صالح كرامة: رفاق المسرح تساقطوا

مستدعياً أكثر من روح، ومتقمصاً أدوار الممثل والمخرج والمؤلف، بدا المبدع الإماراتي صالح كرامة العامري، الذي «جلجل» صوته أول من أمس، بين جنبات معرض الشارقة الدولي للكتاب، محيلاً قاعة جناح بحر الثقافة إلى «مسرح حقيقي» يتعلق جمهوره ببطل أوحد، يطل بشخصيات عدة من ثلاثة أعمال، هي: «هوى بحري»، و«الأول مكرر»، و«سنة أولى».

بين القراءات وشجون المسرح «الغريب» في أبوظبي، والتلاميذ الذين هجروا «أبوالفنون»، والرفاق الذين تساقطوا، تنقل صالح كرامة العامري، وكذلك ما بين عملين بالفصحى، وثالث بالمحلية الإماراتية التي يراها نبعاً ثرياً، خصوصاً حينما تكون تلقائية، وتنأى عن الخطابية، منتقداً من يظهرونها «جامدة» على شاشات التلفزيون، مشدّداً على أهمية أن تبتعد اللغة، سواء الفصحى أو المحلية، عن الافتعال.

وعن موقع المسرح حالياً، تحديداً في أبوظبي، أشار صالح كرامة إلى أنه رغم الزخم الذي تمتع به المسرح خلال فترات بعيدة، إلا أنه حالياً يعاني، إذ لا يوجد مقر للمهتمين بأبي الفنون في العاصمة، و«هذه مسألة مؤلمة بعض الشيء، وأعمل حالياً مع مجموعة من الهواة على عمل جديد بعنوان (مزيد من الكلام)، بدعم حكومي بسيط، ولكن نجابه العديد من الصعوبات، وطالما لا يوجد مقر لنا في أبوظبي، فلن يقدم مسرح، تكلمنا كثيراً، وذهبنا إلى العديد من الجهات، والكل يعلم ذلك، ولم يستمع إلينا أحد، ويبدو أن المسرح غريب، لأنه ثقافة مختلفة».

أداء

اجتذبت ندوة صالح كرامة العامري عن «ثقافة المسرح» التي حضرتها الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيسة مؤسسة بحر الثقافة، رواداً لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ33، التي تستمر حتى السبت المقبل، إذ حرص البعض على الوجود في الندوة، بسبب الأداء المسرحي الذي تلونت به، وتقمص فيها صالح كرامة أدواراً بالجملة.

وتابع صالح كرامة «سيظل المسرح هكذا مغموراً، حتى إن التلاميذ الذين كانوا معي تناثروا جميعاً، وللأسف تحولوا إلى دمى في التلفزيون، فالمسرح الحقيقي إخلاص، وكتاباتي التي أدعي أنها إبداعات لم تأتِ في يوم وليلة، بل عبر اجترار معاناة وألم وقراءات وإخلاص للمكان الذي هو المسرح».

وأشارإلى أنه كان عنده جيش من الزملاء تساقطوا في الطرق، معتبراً أن المسرح الذي يقدمه هو «منجز حياته»، لأنه نتاج ألم ومعاناة وقراءات طويلة، وإخلاص حقيقي لذلك الفن الجميل رغم صعوباته.

وحول عدم توجهه إلى الشاشة الصغيرة، قال كرامة إنه لا يحب التلفزيون، إذ يفضل «أبوالفنون»، وكذلك السينما التي قدم فيها أعمالاً بعيدة عن التجارية، بينما التلفزيون عالم مختلف لا يرحب إلا بنوعية معينة يرفضها، علاوة على أن التلفزيون يقدم طرحاً مختلفاً ودخلته «أنصاف المواهب، وفي رمضان (أصكر) أذني حتى لا أرى».

وعن مدرسة القسوة التي تنتمي إليها بعض أعماله، ذكر كرامة أنه حتى تمرد على تلك المدرسة، واتجه إلى سواها، وهي الواقعية السحرية، التي يعتبرها من أبرز الاتجاهات التي أثرت في كل الألوان الأدبية وليس في الرواية فحسب.

وشدّد المبدع الإماراتي على ضرورة أن يعتني أي كاتب برصيده اللغوي، وقال «أحرص على ذلك الثراء، وتتلمذت على الأدب الحقيقي، فالثراء اللغوي هو الأساس، حتى على مستوى المحلية، ولاحظتم المفردات التراثية التي تحفل بها أعمالي».

وبخصوص عدم وجود معهد أو صرح أكاديمي يدرس المسرح في الإمارات، رأى صالح كرامة العامري أهمية هذا، والانتقال إلى مرحلة أخرى، وعدم الاكتفاء بمجموعات الهواة، وكذلك انتظار المهرجانات والمناسبات المختلفة.

وأضاف عن سبب التعاون الجديد لترجمة أعماله إلى اللغة الألمانية بشكل خاص، أن بعض الألمان حضروا أعمالاً له مترجمة إلى الإنجليزية، وهم الذين طلبوا نقل مسرحياته إلى لغتهم، وقال «حالياً لدي عمل بعنوان (حرقص) سيقدم بالإنجليزية قريباً في أبوظبي».

وحول اعتماده على مخرجين في مسرحيات عدة من خارج الإمارات، قال صالح كرامة «يبدو أن هذا قدري، إذ إن نصوصي قد وزعت في أنحاء الوطن العربي ولقيت رواجاً، ويبدو أنها قد مست بعض الآلام مثل (الأول مكرر)، وبعض النصوص لا تحتاج إلى ديكورات وكلفة على الخشبة، لذا اجتذبت كثيرين من المسرحيين معظمهم من الهواة، في تونس والسودان ومصر، وغيرها من البلدان»

وعن الرمز والاغتراب في مسرحياته، وعلاقته بالمدينة، لفت صالح كرامة العامري إلى أنه نشأ في مدينة أبوظبي بمنطقة الباور هاوس، الحي الشعبي القديم، وتعرف إلى المسرح وبعض رموزه في ذلك المكان، مضيفاً «أهديت مجموعتي القصصية (سهرة مع الأرق) إلى أهلي الطيبين الذين لم أعد أراهم في باور هاوس، وأحن إلى ذلك المكان، لأنه جزء مني، وظللت أكتب 15 عاماً في مقهى بجوار حيينا الشعبي، متخيلاً أنه مازال خلفي حتى عندما محي ولم يعد له وجود، حين زحفت البنايات العالية».

«حاول» برؤية كويتية..

و«حرقص» إنجليزية كشف صالح كرامة العامري لـ«الإمارات اليوم» على هامش ندوة «ثقافة المسرح» عن أن عمله «حاول مرة أخرى»، سيعرض في مهرجان المسرح الكويتي، في ديسمبر المقبل، برؤية المخرج مبارك المزعل، مشيراً إلى أنه يثق بأن المبدع الكويتي سيكشف عن روح جديدة في المسرحية وسيقدم العمل الذي عرض في بلدان عدة بصورة مغايرة.

وذكر أنه يحضر لعمل جديد بدأت «بروفاته» مع فرقة أبوظبي، بعنوان «مزيد من الكلام». بينما ستعرض مسرحيته «حرقص» على مدى ثلاثة أيام (18 – 20 الجاري) في العاصمة أبوظبي برؤية إنجليزية.


 

الأكثر مشاركة