نصيـــر شمـــة تنــقّل بعـــوده في البلاد وجـــاهــدة وهبة سـحــرت الجمهور
انطلقت، أخيراً، في الشارقة فعاليات مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، الذي تستضيفه القصباء، بالتعاون مع مركز فرات قدوري للموسيقى، في دورته الأولى التي تختتم اليوم، ويشارك فيها نخبة من الموسيقيين البارزين على مستوى المنطقة والعالم، منهم الموسيقار العراقي نصير شمة والعازف الباكستاني أشرف شريف خان والفنانة اللبنانية جاهدة وهبة، وعازف القانون العراقي فرات قدوري، وعازف غيتار الفلامنكو فيسنتي الليندي من تشيلي، والمغنية الأردنية مكادي نحاس، والمغني السوري أمير آدم، وعازفة الكمان والبيانو اليابانية هاروكا هوري، كما تشارك في المهرجان فرقة يوروبيان فيوجن.
شمة: ريادة ثقافية
أعربت الفنانة جاهدة وهبة، عن سعادتها بتنظيم الشارقة لمهرجان الموسيقى العالمية للمرة الأولى، وبوجودها في الإمارة، التي اعتادت تنظيم الفعاليات الثقافية وتميّزت بها، وتمنت أن يكبر المهرجان ويتطور ويأخذ مكانه بين أهم المهرجانات الموسيقية في العالم العربي، مؤكدة أن حفلها هذا هو الأول بعد وفاة والدتها أخيراً، لذلك أهدت أمسيتها الفنية الأولى في إمارة الشارقة إلى والدتها، التي وصفتها بكونها «جمهورها الأول»، الذي وقف معها وساندها منذ بداياتها الفنية. وقد خصت الفنانة وهبة جمهور مهرجان الشارقة بأغنية للشاعر السوري أدونيس، وصفتها بـ«القصيدة التي كُتبت في عتمة الحواس»، وحلّقت بها في الخيال بعيداً، قبل أن تحط من جديد على أرض الواقع مع أغنية أخرى. جاهدة.. أمّها «جمهورها الأول»
أعرب الفنان نصير شمة عن تقديره الكبير لتنظيم مهرجان للموسيقى العالمية في الشارقة، التي يوجد فيها نخبة من المثقفين في مختلف المجالات، مؤكداً أن المهرجان الذي تشارك فيها أسماء عالمية معروفة في هذا المجال، يكمل تجربة الشارقة الثقافية، التي تنظم نشاطات إبداعية نوعية، تشمل المسرح والكتاب والخط والفن التشكيلي، وهو ما يعزز من ريادة الإمارة الثقافية على مستوى المنطقة. |
وحضر الحفل الرئيس للانطلاق، الذي أقيم في مسرح القصباء الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، والمدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) مروان بن جاسم السركال، ورئيس دار الأوبرا المصرية إيناس عبدالدايم، وشخصيات فنية وثقافية، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام.
وأحيا الفنان العراقي نصير شمة، أحد أبرز عازفي العود في العالم، العرض الرئيس الأول للمهرجان، في حفلة استضافها مسرح القصباء، وشهدت حضوراً كبيراً من العديد من الجنسيات، الذين استمتعوا بواحدة من أجمل الحفلات الموسيقية التي تنقل فيها شمة بين تقاسيم مدهشة عدة على أنغام العود، مازجاً في بعضها بين الموشحات الأندلسية والمقامات الفارسية، ومترجماً من خلالها علاقته المميزة مع العود، رفيقه الوحيد في أسفاره وتنقلاته عبر بقاع العالم.
ورافق نصير في أداء مقطوعاته الموسيقية مصطفى حسين في العزف على الدرامز، ومحمد سيكا على البيز غيتار، وهاني البدري على الناي، وعمرو صلاح على البيانو، وسعيد كمال على الكمنجا، إلى جانب عازف السيتار الباكستاني أشرف شريف خان، حيث قدموا جميعاً عدداً من المقطوعات التي استمع لها الجمهور بإنصات كبير ولم يقاطعها بين المقطوعة والأخرى سوى التصفيق الحاد.
وأكد سلطان شطاف، مدير القصباء، أن مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية يمثل إضافة جديدة إلى أجندة الأحداث الثقافية والفنية التي تستضيفها القصباء، وتشكل إقامته للمرة الأولى فرصة لدعوة محبي الموسيقى الهادفة إلى زيارة هذه الوجهة الترفيهية والعائلية والتعرّف إلى معالمها ومرافقها، وفي الوقت نفسه متابعة العروض التي يقدمها نخبة من الموسيقيين البارزين في العالم.
وأوضح أن المهرجان يحظى بدعم واهتمام الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ويأتي في إطار توجيهاتها بتطوير الإمارة في مختلف المجالات، وإطلاق مبادرات جديدة تعزز الحركة السياحية وتثري النشاط الثقافي والترفيهي في إمارة الشارقة.
من ناحيته، قال فرات قدوري، مؤسس مركز فرات قدوري للموسيقى: «نريد للجمهور أن يستمتع بالمقطوعات الموسيقية التي يقدمها فنانون عالميون من بيئات ثقافية وأساليب فنية متنوعة».
وأنصت الجمهور إلى رنين أوتار العود وهي تفرح طرباً بأنامل نصير شمة، التي تداعبها بقوة رقيقة، ناسجة أمامهم لوحات فنية تحرّك أحاسيسهم وتبث فيهم الكثير من الحنين إلى أماكن وشخوص لم تفارق ذاكرتهم، لتنقلهم ألحانها تارة إلى الحارات الشامية، وتارة أخرى تأخذهم في جولة قصور الأندلس، أو تسهر معهم في مقاهي بغداد، ومع كل هذه التنقل بين جغرافيا الألحان، تواصلت الأنغام في الانسياب مازجة رومانسية اللقاء بحزن الفراق، وراسمة عشقاً لا ينتهي بين الفنان وجمهوره الذي أبى أن يفارق المكان.
وأبدع عازف السيتار الباكستاني أشرف شريف خان، في إمتاع الحضور بقدرته الفائقة على مغازلة أوتار آلة السيتار، مقدماً لهم فناً موسيقياً عالمياً، لا جنسية محددة له، فبدا كأنه يستخدم نبضات قلبه في الضرب على الآلة التي توارث عشقها عن والده، فتوحد خلفه المشاهدون والمستمعون ليتذوقوا فناً جديداً على بعضهم، لكن عذوبة ألحانه جعلتهم يألفون اللحن والآلة والفنان، ويمضون مع ثلاثتهم واحدة من أجمل الأمسيات.
وغير بعيد عن مسرح القصباء، الذي استضاف عرض الفنانين نصير شمة وأشرف شريف خان، شهد المسرحان الخارجيان في القصباء، عرضين منفصلين، الأول قدمته فرقة مركز فرات قدوري للموسيقى، التي تتخذ من القصباء مقراً لها، والثاني كان عزفاً منفرداً للفنان الكولومبي أليكس الكانتاني.
وأول من أمس، كانت نجمة ثاني أيام المهرجان الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة، التي قدمت مع فرقة «يوروبيان فيوجن» أمسية امتزج فيها الشعر بالغناء، واستهلت وهبة أمسيتها التي أقيمت على خشبة مسرح القصباء، وحضرها عدد كبير من الجمهور اللبناني والعربي، بواحدة من أشهر قصائد الشاعر اللبناني طلال حيدر «بس تمرقي بالنوم.. بيقولوا العرب أهلا»، وانتقلت منها إلى قصيدة «يطير الحمام» للشاعر الفلسطيني محمود درويش، ثم أعادت ذاكرة الحضور إلى أغنية أسمهان «يا حبيبي تعال الحقني شوف اللي جرالي»، فغنتها بصوتها الشجي، وأتبعتها بأغنية أخرى لبابلو نيرودا، الذي يطلق عليه في تشيلي «شاعر الحب والثورة»، تمردت من خلالها على مفاهيم الحب التقليدية وسحرت الجمهور.
وبصوت أوبرالي اهتز له المسرح إعجاباً، خصت الفنانة وهبة جمهور مهرجان الشارقة، بأغنية للشاعر السوري أدونيس، وصفتها بـ«القصيدة التي كُتبت في عتمة الحواس»، وحلّقت بها في الخيال بعيداً، قبل أن تحط من جديد على أرض الواقع مع أغنية أخرى من كلمات الشاعر طلال حيدر، صفق لها الجمهور مطولاً، فقررت مكافأة معجبيها بأغنية «عندك بحرية»، التي زادت حماسة الحاضرين، فواصلوا سهرتهم مع أغنية «جفنه علّم الغزل» لعبدالوهاب، التي شهدت تفاعلاً أكبر من الحاضرين، لتختتم حفلها بأغنية الأديب والشاعر الألماني غونتر غراس «لا تمضي إلى الغابة»، التي تعتبر من أشهر أغنياتها وأكثرها انتشاراً.
وضمت فرقة يوروبيان فيوجن (مجموعة أسامة عبدالرسول الموسيقية)، التي شارك أعضاؤها الفنانة في عزف الألحان، ستة من الموسيقيين المبدعين، يقودهم عازف القانون أسامة عبدالرسول، وعازف الكمان مروان فقيه، وعازف التشيللو بنسي هازار، وعازف الأكورديون فيليب توريو، وعازفيّ الإيقاعات سراج الموصلي ولوك بوش.
وعلى المسرحين الخارجيين في القصباء، استمتع الجمهور بحفلين منفصلين، أحيا أولهما الفنان السوري أمير آدم، وقدم فيها بعضاً من أشهر أغنياته التي ضمت «هالزينة»، و«عمر بحاله»، و«هلأ جيت»، فيما أحيت الحفل الثاني العازفة والمغنية العالمية أوكسانا أونكو التي قدمت أغنيات ومعزوفات غربية نالت إعجاب الحضور.
ويختتم المهرجان أمسياته اليوم بحفل على مسرح القصباء تحييه الفنانة الأردنية مكادي نحاس، ومجموعة الجاز الشرقي القادمة أيضاً من الأردن، ويسبق الأمسية الختامية حفلان في المسرحين الخارجيين تقدمهما فرقة مركز فرات قدوري للموسيقى وعازف غيتار الفلامنكو فيسنتي أليندي، من تشيلي.
كما استمتع الجمهور بالسوق الشعبية المصاحبة للمهرجان والمخصصة لبيع السلع والملابس التقليدية من كل أنحاء العالم، إضافة إلى الحلي ومجوهرات الأزياء والإكسسوارات، التي تفتح أبوابها يومياً بين الساعة الرابعة مساءً حتى منتصف الليل.