سلطان القاسمي يتلقى هدية تذكارية من رئيس أحد الوفود المشاركة في الملتقى. وام

«الخط العربـي» يزهر في الشارقة

افتتح صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أول من أمس، بحضور سموّ الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، فعاليات الدورة السادسة لملتقى الشارقة للخط 2014، وذلك في منطقة قلب الشارقة. وتستمر الفعاليات حتى الثاني من يونيو من العام الجاري ضمن احتفالات إمارة الشارقة بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية 2014.

وبعدها تجول صاحب السموّ حاكم الشارقة ومرافقوه من الضيوف متفقدين المعارض الشخصية والجماعية التي تستعرض الأصيل من فنون الخط، حيث استهلوا جولتهم بزيارة المعرض العام الذي أقيم في متحف الشارقة للخط والخط الأصيل، وفيه تم عرض التجارب الفنية للتيار الأصيل بأنواعه المختلفة، إلى جانب الاتجاهات الخطية الحديثة والفنون التي تستلهم الحرف العربي وحروف لغات أخرى بحسب جذور الفنانين المشاركين. وتستقطب هذه العروض فنانين من مختلف أنحاء العالم، ويشكل بذلك وجهاً يعكس التجارب الفنية الخطية وتحولاتها ضمن الفنون البصرية المعاصرة.

وانتقل بعدها صاحب السموّ حاكم الشارقة والحضور لزيارة بيوت الخطاطين للاطلاع على التجارب الخطية الحديثة.

رشيد بت

زار صاحب السموّ حاكم الشارقة، والحضور، معرض الفنان رشيد بت من جمهورية باكستان الإسلامية، الذي اشتهر على مستوى العالم بمخطوطاته الإسلامية المذهبة، وقد بدأ حياته العملية في عام 1961، وكرس كل شيء للخط العربي، فزينت مخطوطاته المباني ذات الطابع الإسلامي، منها القاعة الحكومية لمجلس الشيوخ في باكستان، ومسجد الملك فيصل في إسلام آباد، ودار الفرقان في لندن، وكلية الطب ومستشفى آغا خان الطبية في كراتشي، والأكثر تميزاً بوابة مكة في المملكة العربية السعودية. وتناثرت أعماله ومخطوطاته الذهبية في أنحاء المعمورة عند محبي الخط، ومن بينهم رؤساء دول حصلوا على أعماله كهدايا من الحكومة الباكستانية. كما تم اختياره عضو لجنة تحكيم دولية لمسابقة الخط الدولي، التي ينظمها مركز الأبحاث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (أرسيكا) في تركيا، وشغل أيضاً عضوية لجنة تحكيم لمسابقة الخط الدولية التي نظمتها الحكومة الجزائرية عام 2009.

دالة كبرى

ألقى رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عبدالله بن محمد العويس، كلمة قال فيها: «وسط الثراء الوافر للاحتفاء بمناسبة تتويج الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية، وما يتبعها من متواليات فعل ثقافي مؤسسي شامل، تنطلق الدورة الجديدة لملتقى الشارقة للخط، ولتكون التظاهرة الثقافية القرينة بالخط رافداً من روافد المناسبة الكبرى، فالخط العربي بأنواع كتاباته وتنويعات مناحيه الفنية الجمالية يشكل دالة كبرى في سماء الثقافة الإسلامية التاريخية».

وقال إن «الشارقة تحرص على تأكيد هذه المعاني الجوهرية من خلال انتظام الفعاليات الفنية الثقافية المقرونة بالخط العربي، عبر المعارض الفردية والجماعية، والتدريس المنهجي لفنون الخط العربي».

ودشّن صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مبنى جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة وافتتاح معرض «بكور»، ومن خلال هذا المعرض تنطلق أولى فعاليات جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة التي أبصرت النور أخيراً. وتلقى سموّه عدداً من الأعمال الأصيلة لفن الخط العربي بزخرفة إسلامية كإهداء من أعضاء الجمعية والمشاركين في المعرض من أبنائه الإماراتيين.

في جولة صاحب السموّ حاكم الشارقة التفقدية لفعاليات الملتقى زار المعرض الفني للمكرّمين في هذه الدورة كل من الفنان مسعد خضير البورسعيدي «مصر» الحاصل على دبلوم الخط العربي من مدرسة خطوط طنطا، وحصل على دبلوم التخصص من مدرسة «خليل آغا» بالقاهرة، وفي ما بعد درس على يد كبار الخطاطين المصريين ويعود له الفضل في تأسيس كل من الجمعية المصرية العامة للخط العربي والنقابة التي تعنى بهذا الفن، وله مؤلفات تعليمية وفنية عدة في مجال الخط العربي، وأنشأ أكاديمية الخط العربي التي استقر بها ليشرف فنياً عليها، وشغل منصب مدير إدارة الخط العربي بالتلفزيون المصري ورئيس شعبة الخطوط باتحاد الفنانين العرب، وكتاباته حاضرة في العديد من المساجد.

مُنح البورسعيدي الوسام الذهبي لمهرجان كاظمة العالمي بالكويت عام 1996، ومنح أيضاً جائزة الصين في الفن الإسلامي عام 1996، فضلاً عن كونه عضواً في لجنة التحكيم الدولية بإسطنبول «اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الإسلامي»، وعقب ذلك بدأت مراسم حفل تكريم الفائزين بجوائز الملتقى.

يذكر أن ملتقى الشارقة لفن الخط العربي منذ انطلاقته يتوجه للمبدعين، مقدراً جهودهم ونتاجهم والإضافات النوعية الجادة لتجاربهم التي أغنت الحرف، ورسخت على مدى عقود مفهوم الأصالة في جسد الخط العربي.

ويأتي هذا التقدير في لحظة يزداد فيها الفنان المبدع ألقاً بفعل هواجس الخط التي يؤخذ بها بشكل متعاظم مع مرور السنين، لذا فإن هذا التكريم يحمل في جنباته قيماً وتقاليد أصيلة وامتناناً وعرفاناً بالجميل، فترتسم على وجوه المكرمين ملامح الرضا والابتهاج، فعطاءاتهم وإنجازاتهم ونتاجاتهم وما كرّسوا من جهد على مدى سنوات طويلة من حياتهم لأجل البحث في طاقات الخط العربي هي اليوم موضع التكريم والتقدير.

وتشهد هذه الدورة من الملتقى تسعة معارض دولية لفنانين دوليين يقدمون أطروحات بصرية عربية وأجنبية، ومعرضاً خارجياً يحمل عنوان «تعانق الحروف» في سوق «صقر» بمنطقة السوق القديم، بالإضافة إلى معرض خاص بعنوان «آيات بيّنات»، وهو مجموعة مقتنيات رئيس المجلس الوطني الاتحادي محمد أحمد المر.

وبلغ عدد المعارض الفنية في هذه الدورة للملتقى 56 معرضاً، أما عدد الأعمال الفنية المشاركة فبلغ 1218عملاً فنياً، والفنانون المشاركون بلغ عددهم 737 فناناً، والدول المشاركة 36، والورش الفنية 123.

وتنعقد خلال أيام الملتقى الندوة الموازية بعنوان «تعارف الحرف» في السادس من أبريل الجاري، وستكون على مدى يومين، وهي ندوة فكرية يشارك فيها باحثون ومختصون.

تجدر الإشارة إلى أن اختيار إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة لـ«تعارف» لتكون ثيمة لهذا الملتقى في دورته السادسة، نظراً لما وصلت إليه أساليب التعارف من سهولة ويسر، بعد التقدم الهائل في وسائط الاتصال والمواقع الاجتماعية، بما يحتويه من أعمال فنية تعرض مستلهمة من هذه الثيمة، يكشف بجلاء عن أهمية الثقافة الإسلامية والدور الكبير والعظيم الذي لعبه الإسلام في نشر الخط العربي في مختلف البقاع التي وصلها، جامعاً ذاكرتها في وعاء جمالي كان له دور الريادة في خلق فن إسلامي يبدع فيه الفنانون من مختلف الأقطار، ويطورون على المستويين الكلاسيكي والحديث، ويصلون به، أي هذا الفن، إلى مستويات راقية تنافس على احتلال مكانة مرموقة على خريطة الفنون في العالم.

 ضيف شرف

التقى صاحب السموّ حاكم الشارقة خلال جولته بضيف شرف الدورة الحالية من الملتقى رئيس جمعية الخطاطين الصينيين لي لي، واطّلع سموّه على جملة من أعماله المتميزة التي تعكس واقع الحياة الاجتماعية والبيئة المجتمعية والثقافة الإنسانية في الصين الشعبية.

نتائج وتكريم

حصل على الجائزة الكبرى لملتقى الشارقة للخط الخطاط محمد فاروق من سورية، وذهبت الجوائز الثلاث المركزية لفئة التيار الأصيل لكل من حاكم غنام «العراق»، وبلال مختار «مصر»، وسيد أحمد دبلر «تركيا». وحاز على الجوائز الثلاث عن فئة التيار الحديث كل من مونيكا دينجو «إيطاليا» «أميركا»، وعلي رضا محبي «إيران»، وهانس كريستيان «فنلندا». وفاز في مسابقة فن الغرافيتي «نبض في جدار» بشار محمد من ليبيا.

شخصية مكرّمة

زار صاحب السموّ حاكم الشارقة المعرض الخاص للشخصية المكرّمة في الدورة الحالية من جمهورية العراق، الفنان حسن المسعودي، الذي بدأت ميوله الفنية بالظهور في مراحل مبكرة ليشارك في المعارض السنوية، ويذهب للعمل مع الخطاطين في بغداد. وغادر العراق في عام 1969 لدراسة الفن في (البوزار) في باريس، ودرس تاريخ الفن وجمالياته.

الأكثر مشاركة