75 % من حالات الإساءة الجنسية ضد المعاقين تتم بواسطة الأشخاص القائمين على تربيتهم

«الشارقة للكتاب» يوعّي بظاهرة العنف ضد الأطفال

صورة

لأنهم الأكثر تعرضاً للعنف مقارنة بأقرانهم الأسوياء، ولأن 75% من حالات الإساءة الجنسية ضد المعاقين تتم بواسطة الأشخاص القائمين على تربيتهم، حرصت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على إصدار كتاب أنشطة للأطفال في سن المدرسة يتناول حق حماية الأطفال بشكل عام و«المعاقين» من العنف الممارس ضدهم، وتوعيتهم بهذا الحق.

وفي جناح المدينة المقام حالياً في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته 32، عرض كتاب أنشطة للأطفال بعنوان «هيا بنا نتحدث عن الحياة في عالم فيه عنف» - حق الطفل في الحماية، للمؤلف الدكتور جميس جاربارينو، وترجمة جيهان الشرقاوي، يقدم صور ومظاهر العنف المختلفة باعتباره جزءاً من الحالة الانسانية لا يمكن تجاهله أو إنكار آثاره، لذلك عملت المدينة على ترجمة هذا الكتاب للحاجة الملحة الى مزيد من مصادر التوعية باللغة العربية.

خط نجدة الطفل

يعد خط نجدة الطفل 800700، مشروعاً إنسانياً في الشارقة، ويعتبر إحدى أدوات حماية الأطفال المعرضين للمخاطر أو الإيذاء بأنواعه، من خلال تقديم خدمة طوارئ هاتفية مجانية على مدار الساعة تتسم بسهولة الاتصال من كل مناطق الدولة، كما يمكن الابلاغ عن أي حالات تعرض للإيذاء السلوكي أو الجسدي ضد أي طفل. ويعمل في الخط فريق مدرب ومؤهل لاستقبال المكالمات والتعامل معها، وتحويل البلاغات الواردة للجهات المختصة إذا دعت الحاجة، إذ أنشئ الخط في 2007، وهو أول خط مجاني لحماية الأطفال في الدولة، وعضو في منظمات دولية، منها المنظمة العالمية لخطوط مساندة الأطفال.

عنف منزلي

معظم الأطفال يشعرون بالأمان في منازلهم، حيث يجدون الاهتمام والعناية من قبل والديهم، إلا أن بعض الخلافات التي تحدث أحياناً داخل محيط الأسرة قد تشكل نوعاً من العنف المنزلي الذي قد يحدث في منزل أي طفل في العالم سواء كان معاقاً أو سوياً، والمشكلة أن تلك الخلافات التي تحدث بين أعضائه قد تتفاقم وتتحول إلى جدال وشجار وصراخ قد يطال الأطفال أنفسهم، ما يعرضهم للأذى والخوف، وفي بعض الاحيان إلى التعنيف. هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى مساعدة، لأنهم لا يستطيعون وقف العنف في المنزل بأنفسهم.

ويتسم هذا الكتاب، الذي يستند الى أسس علمية متينة، بالبساطة في الطرح والطابع العلمي، إذ يمكن أن يستخدمه الأطفال والمختصون وأولياء الأمور، وكل من يسعى إلى مساندة الأطفال في مواجهة العنف بكل صوره وأشكاله، وهو نموذج جهد فريد ومميز لمؤلفه، إذ لا يوجد له نظير باللغة العربية.

يبدأ الكتاب بالنزول إلى الطفل وعالمه، من خلال تعريف الطفل نفسه وكتابة قصة عن نفسه، ثم يعرف معنى العنف على أنه قوة بدنية هائلة، واستخدام تلك القوة بخشونة قد يؤدي إلى الأذى، وكلمة استخدام تعني أن شخصاً ما يقوم بعمل ما ضد أحد، والعنف ليس فقط جسدياً، إذ هناك مقولة قديمة تقول إن العصي والحجارة قد تكسر العظام، ولكن الكلمات لا يمكنها أن تؤذي، الأمر الذي يخالفها الكاتب، فالكلمات يمكن أن تؤذي، ويسمى بالعنف اللفظي.

وتابع الكتاب أن الشعور بالعنف يبدأ من شعورنا بالغضب، إذ من المهم أن نعرف كيف نتعامل مع الغضب والأشخاص الغاضبين الذين يصرخون ويحاولون إيذاء الأشخاص من حولهم، وأحياناً نشعر بالخوف، وقد نشعر برغبة في الهروب أو الاختفاء أو إغلاق أعيننا أو سد آذاننا، وشيء طبيعي أن نخاف من العنف كونه إحدى الممارسات التي يمكن وصفها بالقبيحة.

الجميل أن الكتاب خصص مساحات فارغة ليتمكن الطفل المعاق من ملئها عبر التعبير عن مشاعره، والقصص التي مرت بحياته وكانت بها مظاهر العنف، كما قدم إجابات متنوعة حول الأسباب التي قد تدفع الأشخاص ليؤذوا غيرهم، منها أسباب مجهولة «دون سبب»، وأحياناً من شدة الغضب لا يهتم الناس بمن يتم إيذاؤه، وقد يرغب الناس في شيء ويؤذون الآخرين للحصول عليه، كما يعنف الأشخاص بسبب أفعال لا تعجب غيرهم ويلجأون للعنف ليحصلوا على اهتمام، كذلك عند شعورهم بألا أحد يهتم بهم.

ويعرف الكتاب المعاقين بطرق أخرى للعنف موجودة في عالمنا، منها العنف في الأفلام وألعاب الفيديو، وفي البرامج التلفزيونية وأفلام الرسوم المتحركة وفي الأخبار، كما هناك عنف في الجرائد والمجلات والكتب، إذ إن معظم مشاهد العنف في البرامج التلفزيونية التي يشاهدها الأطفال يكون العنف غير حقيقي، كما يحدث في أفلام الرسوم المتحركة التي يتظاهر فيها الأشخاص بإيذاء بعضهم بعضاً دون أن يشعروا بالألم، وقد شبه الكاتب العنف في ألعاب الأطفال بأمر يشبه تدخين السجائر لا يشعر الأطفال بأثره إلا بعد فوات الأوان، إذ لا يلاحظ كيف تجعل تلك الألعاب الطفل لديه قابلية للتفكير في أفكار عنيفة، والتصرف بعنف مع مرور الوقت.

الكتاب لم يغفل عن جانب مهم يشاهده الأطفال يومياً على شاشات التلفاز، هي مشاهد الحرب والارهاب، من هنا يتعرف الأطفال الى هذا النوع من العنف، سواء كان شاهداً على أحداث حقيقية للحرب والارهاب في بلاده أو مشاهد عنها تعرض في التلفاز، إذ إن ما يشاهده الأطفال هو نوع عنيف ومخيف يمكن من خلاله أن يتعرف الطفل الى العنف عن طريق فهم الحرب والإرهاب، كما أن الأطفال الذين يعيشون في أماكن فيها حروب يشاهدون العديد من المناظر المفجعة ويشعرون بالخوف، فبعضهم يصاب في الحرب ويتذكر هذا العنف طوال حياته.

بعض الأطفال يعيشون في منطقة فيها الكثير من العنف في الشارع، هناك عصابات تتبادل إطلاق الرصاص في الشارع ويصاب العديد من الناس وقد تبدو المنطقة كأنها ساحة حرب، لذلك تناول الكتاب هذه الجزئية، كونها واقعاً أساسياً موجوداً ومصدراً للعنف في بعض دول العالم. إن عصابات الشوارع لا تفرق بين طفل أو بالغ، إذ إن بعض الأطفال كتبوا قصصاً عرضها الكتاب يتحدثون فيها عن مناطق سكنهم التي لا يشعرون بالأمان خارج بيوتهم، لدرجة أن بعض الأطفال يخشون الخروج واللعب مع أقرانهم.

 

تويتر