مسابقات حية تجتذب عاشقي التراث
تجتذب المسابقات التراثية المصاحبة للمهرجان الوطني الأول للحرف والصناعات التقليدية، الذي انطلق أخيراً في مدينة العين، جمهوراً عريضاً من المهتمين بإحياء التراث، أو تعلم فنون لها علاقة به، خصوصاً من الشباب.
ويستمر المهرجان في سوق القطارة التراثي بمدينة العين حتى بعد غد، وتنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بهدف تسليط الضوء على أهمية الحرف والصناعات التقليديّة في التراث الإماراتي، وتعزيزاً للجهود التي يقوم بها ممارسو هذه الحرف من أجل صونها وإحيائها وتعليمها للأجيال المقبلة.
سوق شعبية يجتمع في المهرجان أكثر من 100 حرفي إماراتي يعرضون طيفاً واسعاً من المنتجات التراثية والصناعات التقليدية اليدوية، ويقدمون أعمالهم في سوق شعبية مقامة على مساحة واسعة حول سوق القطارة التراثي وقرب مركز القطارة للفنون التابع للهيئة، إذ تم بناء قرية تراثية في الهواء الطلق، وفق النسق التقليدي القديم، باستخدام مواد البيئة المحلية من سعف وجذوع النخيل والحبال يدوية الصنع، إذ يتكامل المشهد العام للموقع مع معمار سوق القطارة التراثي المبني من الطين، الذي تم ترميمه وإعادة افتتاحه في عام 2012، كما يتواءم مع معمار مركز القطارة للفنون الذي رمّم قبلها ليكون موقعاً حيوياً في قلب المدينة لتعلّم الفنون. |
وكانت الهيئة قد أعلنت عن تنظيم مجموعة من المسابقات التراثية الحية التي تركز على إحياء مجموعة من الحرف التراثية التي كان لها دور وظيفي في الحياة القديمة، كما تشجع على الابتكار، مع المحافظة على الأصالة. وتشتمل هذه المسابقات على مسابقة للحرف اليدوية، وهي مقسمة إلى ثلاث فئات: السعفيات، والنسيج (السدو)، والأعمال الحرة، كما تقام مسابقة لفن اليولة، ومسابقة لإعداد القهوة العربية، ومسابقة للأكلات الشعبية، وتشمل ستة أطباق إماراتية شهيرة.
ومن الخامسة عصراً يبدأ المشاركون في المسابقات في التدفق على موقع المهرجان للتسجيل في المسابقات، كما تتدفق على المكان الأطباق الشهية المشاركة في مسابقة الأكلات الشعبية التي تقام للمرة الأولى، وتعمل لجان تحكيم من الخبراء في التراث على تقييم المشاركات، إذ ستعلن النتائج في نهاية المهرجان.
ويشرح سلطان النعيمي، المحكم في مسابقة إعداد القهوة العربية والأكلات الشعبية، معايير التقييم، قائلاً: «نراقب المتسابقين الذين يعدون القهوة في مراحلها الثلاث، بدءاً من قلي حبوب القهوة ثم دقها ونختبر طعمها في النهاية، وهذه هي الطريقة التقليدية التي كان البدو يعدون فيها قهوتهم من دون إضافة أي بهارات أو منكهات».
وأضاف «أشعر بالسعادة وأنا أراقب الشباب المشاركين وهم يعدون القهوة، لأنهم تكبدوا عناء التعلم؛ ويحاولون أن يحسنوا مما تعلموه خلال المهرجان، وهو مؤشر مفرح لأن الشباب مازال يهتم بتراثه».
أما عن تحكيم الأكلات الشعبية فلفت النعيمي إلى أن اللجنة تتذوق كل طبق، وتقيّم مدى استخدام المكونات الصحية والطازجة، ومعادلة كمية الزيت في كل طبق، ومدى استخدام البهارات أو المنكهات، وكل قيمة لها نسبة تجمع في النهاية لتحديد الفائزين.
أما مسابقة فن اليولة فتستقطب صغار السن بشكل ملحوظ، فيكثر وجودهم حول منصة الأداء بأسلحتهم الخشبية في المساء، ويعد فن اليولة من فنون الأداء القديمة التي يتفنن فيها المتنافسون باستعراض السلاح على إيقاعات موسيقية، فيظهر المؤدي مهاراته في التحكم بسلاحه واللعب به في الهواء وتحريكه ونقله بخفة من يد إلى أخرى وقذفه عالياً.
ويقول سالم الكعبي، المشرف على المسابقة: «يعبر فن اليولة عن الشجاعة والإقدام والانتشاء بالنصر، وتم استبدال البندقية الحقيقية بسلاح خشبي خفيف، بعد ما تم إحياء هذا الفن وأصبح شهيراً بين الشباب اليوم، وكلما كان الشاب ماهراً في أداء اليولة كان ينظر إليه بتقدير أكثر واحترام، وبعض (اليويلة) تحولوا إلى نجوم».
ويستقبل المنظمون المشاركات في مسابقة الحرف اليدوية طوال أيام المهرجان، وسيعلن عن أسماء الفائزين في ختام المهرجان.