التقى ضيوف المهرجان.. ووجّه بطباعة القصائد في كتاب

سلطان يرتحل بضيوف «الشعر الشعبي» إلى بدايات «النبطي»

صورة

اصطحب صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ضيوف مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في دورته الـ11، التي انطلقت أول من أمس، في رحلة تاريخية مع بدايات الشعر النبطي.

جاء ذلك، خلال لقاء سموّه في دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية، صباح أمس، ضيوف المهرجان، الذين توافدوا إلى الشارقة من أقطار الوطن العربي، مبيناً أن «الدارة» مكان يضم الفكر والمعرفة والتاريخ، ومن يدخله بالضرورة يخرج بفائدة علمية ومعرفية.

أمسية أولى

أولى أمسيات المهرجان، أول من أمس، كانت مع الشاعرين الإماراتيين ماجد بن سلطان الخاطري، وعلي بن محمد القحطاني، إذ أكد الخاطري في مستهل إلقائه أن مديحه في شخص صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي هو من باب التوثيق الحقيقي، قبل أن يبدأ بقصيدة «معنى وطن».

التنوع بين أغراض شعرية متعددة منها المدح والفخر والقصائد الاجتماعية والوطنية، هو أحد ملامح القصيدة الشعبية، التي ظهرت أيضاً في قصيدة ألقاها الخاطري بعنوان «دار الثقافة»، التي وصف فيها بعض مناحي تميز الشارقة بين سواها من المدن، خصوصاً في ميدان الثقافة.

لكن التجاوب الأكبر بين الشاعر والحضور وصل مداه بشكل ملحوظ مع قصيدة «سلطان»، التي قال قبل أن يلقيها بأنه تأثر بتصريح إذاعي لسموه، يتحدث فيه عن «الفئة الضالة».

الانتقال إلى الضيف الثاني للأمسية، كان بمثابة نقلة مع اتجاه مختلف للقصيدة الشعبية، لاسيما أن الشاعر علي بن محمد القحطاني، افتتح قصائده، بمحتوى يهفو إليه قلب كل عربي، في قصيدته التي حملت عنوان «القدس»، قبل أن ينتقل إلى الشعر الاجتماعي، ليتغنى بفضيلة الكرم عبر قصيدة «الدراهم».

استدعاء مسيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتأكيد على سير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، على نهجه، كان محتوى القصيدة التي ختمت فعاليات الأمسية الأولى للمهرجان، وهي قصيدة «الأجودي يغيثك»، وهي قصيدة مزجت بين الوصف والمديح.


فعاليات

لا تقتصر فعاليات مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في دورته الـ11 على مقره الرئيس في قصر الثقافة، الذي يستضيف صباح اليوم، ندوة للشعراء المكرمين محمد راشد الشامسي وخميس بن حمد السماحي وفاطمة الحبروش الملقبة بـ«فتاة دبي»، بل يمتد ليشمل مدينة الشارقة الجامعية، التي تستضيف اليوم أصبوحة شعرية.

ويستضيف المجلس الأعلى لشؤون الأسرة أيضاً أصبوحة شعرية خاصة بالشاعرات، غداً الخميس، كما تستضيف القرية التراثية في الذيد ضمن فعاليات المهرجان عروض فرقة الحربية، وأمسية شعرية يوم الجمعة، فيما يستضيف بيت الشيخ سعيد في مدينة كلباء أمسية شعرية أخرى السبت المقبل.

وقال سموّه إن «ليلة انطلاق مهرجان الشارقة للشعر الشعبي استوقفتني لوحة كتب عليها (القصيدة هوية وطن)، ويقصد بها القصيدة النبطية، وذهب فكري بعيداً في معنى هذه المقولة ودلالتها التاريخية، فأردت أن أشارككم هذه الرحلة التاريخية مع بداية الشعر النبطي». وأضاف: «قبل 1800 سنة قبل الميلاد توجه سيدنا إبراهيم، عليه السلام، من العراق إلى شرق الأردن في طريقه باحثاً عن دليل يدله على المعبود، وحاول الاستدلال بالقمر والشمس وغيرهما، فوجد أنها تأفل فأفل عنها، وتزوج بسارة، لكنها لم تنجب، واتجه إلى الجنوب وتزوج من هاجر، وهي مصرية، ولا نقول فرعونية، بل مصرية، لأنها مصر اسمها مشتق من مصرايم بن حام بن نوح ومن سلالة حام بن نوح كذلك كنعان أبو الفلسطينيين، وكوش، الذي تنسب إليه قبائل شرق السودان، ورحل سيدنا إبراهيم  وزوجته إلى الجنوب نحو مكة، حيث لم تكن توجد مكة، بل أطلال مدفونة في التراب، تاركاً زوجته هناك التي أنجبت له إسماعيل، عليه السلام».

وتابع صاحب السموّ حاكم الشارقة، أن «سيدنا إبراهيم، عليه السلام، توجه نحو الشمال إلى شرق الأردن، حيث زوجته سارة التي أنجبت له إسحاق، ومن سلالته يعقوب وعيسو.. ويعقوب كان له من الأبناء يوسف وأخوته الذين يطلق عليهم الأسباط، ودخلوا مصر في قصتهم المعروفة، وبقي عيسو أخو يعقوب في المنطقة نفسها، ولم يرحل مع أخيه».

وقال سموه: «عندما رجع سيدنا إبراهيم إلى مكة وجد أن إسماعيل كبر في السن، وتزوج من قبيلة جرهم.. وأنجب 12 ابناً، أكبرهم يسمى (نبط)، نسبة إلى الماء الذي نبع، وحكم نبط مع أخواله بعد موت أبيه إسماعيل. وفي عام 600 قبل الميلاد ضرب الجفاف المنطقة، وتوجهوا إلى الشمال نحو أبناء عمومتهم من أبناء عيسو، فأسسوا في الشمال مملكة الأنباط، وأخذوا الملك عن أبناء عمومتهم وعلموهم العربية». وأضاف سموّه: «في عام  312 قبل الميلاد انتبهت الدولة البيزنطية إلى أن جزءاً من مملكتها قد انشق، فأرسلت حملة بقيادة انتيكوس، وأبيدت الحملة بالكامل ولم يرجع منها أحد، وسيطر الأنباط من الشام إلى قرب اليمن، وكانوا يتاجرون وينقلون المواد من الشمال إلى الجنوب، وسميت برحلة إيلاف، وبقيت هذه المملكة إلى سنة 100 ميلادية، أي استمرت 700 سنة، وتولى زعامتها العديد من الحكام، منهم الحارث الذي تولى عام 312 قبل الميلاد، وآخرهم مالك الثالث في عام 100 بعد الميلاد».

وقال سموّه: «إن الأنباط كانت لهم العديد من الانتصارات والمفاخر، ما جعلهم ينقلونها في صورة أبيات شعرية سهلة الحفظ تعبر عن حماستهم وفخرهم، وإليهم ينسب هذا النوع من الفنون الشعرية. وفي رحلة عودتهم إلى مكة حملوا قصائدهم التي سميت بالنبطية، وبرزت مكة في تلك المرحلة على أنها مكان التقاء القبائل العربية، وتكوينها أقرب للفصيح، وتميزت بأسواقها، مثل سوق عكاظ، الذي كان يجتمع فيه الشعراء، فحار الشعراء وتساءلوا هل يكتبون قصائدهم بالفصحى أم بالنبطي، حتى جاء القرآن الكريم باللغة العربية الفصيحة، بالإضافة إلى السنّة الشريفة والفتوحات الإسلامية التي أسهمت جميعاً في ترسيخ اللغة العربية الفصيحة وسيادتها، وانزوى الشعر النبطي».

وعبّر صاحب السموّ حاكم الشارقة عن سعادته بأن يرى شعراء موهوبين يعبرون عن مشاعرهم بغير تكلف أو تصنع، وطالب الشعراء والمهتمين بهذا النوع من الفنون بألا يهتموا بالحجم على حساب المضمون والجودة، حاثاً إياهم على الاهتمام باللغة العربية وآدابها، والالتزام بقواعدها اللغوية والنحوية.

ودعا سموّه المسؤولين والقائمين على مهرجان الشارقة للشعر الشعبي، إلى تقييم القصائد المعروضة ونوعيتها، وإعطاء المبدعين الأولوية في نشر قصائدهم، موجهاً المسؤولين إلى إقامة العديد من الملتقيات الشعرية لشعراء الوطن العربي، وإثراء الساحة الأدبية بالقصائد الإبداعية، ووجه القائمين على طباعة القصائد التي قيلت في مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في كتاب.

وناقش ضيوف مهرجان الشارقة للشعر الشعبي العديد من الموضوعات التي تشغل بال الشعراء والمثقفين في الوطن العربي، مقدمين اقتراحاتهم لإثراء الساحة الأدبية بالقصائد الشعرية النبطية.

وحضر اللقاء رئيس دائرة الثقافة والإعلام، عبدالله محمد العويس، ومدير عام الضيافة والتشريفات بالشارقة، محمد عبيد الزعابي، ومدير مركز الشارقة للشعر الشعبي، راشد شرار، والدكتور يوسف عيدابي.

وكانت قد انطلقت، مساء أول من أمس، في قصر الثقافة بالشارقة، فعاليات الدورة الـ11 من مهرجان الشارقة للشعر الشعبي، بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي كرّم ثلاثة من رواد القصيدة الشعبية الإماراتية، هم محمد راشد الشامسي، وخميس بن حمد السماحي، وفاطمة الحبروش الملقبة بـ«فتاة دبي».

وشهد حفل الافتتاح العديد من الفقرات الفنية، بخلاف استضافة ضيفي الأمسية الافتتاحية، ففضلاً عن فيلم وثائقي تطرق إلى مسيرة المهرجان، قدمت فرقة فرسان المقابيل لوحة أدائية بعنوان «المجد التليد»، عكست قيم الولاء والانتماء والوطنية من مختلف شرائح المجتمع بصيغة شعرية وموسيقية مميزة.

تويتر