برامج «البث المباشر».. صــناديق شكاوى «على الهواء»

تحوّلت الجلسة الرمضانية، التي نظمها مركز الشارقة الإعلامي، أول من أمس، في مركز إكسبو الشارقة، إلى «حوار في بث مباشر»، أمام الجمهور، وبحضور عدد من مقدمي برامج البث المباشر ومسؤولين. وتناول المذيعون المشاركون في الجلسة هموم برامجهم وإنجازاتها في حل المشكلات، إذ أصبحت تلك البرامج «الباب المفتوح» أمام المستمعين، الذين لم يجدوا حلولا لمشكلاتهم.

وأكد المشاركون أن «برامج البث المباشر أصبحت بمثابة صناديق للشكاوى والاقتراحات على الهواء مباشرة»، وقالوا إن «برامج البث المباشر أو مقدموها ليسوا (بعبعاً) لتخويف المسؤولين، إنما هي (جسر سريع)، لإيصال صوت المستمعين والمشاهدين إلى المسؤولين»، مشيرين إلى أن التطور الأبرز في مسيرة تلك البرامج يتمثل في أنها غدت وسيلة لقياس رضا الجمهور.

تأثر المذيع

رداً على سؤال طرح من أحد الحضور، حول تجاوب مقدمي هذه البرامج مع طلبات شخصية لبعض المستمعين، أو تأثرهم باتصالاتهم، أكد غانم أن المذيع هو إنسان، لديه مشاعر وأحاسيس، ومن الطبيعي أن يتأثر بما يشعر به، خلال اتصالات المستمعين التي تتواصل أحياناً خارج أوقات بث هذه البرامج، مضيفاً أن المذيع اليوم صار أكثر خبرة وقدرة على الرد على اتصالات المستمعين، بسبب كثرة الإجراءات والقوانين التي يتم استعراضها في البرامج، وتكرار ملاحظات وشكاوى المستمعين عن القضايا ذاتها. وأضاف أن عرض برامج البث المباشر الإذاعية على القنوات التلفزيونية، يمنحها فرصة الوصول إلى عدد أكبر من الجمهور، خصوصاً خارج الدولة.

وجمعت الأمسية غير التقليدية مديري أكثر من 20 دائرة وهيئة حكومية في الشارقة بنجوم برامج البث المباشر في الإمارات، في سادسة جلسات المجلس الرمضاني لمركز الشارقة الإعلامي، التي حضرها الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي، وشهدت تفاعلاً كبيراً بين المسؤولين والمذيعين، في محاولة لتعزيز التواصل بين الإعلام والحكومة، بما يسهم في حل المشكلات، والتجاوب مع الاقتراحات التي يقدمها المستمعون والمشاهدون.

وشارك في الجلسة التي أدارها مدير إذاعة وتلفزيون الشارقة، محمد خلف، ومقدم برنامج «الرابعة والناس» في إذاعة عجمان، الإعلامي عبدالله بن خصيف (أبوراشد)، ومقدم برنامج «البث المباشر» في إذاعة نور دبي، الإعلامي راشد الخرجي (أبوعمر)، ومدير عام إذاعة رأس الخيمة، الإعلامي محمد غانم مصطفى.

وأشاد الشيخ سلطان بن أحمد بالدور الذي تلعبه برامج البث المباشر في تعزيز التواصل بين الحكومة والجمهور، ووضع الحلول المناسبة للقضايا المختلفة. وقال إن «هذه البرامج بدأت تحظى باهتمام متزايد في الأعوام الأخيرة، بسبب صدقيتها العالية وسرعتها في إيصال المعلومات، وكذلك بفضل توظيفها لمواقع التواصل الاجتماعي أداة إعلامية جديدة، تساعد هذه البرامج على الوصول إلى جمهور أوسع وأكثر تفاعلاً، كما تعزز هذه البرامج ثقافة الحوار وتبادل الرأي حول مختلف الموضوعات والقضايا التي يمكن أن يعرضها الجمهور».

تاريخ

استهل راشد الخرجي مشاركته في الجلسة بتقديم نبذة سريعة عن تاريخ برامج البث المباشر في الدولة، التي كانت لها ذكريات حافلة بالحنين إلى الأعوام الأولى من تاريخ الدولة، ومحدودية وسائل الإعلام وأدوات التواصل في تلك الفترة. وقال إن «أقدم برنامجاً للبث المباشر عرض للمرة الأولى في شهر أكتوبر 1983، عبر أثير إذاعة دبي، وكان يبث لساعة واحدة يومياً، يقدم خلالها المذيع أخبار حركة مطار دبي الدولي، التي كانت تهم قطاعاً كبيراً من الناس في تلك الفترة، بسبب ارتباط حركة الطائرات بالنشاط التجاري والسياحي، إلى جانب تقديم نبذة عن أسعار الخضراوات والفواكه في سوق دبي»، مضيفاً أن «هذه البرامج شهدت كثيراً من التطورات على مدار الأعوام اللاحقة، وأصبحت تتواصل مع المستمعين، وتستضيف المسؤولين، وتقدم العديد من الفقرات الإخبارية والمعلوماتية والتوعوية».

وأكد الخرجي أن «مداخلات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في برامج البث المباشر، شكلت حافزاً ودافعاً قوياً للمسؤولين من مديري وممثلي الجهات الحكومية للمشاركة في هذه البرامج، إذ جعلت مداخلات سموّه التواصل مع المسؤولين أسهل وأسرع». وأشاد الخرجي بالتجاوب الكبير من قبل الدوائر والهيئات الحكومية في الشارقة مع برنامج «البث المباشر» بإذاعة نور دبي، مؤكداً أن «المستمع بالنسبة للإذاعة يعتبر مثل الزبون في الشركة، وبالتالي لا تريد الإذاعة أن تخسر مستمعاً واحداً، مهما كان رأيه، لكن عليه الالتزام بأدبيات الحوار والنقاش، لأن هذه البرامج تحظى بمتابعة كبيرة داخل الإمارات وخارجها، وعليها أن تقدم صورة إيجابية عن طريقة التعامل مع مشكلات المواطنين والمقيمين وقضاياهم المختلفة».

 

ليست «بعبعاً»

نفى الخرجي أن تكون برامج البث المباشر أو مقدموها «بعبعاً» لتخويف المسؤولين، مشيراً إلى أنها وجدت لإيصال صوت المستمعين والمشاهدين إلى الحكومة، مضيفاً أنه «لا يمانع في عرض المشكلات الشخصية في البرنامج، لأنها تحمل أحياناً أبعاداً توجيهية، كما أن الاستماع إلى مشكلة شخص معيّن قد تفيد قطاعاً واسعاً من المستمعين، وتتحول إلى قضية رأي عام»، مؤكداً أن إذاعة نور دبي تحرص على تثقيف المستمع، وتوعيته بالأمور القانونية والاجتماعية التي تساعده على مواجهة المشكلات التي قد يمر بها في حياته.

 

تأثير وشعبية

قال عبدالله بن خصيف إن «التطور الأبرز في مسيرة برامج البث المباشر، يتمثل في كونها أصبحت وسيلة لقياس رضا العملاء، وهو ما يزيد تأثيرها وشعبيتها، بدليل مشاركة المسؤولين الحكوميين في الرد على ملاحظات وآراء المستمعين»، نافياً ما يقوله البعض من أن هذه البرامج تركز على المديح أو الإطراء على بعض الجهات، مؤكداً في هذا الخصوص أن «شكر الناس مطلوب، إذا كانوا يقدمون شيئاً جيّداً يستحق الشكر».

وأضاف (أبوراشد) أن «التنوع في هذه البرامج يزيد نسبة متابعتها، لأنه يمنح المستمعين مساحات أوسع للتواصل مع المسؤولين، كما يثري الحوار ويجعله أكثر تكاملاً، من خلال اتباع كل برنامج أسلوباً معيّناً في حل المشكلات أو طريقة عرضها».

تواصل

أكد محمد خلف أن الهدف من هذه الجلسة هو الاستماع إلى آراء المسؤولين في الجهات الحكومية حول برامج البث المباشر، وكيفية تعزيز التواصل بين الحكومة والجمهور، مثمناً مبادرة مركز الشارقة الإعلامي إلى إقامة هذه الجلسة الرمضانية، التي تتيح الفرصة للعاملين في هذه البرامج وللمتابعين لها والمستمعين إليها، لمناقشة القضايا التي تقرب وجهات النظر بين الجانبين، وتحقق الفائدة المرجوة من برامج البث المباشر، التي ما وجدت أصلاً إلا لخدمة الجمهور، ومساعدته على حل القضايا التي لا يجد سبيلاً لحلها بنفسه.

واعتبر خلف «برامج البث المباشر مثل صناديق الشكاوى والاقتراحات في الدوائر الحكومية، لكنها تكون على الهواء مباشرة، والهدف واحد هو حل المشكلات»، مؤكداً أن عدم مبادرة جهة ما إلى حل مشكلات المتعاملين معها، يدفعهم للجوء إلى البث المباشر، باعتباره الجهة القادرة على الوصول إلى المسؤولين وبالتالي حل المشكلات العامة، وأحياناً الشخصية منها، مضيفاً أن «برامج البث المباشر أصبح لها حضورها الإعلامي البارز، في الإذاعة والتلفزيون، ولها جمهور كبير يتابعها حتى من خارج دولة الإمارات، لما تتميز به من قدرة على تذليل عقبات التواصل بين الحكومة والمسؤولين».

 

شفافية

قال محمد غانم، في مشاركته، إن «أجمل ما في برامج البث المباشر هو أنها تمنحنا الفرصة لمناقشة قضايانا بأنفسنا، بشكل شفاف وصريح»، مشيراً إلى أن دولاً عربية وأجنبية استفادت من نجاح هذه البرامج في الإمارات، وأخذت تقدم برامج شبيهة لها في قنواتها. وطالب زملاءه من مقدمي برامج البث المباشر بضرورة التأكد من المعلومات التي تعرض في برامجهم، وبعدم الانحياز إلى أي طرف، والاستماع الجيّد إلى آراء الطرفين في القضية التي تتم مناقشتها على الهواء، للمحافظة على الصدقية.

وأكد أن «الجمهور يلجأ إلى البث المباشر، عندما لا يجد وسيلة أخرى لحل مشكلته».

الأكثر مشاركة