«خيول» فلسطين تقتنص جائزة «المسرح العـربي»

اقتنصت المسرحية الفلسطينية «خيول تايهة» للمخرج إيهاب زادة، جائزة سلطان القاسمي المخصصة لأفضل عمل مسرحي مشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي في دورته السابعة التي اختتمت فعالياتها مساء أول من أمس، في العاصمة المغربية الرباط.

الدورة المقبلة.. كويتية الضيافة

أعلن الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله، بشكل رسمي أن الدورة الثامنة من مهرجان المسرح العربي ستحتضنها الكويت للمرة الأولى لتنضم إلى كوكبة البلدان المستضيفة لدورات المهرجان المختلفة بدءاً من القاهرة، مروراً ببيروت وتونس وقطر والأردن، ثم تونس، وصولاً إلى المغرب.

وتخلل الحفل، وقبل إعلان النتيجة فقرة غنائية قدمتها بطلة مسرحية «خيل تايهة» الفلسطينية ريم تلحمي، وغنت مقطوعة من أغنية وردت في المسرحية الفائزة، من كلمات عدنان العودة وألحان سعيد مراد «يا ساكن بالنا».

«خيل تايهة» ستحلّ ضيفة على أيام الشارقة المسرحية في دورتها المقبلة بعد اقتناصها جائزة «سلطان القاسمي». الإمارات اليوم

إهداءان ووفاء

ألهبت وزيرة الثقافة المغربية السابقة، الفنانة ثريا جبران، مشاعر المسرحيين، حينما أهدت القيمة المادية لجائزتها التكريمية لأسرة الفنان المغربي الذي رحل أخيراً، وقدرها «2000 دولار»، فيما أهدت الدرع نفسه إلى من وصفته بـ«رفيق درب المسرح» على مدار 27 عاماً الفنان المغربي د.عبدالواحد عذري.

وقالت جبران إن من يحرمون الفن والإبداع لن ينتصروا، وإن «الأضواء ستظل مشعة في كل مسارح أوطاننا العربية»، مضيفة بلهجة حماسية «المجد لشهداء الكرامة والحرية في الشارع العربي، فالمسرحيون في الأوطان أو الشتات هم أولئك والصانعون للحرية والتخيل».

ووجهت تحية إلى كل المسرحيين في الوطن العربي «لن أستطيع أن أحصيكم عداً، لكنني سأوجه تحية لمن تنوب عنكم، سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب»، وهي العبارة التي جعلت الأخيرة تنحني أمام تصفيق الحضور.

وبناء على هذا التتويج، فإن العمل الذي يعود نصه للكاتب السوري عدنان العودة، سيحصل على جائزة مالية قدرها 100 ألف درهم، وسيفتتح عروض مهرجان أيام الشارقة المسرحية، في دورتها المقبلة.

وتفوق العرض، وفق وجهة نظر لجنة التحكيم، على ثمانية عروض أخرى مشاركة في المسابقة الرسمية، من مصر والعراق وتونس والمغرب والجزائر، بالإضافة إلى العرض الإماراتي «طقوس الأبيض» للمخرج محمد العامري، الذي يضم في طاقمه محمود أبوالعباس كاتباً وممثلاً، بالإضافة إلى أحمد الجسمي وملاك الخالدي وحميد سمبيج وأشجان ورانيا آل علي وهيفاء العلي.

وعلى الرغم من أن مؤشرات نقدية كثيرة كانت تؤشر إلى أن المنافسة ستنحصر بين العرضين الفلسطيني والإماراتي، وأن الكفة تميل لمصلحة الأخير، إلا أن لجنة التحكيم ذكرت أن المنافسة في المرحلة الأخيرة، خلا منها العرض الإماراتي تماماً، وانحصرت بين «خيول تايهة» ومسرحية «بين بين» المغربية لمخرجها محمود الشاهدي.

وكان الوفد الإماراتي أول المهنئين لشقيقه الفلسطيني، وتم تسليم الجائزة الكبرى لمسرحية «خيول تايهة» من قبل الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبدالله، في حضور وزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي، ورئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عبدالله العويس، ومدير إدارة المسرح بالدائرة عبدالله بورحيمة، وحشد من أعلام المسرح العربي.

وجاءت الليلة الختامية مكتظة بالتكريمات، إذ تم الاحتفاء بـ20 شخصية مسرحية مغربية أثرت المسرح المغربي الذي احتفى المهرجان بمئويته، كما تم تكريم مجموعة من خريجي معهد الفنون المسرحية والثقافية المغربي.

كما احتوى الحفل الختامي على العديد من الفقرات الفنية والترفيهية، التي تفاعل معها الجمهور، لكنها في الأخير طالت بشكل مبالغ فيه، وكانت بمثابة عبء ثقيل أفقد الحفل الختامي سلاسته.

وساق تقرير لجنة التحكيم جملة ملاحظات، بناء على مشاهدته التحليلية العميقة للعروض، وعقب ثماني جلسات عمل، تم التأكيد أنها عقدت ومورست نشاطاتها من دون أي وصابة أو تأثير من قبل إدارة الهيئة العربية للمسرح.

وأشار التقرير إلى غياب الوعي «الدراماتوركي» في بعض العروض، والإفراط والتكرار للعناصر والحلول المسرحية، وضعف الفهم لطبيعة توظيف الغناء والموسيقى، في بعض العروض، وضعف في توظيف لغة الجسد في بعض العروض، وكذلك وجود تنافر تقني، وغياب الاستفادة من التقنية بشكل يخدم الفعل الدرامي، فضلاً عن الاختيار الخاطئ لفضاء العرض.

ولفت تقرير لجنة التحكيم إلى أن عناصر تقييم الأعمال المشاركة بنيت على أساس ثلاثة محاور رئيسة هي البناء الفني، ومدى اكتمال بناء عناصر البناء التقني ومدى خدمته لدراما العرض، والبناء الفكري وعلاقته بذائقة الفريق والواقع المعاش.

وبناء على جملة ملاحظاتها أوصت اللجنة بضرورة تفعيل البحث الميداني لاختيار أفضل الأعمال التي ترشح للمشاركة في المهرجان، وإيجاد آلية لتطوير اللوائح المنظمة لشروط المشاركة، ووضع آليات تنظم عمل لجنة الاختيار، والإعلان عن المسرحيات المرشحة للعرض، وإخضاع كل مراحل الاختيار للتقييم، بما في ذلك المرحلة النهائية. كما أوصت بضرورة توفير آلية للاطلاع على عمل لجنة التحكيم، واستحداث فرق إرشاد تدعم المسرحيات التي حازت استحساناً واضحاً، حتى إن لم تفز بجائزة المهرجان. وأكدت اللجنة أهمية اختيار الفضاءات المناسبة للعمل، بالتعاون مع الجهة المنظمة للمهرجان «الهيئة العربية للمسرح»، واقتراح أماكن مبتكرة في هذا الصدد. وجاء نص المسرحية المتوجة بجائزة سلطان بن محمد القاسمي هذه الدورة شاعرياً بامتياز، بل إنه وظف العديد من الفنون الأخرى لخدمة المحتوى الدرامي، خصوصاً الغناء والموسيقى التي تنوعت بين العزف على أكثر من آلة مختلفة، والرقص، فيما كان الديكور موظفاً عبر بساطته بشكل جيد، وفق رؤية أتاحت للممثلين سلاسة الحركة في فضاء مثالي. وعلى الرغم من أن نص عدنان العودة لم يكتب بالأساس مستلهماً من القضية الفلسطينية، وأن المخرج لم يغيّر مطلقاً بالنص، إلا أن الإسقاط السياسي والاجتماعي لم يكن من الممكن فصله لدى المتلقي على كل مفاصل المسرحية التي جمعت الممثلين ريم تلحمي، ومحمد الطيطي، ورائد الشيوخي، وياسمين همار، وحنين طربية. وبانفتاح على جمهور مكشوف، أسهم في إبراز معالمه الاستعانة بإضاءة قوية، والابتعاد عن آلية التسليط الضوئي على مساحات بعينها، أدخلنا مخرج «خيول تايهة» مباشرة في سياق أحداث تسير بأسلوب القص، حول الزوجة التي تاهت وغادرت بيئتها قسراً، فوجدت نفسها أمام قسوة الطبيعة والتقاليد، دون أن تغيب عنها ذكرى زوجها الراحل الذي أنجبت منه طفلتها «خيل».

ومن خلال الاسترجاع الزمني للأحداث، يتداخل الزمنان، الماضي والحاضر، وكأن مصير الأم يحكم مصير الفتاة «تايهة» التي تؤول للمصير نفسه، وهي أحداث تؤكدها نبوءات تحسم لها بأنها ستموت عند سن الـ30 عاماً، وهي النبوءة التي كسرتها بإرادتها في الحياة. وانسحبت تأويلات المشهد لدى عرض «خيول تايهة» عند الجمهور والعديد من النقاد على مشاهد المقاومة الشعبية الفلسطينية، والإصرار على هدف تحرير الوطن واستعادته، الذي توازى فنياً مع استعادة «تايهة» وتحديها كل النبوءات والتوقعات بأنها لن تعيش طويلاً.

مسرحيون في ضيافة بن كيران

استقبل رئيس الحكومة المغربية، عبدالإله بن كيران، في مقر مجلس الوزراء، بالعاصمة المغربية الرباط، نخبة من ضيوف مهرجان المسرح العربي الذي استضافت المغرب فعاليات دورته السابعة التي اختتمت مساء أول من أمس.
وكان على رأس الوفد الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الفنان الإماراتي إسماعيل عبدالله، ورؤساء الوفود المشاركة في الدورة السابعة من مهرجان المسرح العربي.
وحضر اللقاء وزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي، ووزيرة الثقافة المغربية السابقة الفنانة ثريا جبران، وسيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام العربية المختلفة.
وثمن بن كيران دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للإبداع المسرحي، مؤكداً أولوية الإبداع الثقافي والفني عموماً، والمسرحي خصوصاً، في التصدي للكثير من المشكلات والقضايا الاجتماعية والفكرية.
وأشار إلى أنه كان من المقرر أن يشارك في افتتاحية دورة المهرجان، لكن حال دون ذلك بعض الارتباطات الملحة، مجدداً ترحيب المغرب حكومة وشعباً بكل الوفود المسرحية المشاركة في فعاليات المهرجان.
واستمع الحضور إلى كلمة لوزير الثقافة تطرق فيها لأهم النشاطات التي رافقت استضافة المغرب للحدث المهم، فيما سلط الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله الضوء على الاستراتيجية المتكاملة للنهوض بالمسارح العربية، التي عكفت على صياغتها الهيئة على مدار أكثر من عام كامل.
وشهد الحدث أيضاً بعض المقترحات التي تقدم بها فنانون من أجل تنشيط الحراك المسرحي، إذ رأت الفنانة ثريا جبران أن إشكالية المسرح الحالية هي إشكالية في الإنتاج بالأساس، وليس في الإبداع، فيما أعربت الفنانة المصرية سميحة أيوب عن استبشارها بمستقبل المسرح العربي، في ظل هذا الاهتمام الرسمي الملحوظ الذي يجده، مستشهدة بهذا الاستقبال عالي المستوى لوفود «المسرح العربي».
 

الأكثر مشاركة