درويش والمرحلة الباريسية

قال الشاعر شوقي عبدالأمير عن صداقته مع الشاعر محمود درويش، أثناء إقامته الباريسية «بدأت علاقتي بدرويش عندما انتقل إلى باريس، ليقيم في شقة في (باريس 16) قريباً من السفارتين المصرية واليمنية»، مضيفاً أن «العلاقة مع درويش تطورت لتغدو صداقة عميقة يومية».
وحول شخصية درويش التي عرفها، قال «كان محمود درويش قلقاً في كل شيء، كأن القلق تجسد في شخصه، لدرجة أنه قال لي يوماً ما إن هناك شطراً للمتنبي يوازي كل شعره، وقد فوجئت بذلك، وسألته عن شطر البيت، فقال لي (على قلقٍ كأن الريح تحتي)».
وأضاف عبدالأمير «من يعرف درويش ويفكر في حياته وأسئلته، يدرك عميقاً أن المتنبي قال في هذا الشطر، ما لم يقله درويش في نفسه».
وذكر أنه في أحد الأيام، طلب منه درويش جولة بالسيارة في باريس، وخلالها تساءل درويش «هل يمكن أن يموت أحد في مثل هذا اليوم الجميل»، وبعد ذلك كتب درويش «أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟».
درويش الذي توفي في التاسع من أغسطس 2008، منحته فرنسا وسام الاستحقاق الوطني عام 1993، كما أطلق اسم الشاعر محمود درويش على ساحة باريسية عام 2010.
وعن المرحلة الباريسية، قال محمود درويش «كانت باريس عبارة عن محطة أكثر منها إقامة أو سكناً، لا أعرف، لكنني أعرف أنه في باريس تمت ولادتي الشعرية الحقيقية، وإذا أردت أن أميّز شعري، فأنا أتمسك كثيراً بشعري الذي كتبته في باريس في مرحلة الثمانينات وما بعدها، هناك أتيحت لي فرصة التأمل والنظر إلى الوطن والعالم والأشياء من خلال مسافة، هي مسافة ضوء، فأنت عندما ترى من بُعد، ترى أفضل، وترى المشهد في شموليته، علاوة على أن باريس جمالياً تحرّضك على الشعر والإبداع، كل ما فيها جميل، حتى مناخها جميل».
وفي باريس كتب في وصف يوم جميل «أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟». وأضاف «مدينة باريس أيضاً هي مدينة الكتّاب المنفيين الآتين من كل أنحاء العالم، تجد العالم كله ملخصاً في هذه المدينة، وكانت لي صداقات مع كتّاب أجانب كثيرين، وأتاحت باريس لي فرصة التفرّغ أكثر للقراءة والكتابة، ولا أعرف فعلاً إن كانت باريس هي التي أصابتني أم أن مرحلة نضج ما تمت في باريس، أم أنه تطابق العنصرين بعضهما مع بعض؟»

الأكثر مشاركة