حنظل: هناك إرهاصات تشكل الحراك الثقافي في الإمارات. تصوير: إريك أرازاس

فالح حنظل يدعو الباحثين إلى الاعتماد على الوثائق الإماراتية

قال المؤرخ الدكتور فالح حنظل، إن «رواد الثقافة الذين ظهروا في النصف الأول من القرن الماضي في الإمارات، كانوا نواة للتطور الفكري السريع الذي تشهده الدولة الآن»، مشيراً إلى أن الشارقة كانت مركزاً للثقافة والفكر في الفترة المبكرة، كما هي حالياً. ودعا الباحثين إلى الاعتماد على المخطوطات والوثائق التاريخية التي كتبها أبناء الإمارات في القرن الماضي، إذ إن التأريخ استقطب اهتمام رواد الثقافة والإبداع في الإمارات في كتاباتهم الأولى، وقال إنها «مؤلفات لها أهمية بحثية وتاريخية كبرى، ويجب أن يلجأ إليها الباحثون بدلاً من الاعتماد على الوثائق الغربية فقط». وذكر أن جريدة «صوت الأساطير» وجريدة «النخي» كانتا بداية الصحافة الإماراتية.

متحف الشيخ زايد

تحدّث مؤسس متحف الشيخ زايد في العين، عبدالله راشد الكعبي، عن تجربته في إنشاء المتحف، وشغفه بالمقتنيات التاريخية، موضحاً أنه يمتلك أكثر من 300 كتاب عن المغفور له الشيخ زايد، إذ كان ثراء شخصية الراحل يغري الباحثين للكتابة عنه. كما أشار إلى مشاركاته المتعددة في الفعاليات الوطنية والتراثية، مثل معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ومعرض صور الشيخ زايد في العين الفايضة في مدينة العين، حيث كانت استراحة المغفور له.

واستعرض حنظل في الأمسية التي نظمتها دار هماليل للطباعة والنشر في «كافيه أريبيا» بأبوظبي ببداية برنامج أماسيها خلال رمضان، وحملت عنوان «رواد الثقافة في الإمارات 1900-1950»، إرهاصات تشكل الحراك الثقافي في الإمارات في تلك الفترة، متوقفاً في البداية أمام ثلاث شخصيات تمثل ثلاث شوامخ أدبية ظهرت في الإمارات منذ زمن قديم، الأول الرحالة أحمد بن ماجد، الذي يعود ظهوره إلى عام 1500 ميلادي، في منطقة جلفار (رأس الخيمة)، الذي ساعد الرحالة فاسكو دي غاما في الوصول إلى الهند، وترك مخطوطات مهمة في هذا المجال. والثاني شاعر الحكمة، الماجدي بن ظاهر، في رأس الخيمة، والثالث الشاعر محين الشامسي، الذي أرّخ في شعره للعديد من الوقائع السياسية التي وقعت في المنطقة في عصره، وكتب الشعر النبطي بجماليات الشعر الفصيح.

وأوضح حنظل أنه «في 1900 كانت المراكز الثقافية في المجتمع تتمثل في المسجد وبرزة الحاكم أو المجلس الذي كان يجلس فيه. وكان المسجد يعد مركزاً أولياً للتعليم، وكان المطاوعة يعلّمون الأطفال فيه القرآن الكريم واللغة العربية والحساب»، مضيفاً أن «مدرسة الأحمدية في دبي كانت من أوائل المدارس التي خرجت عن نظام المطاوعة، وقدمت نظاماً متطوراً خرجت به إلى علوم مثل الجبر والهندسة والجغرافيا، كما ظهرت مدارس أخرى مثل الإصلاح القاسمية في الشارقة وأسسها عبدالعزيز المانع، ثم مدرسة الفلاح التي كانت من المدارس المميزة، وفي أبوظبي قام أحمد بن خلف العتيبة بفتح مدرسة العتيبة». وذكر أن المؤلفات التاريخية كانت لها الأغلبية في الكتابات الأولى لمثقفي الإمارات، وهي مؤلفات لها أهمية بحثية وتاريخية كبرى، ويجب أن يلجأ إليها الباحثون بدلاً من الاعتماد على الوثائق الغربية فقط، موضحاً أن من بين هذه المؤلفات مخطوطة كتبها يوسف بن محمد الشريف، الذي عاش في رأس الخيمة وتوفي عام 1917. وقال إنه قام بتحقيق هذه المخطوطة التي لم تكن تحمل عنواناً، ووضع لها عنوان «الحوليات في تاريخ الإمارات».

ومن المؤلفات المهمة التي تركها الرواد كذلك، بحسب حنظل، مؤلفات عبدالله أبا صالح المطوع، ومن بينها كتاب «الجواهر واللآلئ في تاريخ عمان الشمالية»، ويتحدث عن النشوء الأول لكل الإمارات والأنساب والقبائل، وكتاب «عقود الجمان في يوميات آل سعود في عمان». ويعد محمد بن سعيد بن غباش أول إماراتي يشد الرحال إلى مصر ليدرس في الأزهر، وبعد تخرجه عاد ليعمل في سلك القضاء. ومن خلال عمله كتب وحقق عدداً من المخطوطات والرسائل، من بينها رسالة «الفوائد في تاريخ الإمارات والأوابد».

وفي مجال الكتابات الاجتماعية، أشار حنظل إلى أن محمد علي الشرفاء الحمادي قدم كتاب «نيل الرتب في جوامع الأدب»، وهو كتاب يعبر عن جيل الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، والذي كان يحاول أن يفهم العالم. وذكر المؤرخ أن عائلات خرج منها رواد في الثقافة، منها عائلة المدفع، وعائلة العويس، التي مازالت تقدم واحدة من أهم الجوائز الأدبية، هي جائزة العويس، وعائلة المحمود، وعائلة الناخي. وكان إبراهيم المدفع أول من أسس مكتبة هي المكتبة التيمية، وكان إلى جوارها مجلس، كما أصدر جريدة بعنوان «صوت الأساطير»، وكان يكتبها باليد ويكتب 10 نسخ يقوم بلصقها على الجدران، كما صدرت في العين جريدة «النخي» ذات الطابع الكوميدي. وكانت الصحف والمجلات في ذلك الوقت تأتي من مصر والعراق عبر السفن التي كانت تحضر البضائع والبريد، وكان الناس يتهافتون على شراء الإصدارات التي كانت تصل متأخرة بأشهر.

 

 

 

الأكثر مشاركة