت لديه القدرة على سماع نظيره، ما ادى إلى ان قادت أوروبا ركب الحضارة حتى يومنا هذا».
وأضاف مصطفى سعيد، الذي يعمل مدرّساً في المعهد العالي للموسيقى بالجامعة الأنطونيّة بلبنان منذ عام 2006، «قامت جهود تطوير الموسيقى العربية في القرن الـ20 على استيراد أساليب تتفق مع الموضة السائدة من وقت لآخر، مثل الموسيقى العسكرية أو الأوبرالية أو الفرانكوآراب أو موسيقى البيتلز وغيرها، لكن الأمر لا ينصب على استحضار الموضة وتطوير موسيقانا عبرها، فكثير من دول العالم لديها تقليد موسيقي يدل على هوية الشعب، ويمثل التقليد الموسيقي الفسيح لهذه الأمة، وإلى جانبه غالباً ما تكون هناك تقاليد أخرى تأخذ درجة الثناء والاهتمام نفسها، تستحضر فيها تقاليد الدول المجاورة الموسيقية».
وتابع «نجد في أوروبا الموسيقى مثل تيار، بعضه امتداد للآخر، دون ان يمنع ذلك ظهور موسيقى مختلفة كالفرانكوآراب والجاز وغيرهما، أما لدينا نجد امتداداً فصيحاً من ابن سريج للموصلي ويحيى الكاتب والفارابي وابن سينا والصيداوي والصفدي والحامولي ومحمد عثمان، إلى آخر الاسماء التي توارت في القرن الـ20، وانحصرت في التقاليد الدينية، وفي الثلاثينات بات هذا التيار خارج نطاق السمع، وأقصي بشكل متعمد، ثم تحول إلى موضع سخرية في السينما والإذاعة، في الوقت الذي اصبحت موسيقى وأغاني فترة الستينات والسبعينات تمثل الإرث الذي يمتلكه طلال المعاهد الموسيقية حالياً».
ولفت سعيد إلى ان من أسباب اعتناق المثقفين العرب في فترة الأربعينات فكرة التجديد عبر الاستيراد من الغرب اهتمامه بالتعبيرية واعتقادهم ان الموسيقى العربية غير قادرة على استيعاب التعبيرية، وهو اعتقاد غير صحيح، فالعرب عرفوا التعبيرية من خلال محاكاة اصوات الطيور والحيوانات باستخدام الآلات الموسيقية، كما يظهر في رسائل إخوان الصفا، وربما عرفها اليونانيون قبلهم. واعتبر ان هناك خطاً يمكن الاستفادة منه إذا اردنا إعادة إحياء وتطوير الخط الفصيح في الموسيقى العربية، فهناك تقاليد مشتركة مع في المنطقة مع دول غير عربية مثل تركيا وإيران، وهناك أيضاً تقاليد تم إغفالها تماماً، ويمكن الاستفادة منها مثل النهمة في الخليج، والسامري في نجد، والدحية في الحجاز، وهي تصلح لان تكون تقليدياً محلياً فصيحاً بامتياز.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news