شعر وشهادات إنسانية ونقدية في الأمسية التأبينية

«كتّاب أبوظبي» يودّع محمد ولد عبدي

الصدق كان هو الحاضر الأبرز في أمسية تأبين الشاعر الراحل، الدكتور محمد ولد عبدي، الذي توفي، الأسبوع الماضي، في أبوظبي، حيث شهدت الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، مساء أول من امس، تسابق من عرفوا الراحل للحديث عن مناقبه وإسهاماته الأدبية والبحثية المتعددة، بينما انتزعت «القصيدة الاستشفائية»، التي كتبها ولد عبدي، وعرض تسجيل لها بصوت الفقيد، دموع الحضور، لما حملته من مشاعر صوفية فاضت بالوجد والعشق الإلهي.

وأشار رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حبيب الصايغ، إلى أهمية التشديد، أثناء الاحتفاء بمحمد ولد عبدي ومنجزه، على احترام الأنموذج الذي يقدمه الراحل وأمثاله للثقافة العربية عامة، وثقافة دولة الإمارات خصوصاً «حيث الدلالة تشير بقوة إلى القدوة والأسوة الحسنة، كما إلى الفعل الذي ينحو نحو الإيجابية والتفرد، وجناحاه الدرس العميق والخلق الشفيف، فمن خلال دراساته النقدية الباهرة، تعرف شعراء وأدباء الإمارات إلى أنفسهم، كما لو كان يمنحهم، معاً وكلاً منهم على حدة، دروبهم الجديدة وأعمارهم الجديدة». وأوضح الصايغ أن ما ألف أو ترك ولد عبدي من إرث إبداعي هو اليوم جدير بالمتابعة والرصد والتوثيق، ونحسب أن هذا هو دور اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الذي انتمى إليه الراحل الكبير باعتباره الظل والسقف والبيت. وأعلن مدير أكاديمية الشعر، سلطان العميمي، أن اتفاقاً مع ذوي الراحل قد تم أخيراً لطباعة ديوانه الشعري، متمنياً أن يرى الديوان النور قريباً.

وتطرق العميمي إلى علاقته بالفقيد، وجوانب من شخصيته كناقد وشاعر وأديب وإنسان، وإسهاماته في تحضير موسوعات الشعر العربي، وتسجيل مكتبة التراث العربي.

أشار القائم بالأعمال في سفارة موريتانيا في الإمارات، محمد المصطفى ولد محمد سالم، في كلمة السفارة، إلى أن رحيل ولد عبدي خسارة جسيمة للساحة الثقافية في الوطن العربي عامة وفي موريتانيا والإمارات خصوصاً، لافتاً إلى انه ليس غريباً على موريتانيا أن تنجب أمثال المرحوم الدكتور محمد ولد عبدي، فهي التي ظلت على مر تاريخها حامية وحافظة أمينة للثقافة العربية والإسلامية في غرب وشمال إفريقيا، «وهي سمة نفخر ونعتز بها أيما اعتزاز».

وتحدثت عائشة محمد ولد عبدي، ابنة الفقيد، عنه كشاعر ووالد، وعن ذكرياتها معه، مشيرة إلى أنه كان رمز الأرض والحب والتاريخ.

وفي كلمة عائلة الراحل، تقدم مصطفى ولد عبدي، ابن عمه، بالشكر إلى قيادة دولة الإمارات وإلى المحتفين. وقدم الباحث والإعلامي، منّي بونعامة كلمة بعنوان: «ولد عبدي: المشروع الثقافي وعقبات الإنجاز» أشار فيها إلى مشروعات الراحل الفكرية والثقافية، ومن بينها المشروع الأخير الذي شغله كثيراً ولازمه في حله وترحاله «العقل الصحراوي»، وهو موضوع فكري من الأهمية بمكان، يتعلق بالبنية الثقافية العربية بشكل عام والموريتانية بشكل خاص، وينطلق من المكان لدراسة علاقة الإنسان به وتأثره وتأثيره فيه، موضحاً أن طرح ولد عبدي في هذا العمل يتأسس على المكان لكون الدراسات السابقة قد تناولت قضية التراث بالدرس والبحث وأغفلت الحديث عن المكان، الذي يسهم في تشكيل الإنسان وبلورة رؤيته للعالم؛ ذلك أن الصحراء العربية، على اختلافها، لها تأثير في صناعة وخلق المتخيّل الذهني للإنسان العربي.

تويتر