19 عملاً اكولاجياًب لهاتي بيدر في معرض بدبي
«خوش بــــوش» بيروت.. مدينة مترعة بالألـــوان والتناقضات
اختارت الفنانة البريطانية، هاتي بيدر، التعبير العامي الذي يستخدم في بلاد الشام «خوش بوش» عنواناً لمعرضها، الذي خصصته للعاصمة اللبنانية بيروت، وافتتح، أخيراً في «موجو» غاليري بدبي.
«خوش بوش» التي تعني العلاقات التي تخلو من العوائق والتكلف، تعد ترجمة فعلية للأعمال التي نقلت من خلالها بيدر الواقع اللبناني، إذ جسّدت عبر الأعمال الكولاجية تفاصيل هذا المجتمع المعقد التركيب، والمترع بالتناقضات. هاتي بيدر، التي عملت على مدن عدة قبل بيروت، نجحت في ملامسة واقع مدينة يحترف أهلها العيش بفرح على الرغم من كل الأزمات التي تواجههم.
ولدت هاتي بيدر في بريطانيا عام 1969، وتقيم حالياً في دبي. تهتم بالأعمال التي تعتمد على الرصد والسرد، فهي تستلهم إبداعها من الناس وأنماط الحياة والاختلافات الثقافية. تسافر هاتي كي تستكشف المدن، وتعيش بها لفترة بحثاً عن مصادر ومواد جديدة لفنها، فتقرأ ما تجد، وتفسّره بأسلوب يقوم على المزج بين وسائط عدة. أما أعمالها فتتسم بالحيوية والألوان الكثيرة والخيال. قدمت مجموعة من المعارض في دبي وأبوظبي، ومنها: االمستشرقون الجددب في أبوظبي، ومعرض افتاة التقويمب، ثم بدأت أعمالها عن المدن فقدمت «قلب بهيجب عن مدينة فرانكفورت الألمانية، ثم اجاكس مومباي» عن مدينة مومباي. |
تقدم الفنانة البريطانية من خلال معرضها الذي ضم 19 عملاً، ويستمر حتى 31 أكتوبر، بيروت بكامل تناقضاتها الناجمة عن التنوع الطائفي والتركيب السياسي والاجتماعي، فتبرزها مدينة تبث أجواء الفرح والأحلام، ثم لا تلبث أن تعود وتبرزها مدينة تبعث على الإحباط او الكآبة، نتيجة أحوالها المتقلبة والفوضى العارمة التي تميزها. اما اجتماع التعقيد مع الفوضى فدفع هاتي إلى التحري عن الصراع بين المجتمع وهويته، أو بالأحرى البحث عن وجود هذه الهوية من الأساس، فهذا النوع من البحث يعد مسألة أزلية ترافق المدن التي تعاني الانقسامات الداخلية. كل هذه الأمور تجعل هذه المدينة المفعمة بالحياة (بيروت) تبدو وكأنها تعاني انفصاماً في الشخصية. يلفت في أعمال هاتي بيدر تفكيك واضح لصورة هذا البلد، تغوص في تفاصيله الحياتية، التي تبدأ من مشهد على الرصيف وسيارة أجرة تقل الركاب، ونساء يدخن «الشيشة» في المقاهي، لتنتقل بعدها إلى العلاقات بين الناس. هذا التفكيك ليوميات البشر تقدمه الفنانة البريطانية في صورة ملهمة مستندة على الوسائط المتعددة التي تكونها بطبقات فوق بعضها بعضاً، فتروي من خلالها قصص الوجوه وأساليب حياة تجعل المدينة التي شهدت كثيراً من الحروب صاخبة بالأمل. أما الألوان التي تستخدمها هاتي لعرض الأعمال فكلها حيوية تدعو للفرح، لذا يخيل إلى المتلقي في البداية بأنه سيرى صورة مبهجة عن هذه المدينة، ثم لا تلبث أن تطفو على السطح مشكلات اجتماعية وتنظيمية في مدينة تبدو نساؤها مهووسات بعمليات التجميل والعلامات التجارية، وسكانه يعانون الفوضى وغياب التنظيم، بينما تبرز مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، مشكلة يومية عند هذا الشعب. هذا الأساس المتزعزع الذي تشوبه كل هذه التناقضات والمشكلات هو الذي يبث عند أهل هذه المدينة الصمود في وجه كل الصعاب التي تحملها الحياة في هكذا مدينة، والقدرة على العيش بأمل دون التفكير في هذه المشكلات أو تحويلها الى أرق يومي. وقالت هاتي بيدر عن معرضها لـ«الإمارات اليوم»: «لقد قمت بالعديد من المعارض عن مدن متعددة، وكان معرضي السابق عن مدينة مومباي، واليوم اخترت بيروت، لأن هذه المدينة تحمل الكثير من الألوان والحياة، وكذلك الغرابة في أسلوب حياة أهلها، لاسيما أنها غنية بالتنوع والتناقضات، لذا حاولت أن أظهر هذه التناقضات بين الواقع الصعب وحب أهلها للحياة». وأشارت إلى أنها بدأت بالعمل على بيروت، بعد أن زارتها أكثر من مرة، وجلست مع لبنانيين، لتفهم عمق الحياة في هذا البلد، وكذلك كي تعرف كيف ينتهجون أساليب العيش، معتبرة أن الملاحظة والرصد هما الأساس في عملها، ولهذا تعمقت في كل التفاصيل الاجتماعية والسياسية، بهدف مقاربة الواقع بتورية من دون الحاجة إلى الاتجاه للأسلوب المباشر في العمل، كونه يخفف من حدة الإبداع أحياناً، على حد تعبيرها. وشددت الفنانة البريطانية على أنها استخدمت النيون في اللوحات، ولهذا بدت الألوان قوية وواضحة، إضافة الى الألمنيوم والمعادن والمرايا. واستغرق تحضير المعرض ما يقارب السنة، في حين أن اختيارها لاسم المعرض أتى نتيجة حبها لهذه الكلمة التي وجدت فيها كثيراً من المرح، وكذلك كونها تعبّر عن العلاقات. أما اختيارها المدن أساساً لمعارضها، فاعتبرته من الأمور التي تتطلب زيارة البلد والتقصي والبحث ومعرفة المكان عن كثب، مشيرة الى أنها عاشت أياماً جميلة في بيروت، لاسيما على الشاطئ. أما المنطقة التي أحبتها فهي وسط بيروت، إذ اجتذبتها طريقة عيش النساء اللواتي يخرجن، ويعطين الوقت للحياة الخاصة والاستمتاع بـ«الشيشة» بالقرب من الساعة التي تتوسط ساحة وسط المدينة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news