أداء متباين ونهاية صادمة لعرض مسرح العين في «الأيام»
«القبض على طريف» في الشارقة
عندما يكون الفساد راية يحملها النظام البوليسي والقانون الأمني في أي بلد، فإن النتيجة الحتمية لذلك الفساد هي ضياع الحقوق، وانتشار الظلم والبطش، وتعتيم الحقيقة، واستغلال السلطة في تغليب مصالح الفرد على المجتمع. تبقى حكاية السلطة والحكومات والفساد هاجساً لدى الفنان والمؤلف والمفكر، لذلك باتت معظم الأعمال الفنية تحاكي واقع المجتمع، وما تعيشه الشعوب من قهر وظلم في ظل حكوماتها الدكتاتورية، ويأتي العمل المسرحي «القبض على طريف»، لمسرح العين، الذي عرض أول من أمس، ضمن عروض أيام الشارقة المسرحية، ليسلط الضوء على ذلك البطش ممثلاً في الأنظمة البوليسية، التي كانت في فترة ما تشكل حالة من الخوف، بل الهلع لعامة الناس، جراء فسادها وجبروتها وتسترها خلف قانون فاسد لظلم الغير.
وتجسد مسرحية «القبض على طريف» حالة الخوف والرهبة، التي يغرسها رجال الشرطة بين أفراد المجتمع، والتي أراد أن يعكسها مخرج العمل، محمد سعيد السلطي، من خلال كسر الحاجز بين الجمهور والخشبة، فعرى حقيقة الخوف الموجود في نفوسنا من السلطة والأنظمة البوليسية.
تدور المسرحية حول شخصية طريف (الممثل ياسر النيادي)، التي رغم أنها الشخصية المحورية في العمل إلا أن ظهورها جاء بعد انقضاء نصف مدة العرض، فزاد الأمر من حيرة الجماهير التي اختلطت عليها مواصفات الشخصية، لاسيما أن فكرة العمل تعزز ذلك اللبس في الشخصية، من خلال تقديم مواصفات متباينة حول الشكل الخارجي لطريف، ليصبح كل شخص على خشبة المسرح مشكوكاً في أن يكون هو طريف الذي طال البحث عنه.
بدأ المشهد الأول للمسرحية بظهور صاحبة المنزل الذي يقطنه طريف (فيروزة)، التي أجادت الممثلة فاطمة حسن، تجسيد دورها، فهي شخصية مضطربة المشاعر، تارة تلين بمشاعرها وتعترف بحبها لطريف، وتارة أخرى تشكوه لرجال الشرطة بعد أن اختفى ولم يسدد ايجار الغرفة لأكثر من ثلاثة أشهر.
من هنا تتصاعد أحداث المسرحية لتصل إلى ذروتها، بعد ان باشر رجال الشرطة الفاسدين عملية البحث عن طريف، ليس من أجل فيروزة، إنما لخدمة مصالحهم الذاتية، فالأول يريد الحصول على ترقية والثاني علاوة مالية والآخر مكافأة ونياشين تعلق على صدره المجرد من الضمير، فصارت قضية طريف الشغل الشاغل لرجال البوليس، إذ تحولت من قضية عادية يمكن إنهاؤها وحلها بطريقة ودية إلى قضية مساس بأمن الدولة وسيادتها، فضلاً عن القضايا التي سجلت على الهامش من توزيع منشورات ضد الحكومة وتأليب المجتمع عليها، كل ذلك لاستغلال طريف في الوصول إلى أهدافهم غير الشرعية.تحولت الحياة الروتينية في المدينة إلى ساحة للبحث عن طريف، فالجميع مشتبه فيه، حتى الجمهور سلطت عليه إضاءة الشرطة في محاولة لإشراك الجمهور في العمل، كما تناقلوا مواصفات متباينة، ما ساعد في سهولة عملية القبض على كل من اسمه طريف وعيونه سوداء أو زرقاء أو حتى خضراء، أو من لديه شعر أو يضع شعراً مستعاراً أو ربما يشكو الصلع، فلم يسلم أي رجل في المدينة من بطش وظلم رجال البوليس، الذين قبضوا على معظم رجال المدينة، ليتمكنوا من الفوز بما يطمحون له ويلبي مصالحهم، لدرجة أنهم باتوا يلفقون التهم لطريف ليجعلوه متهماً خطيراً هارباً ومن يقبض عليه يكافأ.
ومع ظهور طريف الحقيقي لم يعرفه الجمهور، لأن التعميم الذي أشاعته رجالات الشرطة لمواصفاته أسهم في خداعهم، ومع أن طريف ظهر في السوق، وتحدث لأعوان الأمن، وجلس في المقهى الذي اعتاد الجلوس فيه، إلا أن أحداً لم يشتبه فيه، حتى عاد إلى منزل فيروزة، وطلب الزواج منها، وأعطاها المال المتأخر في سداده، بعد أن تمكن من تأمينه بعد أن باع أرضاً في قريته، وهذا كان سبب اختفائه.
ولأن رجال الشرطة يسعون وراء مصالحهم، كونهم قبضوا على معظم رجال المدينة، ما يزيد فرص حصولهم على المكافآت، فإن القبض على طريف الحقيقي لن يخدم تلك المصالح، فرأوا القبض على فيروزة وإخفاء الحقيقة وتعتيمها.
العمل المسرحي «القبض على طريف»، الذي هو من تأليف ممدوح عدوان، أقرب ما يكون إلى المسرح السياسي، الذي لا يحتاج لتجسيده كل ذلك الزخم من الديكورات والإضاءات الملونة والسينوغرافيا الجادة، بل إن المخرج لديه أدواته الإخراجية التي قد توصل الفكرة من خلال إيماءة أو تلميحة بسيطة خالية من التعقيد، أو مؤشر لفظي أو حركي أدائي من شأنه تعميق الفكرة، كما أن النهاية في العمل جاءت سريعة وغير متوقعة وصادمة.
تغير الزمن
رأى مشاركون في الندوة التطبيقية التي تلت العرض المسرحي، أن المسرحية كتبت في زمن سابق تغيّرت معه الآن كثير من الأفكار والممارسات، بحسب الدكتور فاضل سوداني، وأن ما ينطبق على ذلك الزمن لا ينطبق على زمننا هذا، ومسرح بريخت لم يعد حيوياً، ورأى أن المفارقات الساخرة كانت ضرورية، وأن الفريق قدّم جهداً كبيراً، لكن كان من الأفضل اتباع أسلوب التكثيف.
الرهان على الشباب
مخرج العمل محمد سعيد السليطي، عبّر عن سعادته بكل هذه المداخلات والملاحظات، ورأى أنها مؤشّر على نجاح العرض، ونوّه بأن رهانه الأساسي انصبّ على إيجاد فريق من الشباب، وهذه المجموعة الرائعة قدّمت جهوداً كبيرة على الرغم من أن بعضهم بدأ من الصفر، وأنه بالتالي يتحمل مسؤولية العرض، لأنه يعبّر عن رؤيته الخاصة وقراءته ورغبته في تقديم فرجة ممتعة يتم من خلالها توصيل الفكرة.
إشكالية
ظهرت إشكالية واضحة في النص، فأحدثت نوعاً من العائق بين الحكاية والعرض، فكانت من دون حدث مفاجئ، شبهه أحد المشاركين في الندوة التطبيقية «بحدث أن الكلب هزّ الذيل، وليس العكس، لنتمكن من القول إن هناك حدثاً مهماً».
أما من ناحية أداء الممثلين، فقد وضح الاشتغال على أداء أعوان الأمن بصورة جيدة، إذ ظهروا بشخصيات كاريكاتورية سطحية ومغمورة، وغلب عليهم الطابع الكوميدي، بدءاً من الأزياء التي كانوا يرتدونها، وصولاً إلى الحوارات التي كانوا يقولونها، إلا أن هذا الاشتغال لم يكن واضحاً على بقية الممثلين، لاسيما «الكومبارس» منهم.
احتفال بيوم الشعر
نظم بيت الشعر بمناسبة اليوم العالمي للشعر، وضمن فعاليات البرنامج الثقافي لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة أمسية شعرية في بيت الشعر بقلب الشارقة. شارك في الأمسية الاحتفالية نخبة من الشعراء العرب، هم: الدكتور راشد عيسى من الأردن، علي الشعالي من الإمارات، جمال الصليعي من تونس، بالإضافة إلى حفل توقيع كتاب «ترجيعات النصوص»، للدكتور راشد عيسى، ووزعت شهادات للمشاركين في اختتام ورشة فن الشعر والعروض التي نظمها بيت الشعر بالشارقة خلال الفترة من الثاني حتى 20 مارس الجاري.
ودأب بيت الشعر في الدائرة بتنظيم احتفالية احتفائية بالمنجز الشعري للشعراء العرب من المقيمين في الدولة، بمشاركة الشعراء المحليين بهذه المناسبة في يوم الشعر العالمي لما للشعر من دور بارز في الحياة.
6 نصوص بأقلام محلية
شهد حفل تكريم ضيوف «أيام الشارقة المسرحية»، الذي أقيم أمس، تكريم الفائزين بجائزة الشارقة للتأليف، وقام مدير إدارة المسرح بالدائرة مدير الأيام المسرحية، أحمد محمد بورحيمة، بتكريم الفائزين، وهم: في المركز الأول باسمة يونس، عن نص «لص وامرأة وحيدة»، المركز الثاني مرعي الحليان، عن نص مسرحية «الدكتور عنتر»، المركز الثالث محمد جمعة سعيد، عن مسرحية «بروفة»، المركز الرابع صالح كرامة العامري، عن مسرحية «سيادة المخلص»، بينما ذهب المركز الخامس إلى محمد صالح محمد، عن مسرحية «التاج والقحفية»، والمركز السادس لفاطمة سلطان المزروعي، عن مسرحية «الحياة الآن». وتأتي جائزة الشارقة للتأليف المسرحي تأكيداً على أهمية الكتابة والتأليف المسرحي في تنمية الحراك والفعل الثقافي والمسرحي، وقد استحدثتها دائرة الثقافة والإعلام في العام 1996، وتحديداً في الدورة السابعة لأيام الشارقة المسرحية، حيث جاءت الجائزة استناداً إلى التوصيات التي أقرتها اللجان المنبثقة عن فعاليات مهرجان أيام الشارقة المسرحية، باعتبار أن المسرح مرآة المجتمع. يذكر أن قيمة الجائزة 75 ألف درهم إماراتي، والنصوص الفائزة بها تطبع ضمن إصدارات تتولى طباعتها ونشرها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وتعمم في المكتبات العامة والمعاهد المسرحية والجمعيات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news