برادلي وويفر يقدمان فن الصوت بين اللغتين البصرية والسمعية في «تشكيل»
«أنظمة لمقطوعة».. حوار بين حاستين
تحت عنوان «أنظمة لمقطوعة» قدم الفنانان، كريس ويفر وفاري برادلي، معرضاً ثنائياً، عرضا فيه الأعمال التي تنتمي إلى فن الصوت، والتي شكلاها من أدوات عديدة، بعضها يرتبط بالصوت، وبعضها لا ينتمي إلى اللون، ليفتحا أفقاً أمام المتلقي على نوع جديد من الاستماع.
يجمع المعرض الذي افتتح في مركز تشكيل، ضمن برنامج «إقامة فناني الوسائط الجديدة»، بين اللغة البصرية والسمعية، فيقيم حواراً من خلال لغة تركيبية خاصة، تأخذك عبر الصوت إلى تعلم فن الإصغاء.
سيرة صوتية فاري برادلي فنانة بريطانية إيرانية، مختصة في الصوت والموسيقى والتأليف. تميزت بتقديمها مجموعة من الأعمال الارتجالية والمباشرة، كما ألفت العديد من المقطوعات الخاصة التي قدمت ضمن عروض فرق الاوركسترا، وذلك في مهرجان لندن لفنون العمارة. حلت ضمن برنامج الفنان المقيم في دبي عام 2013، في مجال الموسيقى والصوت، وقدمت عروضاً موسيقية عبر أثير راديو ريسونانس في لندن، وفي مهرجانات الموسيقى الإلكترونية من بيروت إلى غلاستونبري. أما الفنان الأسكتلندي كريس ويفر فحصل على لقب الفنان الصوتي عام 2013 من الأكاديمية البريطانية لكتاب الأغاني، فهو فنان صوت تمحور عمله في مجال تركيبات البث والتصاميم المعمارية، وشارك في العديد من المهرجانات، منها غلاستونبري، ومهرجان ويلكم ترست. من أبرز الأعمال التي قدمها مقطوعات تعليق الايمان، وبث راديو لمدة خمس ساعات لمتسلقي الجبال والموسيقيين. |
تجتمع في المعرض مجموعة من الأعمال التي تضع المتلقي أمام علامات استفهام، لما تحتويه من غموض وغرابة من حيث الطرح، فتستدعي المشاهد إلى اكتشاف المادة وما يصدر عنها من أصوات، كما تظهر قدرات الصوت في خلق تواصل بين الواقع والمتخيل، من خلال عملية تكرارية للأصوات التي تصدر بأشكال غير مألوفة ومن مواد غريبة. ويدعو هذا الفن إلى اكتشاف المادة وما وراءها، وكذلك ما وراء الصوت.
يوجد في المعرض استوديو للتسجيل، إلى جانب شاشات تعرض الحالة الصوتية عبر الألوان والذبذبات، والتي بدورها تمت ترجمتها إلى اللغة البصرية عبر لوحات تصويرية ملونة، تحتوي على الخطوط. وتنطلق فكرة الاستديو من البيئة الإماراتية، حيث تم استخدام قماش السدو الإماراتي، إضافة إلى مجموعة من مكبرات الصوت والآلات الموسيقية، فيما كانت الألوان التي تم طلاء جدران الاستديو بها متميزة بالقوة والحيوية.
إلى جانب هذه الأعمال التي توضح الحركة الصوتية، وجدت في المعرض الذي افتتح في السابع من يناير الجاري، ويستمر حتى 14 فبراير المقبل، مجموعة من الأعمال التركيبية التي تبرز الأصوات من أشياء غريبة، ومنها المكبرات التي وضعت داخل كمية ضخمة من الملح، والتي تعمل على تحويل الصوت ليأخذ شكلاً مختلفاً، وكذلك تحويل مكبرات الصوت إلى آلات سمعية. ينسج المعرض من خلال الأعمال علاقة مميزة بين الأدوات والفراغ والأماكن، ليأخذنا في تجربة تطبيقية تجمع بين التكنولوجيا والفن، وتستخدم الصوت لرسم معالم خفية ومبهمة، لجعل الإصغاء تجربة محسوسة وملموسة ومشروطة بالسياق العام للأعمال.
وقالت فاري برادلي عن المعرض إن «القطع الموجودة كلها تتمحور حول الصوت، ومنها القطع التي تنتج الصوت، ومنها التي تبرز الأصوات بطريقة مختلفة، والبراميل التي تحول الأصوات وتعطي صوت الدرامز». وأضافت «أقمنا استديو، وقد دعونا مجموعة من الفنانين والموسيقيين في الإمارات كي يأتوا ويسجلوا أصواتهم في الاستديو، ومن الممكن أن يكونوا فنانين يستخدمون الصوت، أو أن يكونوا مغنين وعازفين». ومن الأعمال الأخرى في المعرض، مكبر الصوت الذي يجعل الصوت ثانوياً حين يوضع في الملح.
واعتبرت برادلي أن «فن الصوت يعد من الفنون الحديثة في الشرق الأوسط، وهناك مجموعة من الأعمال التي تعتبر غير مألوفة، فعلى سبيل المثال أن منسق الموسيقى (دي جي) يعمل على خلط الأصوات ويرسلها عبر المكبر، لكن ما نفعله نحن أننا نجعل الخلاط يقدم الأصوات الخاصة به، فمكبر الصوت يصبح الوسيلة التي نسمع منها، وبالتالي نوجد طريقة جديدة لاستخدام الأدوات». واعتبرت أن هذا الأسلوب يوجد تخيلاً جديداً لدى المتلقي، وهو أكثر ابتكاراً وإبداعاً. ولفتت إلى أن اللغة البصرية موجودة لدى المتلقي، لكن اللغة السمعية والتمرس على الإصغاء غير موجود، وذلك بسبب الضجيج في المدينة، ففي القدم كان الصوت هو الصيغة لتعريف الأشياء، وبالتالي البقاء على قيد الحياة، لكن الضجيج اليوم لا يتيح ذلك.
وذكرت أن المعرض يدخل في اللاوعي الخاص بالجمهور للتفكير في أشياء مختلفة، وبالتالي تصبح القطعة محط تفاعل ومعرفة ما تحتويه، أما أهمية الإصغاء في الحياة فاعتبرته من الأمور التي تدل الناس على الكثير من مرافق الحياة، فهي من الحواس المهمة التي تعرف المرء إلى الطبيعة، وكذلك الاكتشاف، وبالتالي التفاعل مع المحيط.
أما التحضير للمعرض فاستغرق ما يزيد على الشهرين من العمل اليومي ساعات طويلة، وقال كريس ويفر إن «المعرض يقسم إلى قسمين، فالأول يحمل بعض الأعمال البصرية، التي تبرز الجانب اللوني، وترجمة الصوت إلى اللون، فقدمنا فن الفيديو، فيما الجانب الثاني هو الصوتي البحت». وذكر أن «العمل على الوسائط الجديدة يشكل عملية اكتشاف للفنان أيضاً، فهو يتعرف أيضاً إلى المواد التي يبتكر من خلالها، لاسيما أن هناك مجموعة من المواد التي يعمل عليها للمرة الأولى». ورأى أن الموازنة بين اللون والصوت تأتي بشكل تلقائي وغير متعمد، لكن هذا الإيحاء العام الذي يقدم من خلال الجمع بينهما يتشكل في عقل المرء، لأن الحرص الوحيد كان متركزاً على خلق مشهد بصري قوي وفي المقابل قوة سمعية، لاسيما أن هناك مجموعة من الأعمال التي يكمل بعضها بعضاً. وأوضح أنه لا يمكن القول بقوة لغة أكثر من الأخرى، فالسمع يكمل الصوت، وفق كريس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news