ندوات وورش عمل في مهرجان الشارقة القرائي

متخصصون: الموروث الشعبي العربي في «مرحلة حرجة»

صورة

أكد متخصصون في شؤون الأدب والتراث والطفولة أن المرحلة الحالية التي يمر بها الموروث الشعبي العربي مرحلة حرجة، تدفع باتجاه غيابه من حركة الثقافة العربية العامة المعاصرة، والتربية المدرسية، وتعريض أبناء المجتمع، لاسيما الطفل، لأزمات نفسية وفكرية وثقافية، إضافة إلى أزمة الهوية والانتماء، وغياب القيم الموروثة من حياة الطفل واليافع والناشئ.

وبينوا خلال جلسة حوارية أقيمت ضمن الفعاليات الثقافية التي تقام على هامش مهرجان الشارقة القرائي للطفل أن الخطر يتمثل في فقدان الكثير من الموروث الشعبي، لاسيما الألعاب الشعبية المخصصة لتنمية مهارات وثقافة الطفل الحركية والفكرية والتفاعلية، وانتزاع الكثير من العادات والتقاليد، واستبدالها بثقافات أخرى، لا تمت للثقافة العربية بصلة، وقد عزز حضور التقنية الحديثة على مسرح الحياة من تفاقم المشكلة إلى حد كبير ينذر بالخطر على مستقبل الأجيال اللاحقة.

وفي هذه المناسبة قالت الأديبة والناقدة الكويتية د. نرمين الحوطي، إن «الرجوع إلى الماضي، والاستفادة من تراثه لم يأتا من فراغ علمي، وإنما لأن ذلك الموروث ــ ومنه الألعاب الشعبية ــ يقوم على بناء الطفل، وغرس الكثير من القيم التي تربطه بمجتمعه من حيث اللغة والعادات والتقاليد، بل والربط بين الموروث الشعبي للمجتمعات العربية سواء بسواء، وهذا واضح في الكثير من الألعاب الشعبية المعروفة المشتركة بين الأطفال في الوطن العربي».

المقررات المدرسية

في ندورة «المقررات المدرسية بين التعليم والتثقيف» التي شارك فيها كل من: أسماء الزرعوني، ومارك نوبلمان، وأدارها أسامة مرة، أكدت الزرعوني أهمية عدم إبقاء الطلاب بين جدران المدرسة فترة تزيد أحياناً على ست ساعات، وضرورة تنويع أماكن الدراسة، لتشمل معظم المجالات التي تغطيها الدروس، وخلق بيئة تعليمية متميزة، يستطيع الطفل في ضوئها أن يحلّق في عوالم العطاء والإبداع، كما طالبت بأهمية تطوير الكتاب المدرسي، وتنمية مهارات المعلم في طريقة تقديمه المادة العلمية بشكل يضمن مواكبة التطور، والبعد عن النمطية. وقال مارك نوبلمان «لابد على القائمين بوضع مناهج الأطفال الدراسية عدم الخوف من الإضافات التي تشكلها الكتب المخصصة للطفل، وعليهم جميعاً التعامل مع هذا الخوف وعلاجه في المدرسة، لأنها مكان آمن للجميع».

وأضافت الحوطي: «لذلك يمكن إحياء التراث الشعبي الخاص بالألعاب الشعبية في ضوء التراجع الحالي من خلال العمل المشترك والمستمر على تثبيت ذلك الموروث والاهتمام بالهوية العربية، من خلال تنشيط القرى التراثية، وإدخال بعض المعلومات على المقررات التربوية، وهو ما رأت بعض الدول العربية القيام به لبيان أهمية إحياء التراث».

إلى ذلك شهد ركن التواقيع بمهرجان الشارقة القرائي السادس للطفل، الذي اختتمت فعالياته أول من أمس، توقيع قصة «ماندان» للكاتبة نورة النومان، في إضافة جديدة للأدب الإماراتي المخصص لليافعين، وجاء إصدار هذه القصة في جزئها الثاني، بعد النجاح الكبير لجزئها الأول «أجوان»، وما حازته من أصداء محلية وخليجية وعربية خلال العام الماضي.

ويتلخص جزءا قصة أجوان وماندان ــ وهي فتاة في التاسعة عشرة من العمر، وتنتمي إلى شعب يتنفس الماء والهواء ــ بفتاة تجد نفسها لاجئة على متن سفينة فضائية، بعد دمار كوكبها بارتطام جرم فضائي أدى إلى فقدان أهلها وزوجها وشعبها سوى القليل، لتكتشف بعد هذه الصدمة العصبية قوة استشعار تفرض عليها الشعور بما يشعرون، دون القدرة على السيطرة بما تشعر به، فتقودها الظروف لتشارك في التدريب والبحث عن طفلها المفقود، وتنخرط لتحقيق السلام المنشود في عالم يعج بالعنف، وتخللت القصة مواقف واسعة تعزز دور القيم الإنسانية في أجواء الخيال العلمي.

وفي هذه المناسبة قالت الأديبة الإماراتية نورة النومان «تبحر (ماندان) و(أجوان) في عوالم اليافعين، وقد حرصت خلال تأليفها على أن تستوعب اهتماماتهم، وتغرس القيم التي نسعى لدعم أبنائنا بها، إضافة إلى أهمية إصدار قصص إماراتية من هذا النوع باللغة العربية، لتصب في تعزيز مكانة أدب اليافعين الإماراتي في المنطقة، وقد ترجمت الجزء الأول إلى الإنجليزية، لكني مترددة في نشرها، لرغبتي في تعزيز قراءة النسخة العربية».

من جهتها، تناولت الكاتبة الإماراتية سعاد راشد، قصص الأطفال في الأدب الإماراتي، في ندوة بالمقهى الثقافي بمهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته السادسة، وأدارت الندوة بديعة الهاشمي.

وعرضت الكاتبة بدايات وأصول وجذور قصص الأطفال في الإمارات، لافتة إلى أن أدب الأطفال في الإمارات لم يكن مفصولاً عن أدب الكبار، قبل أكثر من سبعة عقود، لكن بفضل انتشار التعليم، تغير واقع الحال، وبدأت النقلات النوعية تحدث بشكل ملحوظ، فأصبح الأديب يشعر بضرورة وجود أدب خاص بالطفل.

وأشارت إلى أن بدايات وجذور أدب الطفل تكمن في الحكايات الشعبية والأشعار والألغاز وبعض الطقوس الدينية والاحتفالية والأناشيد والأهازيج. وأوضحت أن التعليم والصحافة لعبا دوراً كبيراً في تحقيق قفزات نوعية، ليكون هناك أدب خاص بالطفل، مشيرة إلى أن أول صحيفة في الإمارات نشرت وكتبت أدباً للطفل كانت صحيفة الاتحاد في عددها الثاني منذ عام 1969، في حين كانت أول مجلة مختصة بأدب الطفل هي مجلة زهور لصاحبتها شيخة الناخي، التي كانت تقول إن هدف المجلة هو الإسهام في تنمية مهارات القراءة، وتقوية الذائقة اللغوية، وغرس قيم الجمال في نفوس وعقول الأطفال، وهي مجلة رأت النور حينها بجهود فردية فقط.

ولفتت الكاتبة إلى أن أقرب أدب يميل إليه الطفل هو القصة، فالقصة لها وقع خاص لدى الطفل، فهو على استعداد أن يتقبل روايتها وقراءتها وسماعها مرات عدة من دون ملل، ففي القصة غالباً ما يجد الطفل نوعاً من تحقيق الذات، إضافة إلى المتعة.

وأوضحت أن للتكنولوجيا اليوم دوراً في تشكيل وعي آخر واهتمامات أخرى لدى الطفل، لكننا يجب أن نحرص على التوفيق بين وسائل التقدم التكنولوجي واستخداماتها المتنوعة من قبل الطفل، وبين القراءة والكتاب والقصة. وقالت «لابد من استراتيجية وطنية تأخذ على عاتقها بناء الطفل في ظل الترابط والتفاعل بين ما هو جديد وحديث وتقني متقدم وبين ما هو تاريخي وأصيل، مع الحفاظ على الهوية والتأكيد على الانتماء للأرض والأمة».

تويتر