إين أكد أن الجمال موجود في كل مكان حولنا. تصوير: إريك أرازاس

بين إين: «فن الشارع» الأصدق والأكثر تأثيراً

كشف الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والسفير البريطاني في الإمارات، فيليب بارهام، ومدير المجلس الثقافي البريطاني، مارك جيسل، صباح أمس، النقاب عن الجدارية الأصلية للفنان البريطاني بين إين التي رسمها بطول 40 متراً على محيط الجدار الخارجي للسفارة البريطانية في أبوظبي، بدعم من المجلس الثقافي البريطاني، ومعرض «آرت سبيس دبي»، ومؤسسة أناسي للإنتاج الإعلامي.

 توقيع نهيان

استجاب الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، لدعوة الفنان البريطاني بين إين له للتوقيع باسمه على الجدارية، وبالفعل كتب اسمه باستخدام «الاسبراي» الخاص بالرسم الغرافيتي.

وأثنى وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع على مشاركة ثلاث طالبات من جامعة زايد في العمل مع الفنان البريطاني، وهن عائشة اليوسف وأماني الأشقر وروضة القمزي، ودعاهن الى الاستفادة من هذه التجربة، وتقديم أعمالهن الخاصة.

وعبر بين إين، الذي يعد أكثر فناني الشارع إنتاجاً وإبداعاً في المملكة المتحدة، عن انبهاره بالتطور الكبير الذي شهدته دولة الإمارات في السنوات الأخيرة، معرباً عن سعادته بزيارته للدولة للمرة الأولى وعرض أعماله فيها.

وقال بين إين لـ«الإمارات اليوم»، إن جداريته التي تتكون من حروف متفرقة ويمكن قراءتها «إنها ليست مسابقة في الجمال» THIS IS NOT A BEAUTIFUL CONTEST، تحمل رسالة مفادها أن الجمال موجود في كل مكان حولنا، وعلينا أن نظهره أمام العيون، وكل شخص يوجد بداخله جمال معين، وطاقة إيجابية عليه أن يجدها ويعبر عنها، مشيراً إلى أن إنجاز الجدارية استغرق أربعة أيام، معتبراً أنها ستتيح الفرصة أمام الناس لرؤية فنه.

وأشار إلى أن اختيار محتوى العمل الذي أنجزه اعتمد على معايير من أهمها طول الجدار ومساحته، والرسالة التي يسعى إلى تقديمها، لافتاً إلى اهتمامه في عمله بالألوان التي تضيف للوحة الكثير من الحيوية والطاقة الإيجابية، وتخلق حالة من التباين تبرز المحتوى، وتلفت الأنظار إلى الجدارية، وتزيد من جمالياتها الفنية.

بين إين، الذي أنجز أعمالاً فنية في شوارع مدن مختلفة حول العالم، مثل لندن ونيويورك ولوس أنجلوس وطوكيو، كما تعرض أعماله في المتاحف والمعارض الفنية من متحف «لوري» الشهير في المملكة المتحدة إلى متحف الفن المعاصر في لوس أنجلوس، قال إن «فن الشارع» يظل هو المفضل إليه، لأنه يحمل شغفاً خاصاً بهذا النوع من الفنون، بالإضافة إلى قدرة فن الشارع المتمثل في الجداريات من الوصول إلى شريحة عريضة من الجمهور من مختلف الفئات، والتعبير عنهم بصدق، على عكس الأعمال الموجودة في المتاحف، التي لا يراها سوى رواد المتاحف، وهم أقل بكثير من جمهور الشارع.

وعن ارتباط أسلوبه الفني بالحروف والخط؛ أوضح الفنان البريطاني أن لديه شغفاً خاصاً بالحروف، فهي بالنسبة له وسيلة التواصل مع الآخرين، كما تتضمن الكلمات طاقة وجماليات مذهلة، مشدداً على شغفه بشكل الحرف والطرق المتعددة التي تتيحها الحروف والكلمات أمام الفنان للتعبير عن أفكاره ومشاعره «فالكلمة الواحدة يمكن أن توصل العديد من الرسائل من خلال تغيير شكل الحروف وألوانها والمنحنيات التي تأخذها».

وعبر الفنان البريطاني عن دهشته من الطفرة الكبيرة التي حققتها الإمارات التي يزورها للمرة الأولى، مشيراً إلى أنه شاهد في السفارة البريطانية صوراً لأبوظبي في الستينات، إذ لم تكن هناك مبانٍ سوى قصر الحصن وجامع الشيخ خليفة ومبنى صغير كان مقراً للسفارة البريطانية، ومدرسة، والبقية صحراء ممتدة، وهو ما يعكس القفزة الكبيرة التي شهدتها الإمارات في السنوات القليلة الماضية.

من جانبه، رحب الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، خلال الكشف عن الجدارية، بالفنان البريطاني الذي يعد من أشهر فناني العالم في «فن الشارع»، في أول زيارة له للدولة، مشيراً إلى أن أبوظبي ودولة الإمارات بشكل عام، باتت بمثابة «مجمع للفنون» بما تتضمنه من متاحف ومشروعات وفعاليات فنية ضخمة، وهو دليل كذلك على المكانة التي اكتسبتها كمركز لاستقطاب الفنون والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، وحرص الفنانين على تقديم أعمالهم فيها، والاطلاع على التطور الذي تشهده في مختلف المجالات. وأشار الشيخ نهيان إلى أهمية «فن الشارع» كنوع جديد من الفنون، لما لديه من قدرة على التعبير الصادق عن مجتمعه، وما يتفرد به من هموم وقضايا وتطلعات، تختلف عن المجتمعات الأخرى، وارتباط هذا الفن بشكل مباشر ووثيق بالناس وسعيه للتعبير عنهم، وبالتالي التأثير فيهم، كما يتيح للفنان الخروج عن المألوف في التعبير.

وقال إن الإمارات منفتحة على العالم، وملتقى لكل الأعمال الإنسانية، بما يجعلها منارة للتعايش والسلم والتفاهم والتقارب بين الشعوب المختلفة، وفي الوقت نفسه التمسك بالدين الإسلامي، وبعاداتها وتقاليدها وتراثها، كما قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله: «على الإنسان أن يقف بأقدام راسخة في الماضي والتراث، ورؤية منفتحة على المستقبل ليتطلع على كل ما هو جديد ويستفيد منه في تطوير مجتمعه».

وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك «كان نهج الشيخ زايد يعتمد على جعل الإمارات واحة سلم للجميع، وبالفعل تحققت هذه الرؤية، حيث تعيش وتتعايش في الدولة 200 جنسية مختلفة، في أمن واستقرار، بما يجعل الإمارات نموذجاً للمجتمع الناجح والدولة الناجحة».

وأثنى على العلاقات الوطيدة بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى أن الجدارية التي تعبر عن نوع حديث من الفنون، تزيّن مبنى السفارة البريطانية، وهو ثاني أقدم مبنى في أبوظبي، ويقابله مبنى «قصر الحصن» الأقدم في المدينة، وهو مفارقة مهمة.

سيرة

بدأت خطوات بين إين نحو الشهرة في عام 2010 عندما قدم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، لوحة من أعماله إلى الرئيس أوباما كهدية في زيارته الرسمية الأولى إلى البيت الأبيض. وفي 2011، تم إدراج أعماله في أكبر معرض لفن الشارع في متحف الفن المعاصر في لوس أنجلوس. وفي العام نفسه، تلقى دعوة من منظمة العفو الدولية لتصميم ملصق الذكرى الـ50 لتأسيسها. وفي 2013 توالت عروضه الناجحة ولاقت إقبالاً كبيراً، بالإضافة إلى تلقيه دعوة من لويس فيتون، لتصميم مجموعة ذات إصدار محدود من الأوشحة الحريرية. في 2014، كُلّف إين بعمل لوحة جدارية في حديقة الملكة إليزابيث الأولمبية في لندن جزءاً من برنامج فن الأمة والتراث الثقافي.

الأكثر مشاركة