«علامات فارقة».. لوحــات الصمـودي تواصل الحياة

في التفاتة تقدير لتراثه الفني الغني، استضافت إدارة متاحف الشارقة ضمن فعاليات الدورة الرابعة من المعرض السنوي «علامات فارقة»، أعمال الفنان التشكيلي السوري الراحل عبداللطيف الصمودي.

وكان الصمودي رحل تاركاً نتاجاً إبداعياً وحالة استثنائية تختزن مكنونات ومفردات بصرية حول روح الفن الشرقي وخصوصيته، التي تتماهى مع المفاهيم الجمالية المعاصرة التي وسمت تجربته منذ بدايتها، ما يضيف أهمية أخرى للمعرض.

ولأن الصمودي بذل الكثير من وقته وجهده في العمل ضمن فريق متحف الشارقة للفنون منذ تأسيسه وإلى حين رحيل الصمودي، يحاول معرض «علامات فارقة» أن يسلط الضوء على الأسلوب الفني الفريد والمتميز للفنان، كما يتيح الفرصة للمهتمين للاطلاع على التجربة الثقافية للصمودي، التي تعد تجربة ثقافية ثرية عكست حالة من الحب المتبادل والانسجام ما بين الفرشاة واللون والمكان.

أعمال الصمودي المعروضة حالياً في متحف الشارقة للفنون، تزخر بالتكوينات اللونية المشكلة لتراكيب ورموز زخرفية أساسها اللون الطاغي على اللوحات، فهناك تدرجات لونية مرسومة بحس مرهف ومشاعر جياشة، تكاد تنطق بها اللوحات عبر التوزيعات اللونية المتقنة، بهذه الكيفية أنتج الراحل أعمالاً متوهجة بتلك اللمسة الفنية القادرة على إحياء اللوحة الساكنة عبر بث الكثير من روحه في تلك الأعمال، حيث لا تخلو أعماله من إشاعة العاطفة من خلال البهاء اللوني ورهافة الخطوط وقدرتها على الانسجام والتعبير، فضلاً عن المخيلة الخصبة التي من خلالها خط إبداعاً استمر في حياته ولن يتوقف في لوحاته بعد رحيله، عبر تفاصيل دقيقة حملتها لوحاته النابضة بالحياة من خلال رسم دقيق وآخر بسيط في شكله عميق في محتواه الفلسفي.

زخارف ونقوش وشخوص تعكس حالة الفنان الإبداعية، وتنوع في الخامات المستخدمة خلقت صوراً مختلفة تباينت في الجزئيات المكونة للعمل الواحد، واعتمد الصمودي على الرسم بواسطة الأكريلك على الورق والألوان الزيتية على القماش، والمواد المختلفة على الورق ليبدع في الكولاج ما بين لون وقلم وبقايا قصاصات ورق وطوابع بريدية ربما حملت له رسائل من بعيد.

كانت أعمال الصمودي غنية باللون والعناصر التكوينية التي توحي بالزخارف الإسلامية المتعددة، وتأخذ حيزاً في اللوحة لتخرج وكأنها سجادة شرقية، إذ كان يعلق لوحاته من دون إطار ليكمل ما يود إيصاله إلى المتلقي.

إلى ذلك وصف الدكتور يوسف عيدابي الراحل الصمودي بأنه فنان التغيير، قائلاً «كان فناناً في كل شيء وبلا نظير، لكنه كان يشبه المشروع الثقافي والفني الذي تكرست له الشارقة وأخلص له الفنان، ثمة موسيقى وألحان ومعزوفات وهارمونية تأتينا من أعمال الصمودي ومصوراته وكولاجه وخلاصاته التشكيلية».

المتفرج على أعمال الصمودي يدخل بشكل تفاعلي سريع مع الفنان في أحواله وحالاته الشعورية والنفسية والاجتماعية وجمالية فكرية من نوع التقمص والانجذاب والاستغراق، في أعماله ثمة ما يضيف به الصمودي نوعاً من الصوفية وشغف المناجاة وحالة وجد ونزوع روح، خصوصاً في أعماله الأخيرة المأخوذة بالفنون الإسلامية الشرقية.

قدم الراحل الصمودي أعمالاً ذات قيمة إبداعية، خصوصاً أنه اشتغل بالمنمنمات، إضافة إلى تعامله ببعد عميق مع اللون، ما جعل لوحاته، بحسب الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي، «تتصف بمعان عدة، منها الشعرية والرومانسية، جامعاً بين الزخرفة والتجريد، ولذلك يجد المشاهد نفسه أمام الحركة التي تتشكل بصمت وتحكي فناً بصرياً حساساً لهندسة الضوء والظل بعفوية».

الصمودي قدم أعمالاً مشحونة بطاقات روحية حركية، إذ إن بنية الشكل التي اتخذها في أعماله أصبحت بمثابة موسيقى بصرية اكسبت اللون والشكل والأرضية طاقات وخصائص ومعاني إبداعية ممتعة، واعتمد في أعماله على أشكال وعناصر ورموز قائمة على تقسيم مساحة اللوحة إلى أجزاء متتالية لا تتعدى المربع والمستطيل والدوائر والخط المستقيم، كما تخلى في استخدامه اللوني عن الظلال، ليظهر العمق عن طريق تتابع مستويات العناصر.

أما الفنان التشكيلي إسماعيل الرفاعي فاعتبر أن تجريدات الصمودي أو مشخصاته، هي نوع من بنية حلمية تخيلية مبتكرة، تسوق في نسيجها الأولي جملة من الرموز والدلالات التي لا يمكن فك شيفرتها إلا إطلاق الروح واستسلام الحواس للحالة الآسرة التي تشيعها.

وتابع أن «ما يميز أعمال الصمودي هو غنى المفردات البصرية، وتعدد الايقاعات اللونية، والزخم المتوزع في تلك الأعمال، والتي جاءت نتيجة لإشباع الروح والعين والمخيلة بالمكونات الجمالية التي أحاطت به، كما أن هناك أعمالاً ذات طابع تشخيصي، والتي برزت من خلال الجانب التعبيري لدى الصمودي، وقوة الرسم وقدرته على تدوير الخطوط وتشكيلها بما يعكس البنية الداخلية والعالم الروحي لعناصر اللوحة».

تجربة ثقافية

 

يحاول معرض «علامات فارقة» أن يسلط الضوء على الأسلوب الفني الفريد والمتميز للفنان، كما يتيح الفرصة للمهتمين للاطلاع على التجربة الثقافية للصمودي، التي تعد تجربة ثقافية ثرية، عكست حالة من الحب المتبادل والانسجام ما بين الفرشاة واللون والمكان.

الصمودي الإنسان

 

قال الفنان التشكيلي الدكتور عبدالكريم السيد إنه «برحيل عبدالطيف الصمودي فقدت صديقاً وفياً عزيزاً، كان الصمودي كريماً في منحه الخامات لأصدقائه، كريماً في مشاركته هؤلاء الأصدقاء بمعرفته، كانت له مكتبة كبيرة تضم العديد من الكتب القيمة ومصادر المعرفة في جميع المجالات، إذ كانت تلك المكتبة مفتوحة لكل من يزوره في مرسمه».

كان الصمودي يؤثر أصدقاءه، بحسب السيد، الذي أكد أن الصمودي عندما كان يسافر إلى الشام بسيارته التي كان يسميها «الخردة» يعود محملاً بالكتب والمجلات الفنية التي يوزعها على أصدقائه الفنانين، وبهذه الطريقة حصلت على جميع أعداد مجلة «الحياة التشكيلية».

رومانسية

 

قدم الصمودي أعمالاً ذات قيمة إبداعية، خصوصاً أنه اشتغل بالمنمنمات، إضافة إلى تعامله مع اللون، ما جعل لوحاته، بحسب الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي، تتصف بالشعرية والرومانسية. وقدم أعمالاً مشحونة بطاقة روحية حركية، إذ إن بنية الشكل لديه بمثابة موسيقى بصرية اكسبت اللون والشكل والأرضية طاقات ومعاني إبداعية ممتعة.

خبرة اللون

 

مدير إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة هشام المظلوم، قال إن «الصمودي كان شفافاً ومنفتحاً، ما انعكس على أعماله التي جعلت من السجاد والزخرفة فضاءً لأعماله بأسلوبه الخاص والحديث، فضلاً عن بحثه المتصل وتجاربه المتعددة، سواء في الفنون الإسلامية أو في تاريخ الفن وخبرته الفذة في اللون».

 

فنان التغيـــير

كان الصمودي، كما وصفه الدكتور يوسف عيدابي، فنان التغيير، وأضاف «كان فناناً في كل شيء وبلا نظير، لكنه كان يشبه المشروع الثقافي والفني الذي تكرست له الشارقة وأخلص له الفنان، ثمة موسيقى وألحان ومعزوفات وهارمونية تأتينا من أعمال الصمودي ومصوراته وكولاجه وخلاصاته التشكيلية».

أعمال الصمودي إضافة إلى كونها غنية باللون مملوءة بالعناصر التكوينية التي توحي بالزخارف الإسلامية المتعددة، وتأخذ حيزاً في اللوحة لتخرج كأنها السجادة الشرقية التي تخرج من عبق التاريخ الإسلامي والشرقي.

الأكثر مشاركة