«باب البراحة».. تفـــتتح مسرح الشباب
انطلقت، مساء أول من أمس، فعاليات الدورة السابعة لمهرجان دبي لمسرح الشباب، بمشاركة خمس فرق مسرحية، تم اختيارها من بين تسعة عروض مشاركة، بحضور عدد كبير من نجوم المسرح المحلي، ونخبة من ضيوف المهرجان الذي يمتد حتى 26 من الشهر الجاري.
وعلى خلاف ما جرت عليه الدورات السابقة، لم يكن الافتتاح الذي استضافه مسرح ندوة الثقافة والعلوم بدبي، عبر عرض مشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون، بل تم اختيار واحد من أهم الأعمال في مسيرة المسرح المحلي وهو «باب البراحة» الذي كتب نصه الفنان مرعي الحليان، وأخرجه الفنان ناجي الحاي، لكن عبر رؤية إخراجية جديدة استوعبت ممثلين من ذوي الإعاقة للمرة الأولى.
وتولى الفنان الشاب مروان عبدالله إخراج «باب البراحة» في عرضها الحديث، الذي أُسندت بطولته لأحد المصابين بإعاقة بصرية كاملة، وهو محمد الغفلي، الذي تخلى تماماً عن إعاقته على المسرح، في تجربة أدهشت الجمهور، من فرط حساسيته لأبعاد المسرح، ومساحات الخشبة، فضلاً عن الصعوبة الفنية المرتبطة بسعي الممثل إلى مفاجأة جمهوره عبر عمل لا يزال يحتفظ الكثيرون بتفاصيله الدرامية.
وبالإضافة إلى الغفلي شارك أيضاً من فئة ذوي الإعاقة الفنان عبدالله الصريم، مؤدياً دور «النوخذة»، في حين شهد «باب البراحة» في العرض الافتتاحي مشاركة الفنان الشاب أحمد مال الله، الذي سبق أن شارك مراراً في فعاليات المهرجان، سواء ممثلاً أو مخرجا، فيما أدت الدور النسائي الوحيد في العمل صائدة الجوائز المسرحية، بدور الساعي.
وخلافاً للمتوقع أيضاً لم يحاول عبدالله الذهاب بعيداً عن رؤية ناجي الحاي، بل بدا واضحاً أن هناك تعجلاً شديداً في الإلحاح على انضاج المحتوى الدرامي، على حساب تصاعد الحدث، دون أن نتوقع إقحام مفاجآت من خلال عناصر السينوغرافيا، فدارت الأحداث في مستويين على الخشبة، أحدهما بشكل مستطيل صيغ عبر ستائر مركز لرعاية المسنين يمثل البيئة الافتراضية للمسرحية، والآخر أكثر عمقاً ضمن أحد عنابر هذا المركز، في حين ظل الصراع قائماً بين ممرضة تسعى إلى الخلاص والعودة إلى عالمها ومحتجزيها من المسنين الذين يعيش كل منهم صراعاً مختلفاً مع ماضيه الذي يستدعي مآسي اجتماعية متباينة وذكرياتهم الأليمة.
العرض شهد تفاعلاً بين الجمهور وأداء الممثلين، ونالت مشاهد بعينها معظمها حمل إشارات كوميدية وإشادات عبر التصفيق، فيما احتاجت خشبة المسرح وقتاً طويلاً كي تعود إلى طبيعتها من أجل استثمارها في الاستعداد للعرض التالي، بعد أن أسدلت «باب البراحة» ستارها، بسبب إصرار حضور سواء من الفنانين أو الجمهور على تقديم التهنئة للممثلين، خصوصاً الغفلي والصريم، اللذين قدما مجهوداً كبيراً سَعَيا عبره إلى تقديم عمل يثبت أن المراهنة على افتتاح بعمل يشارك فيه مبدعون من ذوي الإعاقة، ليس مجازفة فنية.
ومن المقرر أن يمثل هذا العمل بكامل أسرته الدولة في مهرجان مسرح المعاقين في البحرين، الذي سينطلق مطلع ديسمبر المقبل، ما يعني أن هناك مساحة كافية لمزيد من التدريبات التي لم تنطلق حسب مروان عبدالله سوى قبل 45 يوماً، مؤكداً لـ«الإمارات اليوم» أن الوقت لم يسعفه للقيام بالكثير مما كان يخطط للقيام به في هذا العمل.
وبرر وجود فجوات في «باب البراحة» عن نظيرتها التي قدمها الحاي، بأن «الممثلين نسوا بالفعل مساحات كبيرة من الحوار، لكن ما يؤكد قدرتهم على إقناع الجمهور هو أن تلك الأخطاء لم تكن ملحوظة تماماً»، مضيفاً: «الممثلون قدموا مجهوداً رائعاً، والعمل مع هذه الفئة المبدعة ممتع ومثمر».
«الدمج» لذوي الإعاقة أفضل
أكد رئيس جمعية المسرحيين في الدولة، الفنان إسماعيل عبدالله، أنه لا تراجع عن فكرة عدم تخصيص مهرجان محلي قائم بذاته لفئة ذوي الإعاقة، ودافع عن تمسكه بفكرة إدماج الموهوبين مسرحياً من ذوي الإعاقة في أعمال مسرحية، واستثمار طاقاتهم لإثراء الخشبة المحلية بعيداً عن اللجوء إلى تصنيفهم وحصرهم في مناسبات سنوية محدودة.
وأضاف إسماعيل لـ«الإمارات اليوم»: «المسرح كما الحياة.. مفتوح للجميع، وهناك أدوار صالحة دوماً لكل فاعل فيها، ولا يمكن لنا أن نتصور فكرة أن التأطير يمكن أن يناسب مفهوم المسرح هنا، الذي يتطلع دائماً إلى الانفتاح، وإلى الآفاق الرحبة والأكثر عمومية».
ورحب عبدالله بأن يكون العمل الافتتاحي بمشاركة مبدعين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفاً «الخشبة هنا تستوعب الجميع».
أشرف عبدالباقي: أكتشف المتعة
الفنان المصري المعروف أشرف عبدالباقي الذي يحل ضيفاً على مهرجان دبي للشباب، ابدى سعادته بدعوته، مؤكداً أنه تحمس كثيراً لمتابعة مهرجان مسرحي، شاب، لا سيما في توقيتات يبدو فيها المسرح العربي عموماً في «ازمة». واضاف عبدالباقي لـ«الإمارات اليوم» «جئت للمهرجان متوقعاً أن أكتشف على خشبته متعة متابعة طاقات ومواهب واعدة، وعروض لا ينقصها الوعي».
هنا..مسرح
مدير القنوات التلفزيونية في مؤسسة دبي للإعلام، أحمد المنصوري، بدا ظهوره في أروقة مهرجان دبي للشباب لافتاً، وظن الكثيرون أن الأمر مرتبط بمتابعة نقل إحدى القنوات لفعاليات المهرجان عن قرب، قبل أن يتم الكشف على منصة الحدث أن المنصوري هو رئيس لجنة التحكيم في المسابقة الرسمية للمهرجان.
المنصوري الذي سبق أن أخرج العديد من الأعمال المميزة، أكد أن التحدي الحقيقي من أجل التطوير يبقى دائماً مرهوناً بقدرة الجيل الشاب، الذي يبقى الأكثر قدرة على المواءمة بين الحفاظ على الطابع الأصيل في شتى الفنون، وبين آليات التطوير والتحديث.
وجود المنصوري على رأس لجنة التحكيم مثّل رسالة واضحة بالنسبة للبعض بأن هناك ترشيحات لأدوار في دراما تلفزيونية تنتظر الأكثر تميزاً من بينهم.
الحاي حاضر.. والحليان غائب
افتتاح المهرجان بـ«باب البراحة» أحال مباشرة إلى مخرج العمل، ناجي الحاي، وكاتبه الفنان مرعي الحليان، قبل أن يتأكد الجميع أن العرض يشهد غياباً استثنائياً ونادراً للحليان، في حين أن الحاي كان حاضراً وتابع الرؤية الإخراجية الشابة لمروان عبدالله بشغف. الحاي الذي لعب دوراً كبيراً في استيعاب المهرجان لعرض يشارك به ممثلون من ذوي الإعاقة، مستثمراً انتماءه الوظيفي لوزارة الشؤون الاجتماعية، رفض التعليق «فنياً» على العرض، لكنه أكد في المقابل على روح التحدي التي تحلت بها أسرة «باب البراحة» الجديدة.
وأضاف الحاي «الحكم الفني يبقى شديد الصعوبة، خصوصاً بالنسبة للممثلين، لأن نص (باب البراحة) استثنائي، وصعب التمثيل». ورحب الحاي بحذر بفكرة اللجوء إلى أعمال سبق عرضها.
التزام ورؤية
أكد مدير إدارة المشاريع بهيئة دبي للثقافة والفنون، ياسر القرقاوي، أن «توجه الهيئة هذا العام نحو قبول النصوص المسرحية المكتوبة بالفصحى حصرياً، انطلاقاً من الالتزام برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، التي تحثنا على الاهتمام بلغتنا الأم ورعايتها وتفعيل حضورها في شتى المجالات».