تحية حب عُمانية لأحمد راشد

من عُمان، تأتي التحية هذه المرة، لصاحب صوت إماراتي أعلى نبرة من كل غياب، تحيةً معطّرة بشهادات وذكريات عن فتى خورفكان الذي استراح قبل سنوات، لتقول إن «الشعراء لا يموتون»، وإن كلماتهم عابرة للحدود.

قبل أيام مرت الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني، الذي تبقى إبداعاته متحدية الغياب، وتفرض سيرته نفسها، يتجلى هذا وأكثر في كتاب صدر، أخيراً، بعنوان «يوم طار شل السمر كله.. تحية حب عمانية لأحمد راشد ثاني»، من إعداد عبدالله حبيب وسعيد سلطان الهاشمي.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

لا تقاس المحبة في الكتاب العماني بالكم وعدد الصفحات، فرغم أنه صغير نسبياً (103 صفحات)، إلا أنه عامر بالذكريات والمعرفة الحقيقية، إذ جمعت كثيرين ممن وردت شهاداتهم في الكتاب عِشرة بابن الإمارات الراحل أحمد راشد ثاني، لذا تبدو الكلمات مشحونة بالمشاعر، فياضة بحزن حقيقي على فقدان ذلك المبدع الاستثنائي.

بسيرة موجزة عن صاحب «دم الشمعة» و«على الباب موجة» ينطلق الكتاب، وتكون البداية مع «شهادة من الداخل»، بقلم الشاعر الإماراتي خالد البدور «أحد أصدقاء أحمد القدامى»، وزميله في جامعة الإمارات وأيام التلمذة في العين. يكشف عن أحمد «المريض بالكتابة والقلب»، ويتذكر الفتى الجامعي الذي «كان مريضاً بالكتابة وبالشعر وبالبحث وراء المعرفة. لقد تحول عشقه للكلمة والتعلم إلى هوس مرضي بدأ ينتشر كالمرض الوبائي في جسده. أتذكر أنه كانت تمر عليه أيام طويلة لا يكترث فيها بضرورة أن يأكل أو ينام أو يهتم ولو قليلاً بحاجات الجسد من الراحة والتغذية. لقد كان أحمد مريضاً بعشق المعرفة والبحث المضني والدائم عن الأفكار والكتب والقصائد الجديدة».

عن حكايا أحمد راشد مع الكتاب تستمر شهادة البدور، مشيراً إلى أنهما ومجموعة من الأصدقاء لم يكن لديهم مال ليشتروا به كتباً، لذا عملوا مساعدين للناشرين وعارضي الكتب خلال معرض الكتاب بالشارقة في سنواته الأولى، وكان الأجر الذي حصلوا عليه مقابل ذلك «مجموعة جيدة من الكتب». ويلفت البدور إلى أن حياة صديقه الراحل دوماً كانت مكتظة بالكتب ومرتبطة بحروفها، حتى عمله بعد الجامعة ارتبط بها «فقد شارك في تأسيس مكتبة خورفكان وعمل فيها، ثم مكتبة كلباء، كما عمل في مكتبة الشارقة المركزية، ثم انتهى به الأمر ليعمل في دار الكتب الوطنية التي كانت تابعة للمجمع الثقافي في أبوظبي، ثم حالياً لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة». ويورد البدور في شهادته بعض ما رواه أحمد راشد ثاني لـ«الإمارات اليوم» حول بداياته مع الكتاب وهو لم يكمل العاشرة من عمره في خورفكان. وبعد شهادة البدور تأتي قصيدته «صار لديك ما يكفي» التي كتبت بعد مرور عام من رحيل صديقه أحمد راشد ثاني. معظم سطور الكتاب أملتها معايشة حقيقية لـ«أبووهج» وكذلك قصائده، ومعظم أصحاب الشهادات التقوا الراحل داخل الإمارات وخارجها في مناسبات ومهرجانات شعرية عدة، لذا تبدو الكلمات محمّلة بالكثير، فالشاعر زاهر الغافري يقول: «ترحل وأنت تدرك أنك تترك أصدقاءك وحيدين تأكلهم اللوعة، لقد رحلت يا أحمد، رحلت وتركت في أرواحنا بقايا من دم الشمعة». بينما يشير الشاعر سماء عيسى إلى عشق أحمد راشد للتاريخ العماني، ومعرفته بتفاصيل تغيب حتى عن متخصصين فيه. أما السينمائي العماني، عبدالله حبيب، فيتذكر مواقف عدة جمعته بأحمد راشد وكذلك «شقاواته».

يشار إلى أن الكتاب ألقيت كلماته في «أربعينية أحمد راشد التي أحيتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالنادي الثقافي في مسقط يوم الثلاثاء الثالث من أبريل 2012». ويضم بالترتيب «أحمد راشد ثاني: سيرة ذاتية موجزة»، و«من قبيل التقديم» عبدالله حبيب وسعيد سلطان الهاشمي، و«المريض بالكتابة والقلب» خالد البدور، و«صار لديك ما يكفي» خالد البدور، و«عن أحمد راشد ثاني، مشاهد من الذاكرة» خميس قلم، و«كما لو كنت نائماً وأنت تحلم بالرمل والحصاة وعشبة البحر» زاهر الغافري، و«موجة أحمد راشد الأخيرة» سماء عيسى، و«أحمد راشد ثاني: مجازي الغياب.. خنيزي الحضور» سعيد سلطان الهاشمي، و«الصارخ في بئر المعنى» (عن أحمد راشد ثاني في أسبوعه الأرضي الأول) صالح العامري، و«أنت ماء مجفف» عبدالله حبيب، و«وداع الأم والابن والروح المرحة» عبد يغوث، و«لقاء افتراضي مع أحمد راشد ثاني» فاطمة الشيدي، و«أمام معلقات أحمد راشد ثاني» محمد الحارثي.

الأكثر مشاركة