«اعتدت ألا يراني أحد» لجمانة مصطفى: اللغة كفراشة.. النص كغابة
أصدرت الشاعرة جمانة مصطفى، مجموعتها الشعرية الرابعة «اعتدت ألا يراني أحد» عن دار الأهلية للنشر في الأردن، وفيها تجريب لإمكانات السرد الشعري وطاقات الجملة الشعرية المتحررة من البلاغة والثقل اللغوي: «لا نريدُ فراشةً.. لا نريدُ ناياً. ولا نريدُ نبعاً رقراقاً.. نريدُ كأساً جديدة.. لنعيشَ ساعةً أخرى».
في قصيدة «الغابة: بضعة قتلة»، أو «النمرة التي في القفص» يبدو النص كأنه سرد مشغول بوصف الحركة والعناصر والغرائز في الغابة، لكن شعريته تقع خارج ذلك.
في المجموعة، ثمة «المدينة: جيوش الممسوسين»، وهذه غابة أخرى أيضاً، وتصلح لكثير من الكاميرات والعرض السينمائي المتقن في تقنياته ودقته.
في الكتابة التي تستخدم هذه التقنية، لجأت جمانة إلى إيقاعات سريعة ومتتالية، لتختصر المدينة، وتعفيها من الثرثرة والاسهاب: «الجرائم التي تقلمين بها أظافرك.. سيارات القمامة وهي تلمّ وجودنا.. وتُلقي به سريعاً». في هذ االنص احتفاء بالهامشي والمقموع والمتروك في العتمة والنسيان: «العجوز.. يضحك كلما هرولت رياضية.. أو تمختر حبيبان.. حتى تخرج الديدان من تجاعيده».
ثلاثة فصول أخرى في المجموعة، وكلها في جوانيّة الأنثى وأسئلتها وشظاياها: الأول بعنوان «كأني جديدة»، وهي «قصيدة سعيدة عن الحب»، فيما عنونت الشاعرة الفصل الثاني باشتقاق لغوي من اسمها «جمانات». وهنا يجد القارئ تكثيفاً مدهشاً في اللغة والصورة، مثل الذي في مقاطع «الهايكو»: «في المنزل الصغير نبتة لا تذكر أمها.. محاولات لفنانين مغمورين.. ومكتبة مصابة بالتوحّد» لتنهي المجموعة بفصلها الخامس «ماذا تنتظرين».
«اعتدت ألا يراني أحد» هي المجموعة الرابعة للشاعرة بعد «غبطة برية» و«عشر نساء» و«لن أقول ما رأيت»، إضافة إلى مجموعة مترجمة للإيطالية بعنوان «أتعثر كلّما مشيتُ على مهل».
يشار إلى أن جمانة شاعرة وإعلامية، عملت في الصحافة المكتوبة والمرئية، وأسست سابقاً مهرجاناً شعرياً بعنوان «شعر في مسرح» امتد من 2008 حتى 2011، كما أسست ومجموعة من الفنانين العرب والأردنيين مهرجاناً جديداً بعنوان «خان الفنون» يحتفي بالشعر والموسيقى والفنون التشكيلية.