ملتقى دبــي التشكيلي.. حوار بين الكلــمة واللون

يقيم ملتقى دبي التشكيلي الدولي، في دورته الثانية، حواراً بين الكلمة واللون، حيث يحول الفنانون المشاركون، وعددهم 26 فناناً، التغريدات الإنسانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى أعمال فنية طوال أيام الملتقى الذي يمتد حتى 19 أبريل الجاري، تحت عنوان «تغريدات ملونة». وبدأ الفنانون إنجاز لوحاتهم مع انطلاق الملتقى، أمس، في مقر مركز راشد للمعاقين، بعد أن افتتحه سمو الشيخ جمعة بن مكتوم آل مكتوم، العضو المنتدب لمركز راشد للمعاقين، رئيس ملتقى دبي التشكيلي الدولي، وكرم المشاركين بميدالية الملتقى الذهبية وشهادة تقدير.

تغريدات

قدم إلى الفنانين المشاركين مجموعة من التغريدات الإنسانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واختار كل فنان تغريدة. ومن بين التغريدات: «استثمارنا في أبنائنا هو استثمار في المستقبل، وتطوير التعليم هو تطوير لأقوى أسلحة المستقبل»، «نحن نؤمن بالشباب، ونعرف أن المستقبل لا يصنعه إلا الرواد، والتاريخ لا يغيره إلا أصحاب الشجاعة والإقدام، والشباب العربي يستحق مستقبلاً أفضل»، «الأطفال هم أضعف الفئات خلال أية كوارث أو صراعات، نريد أن نساعد هذه الفئة الضعيفة،. ونسأل الله أن يحفظ أطفالنا جميعا». «المرأة هي سر توازن الحياة، وسر جمال الكون، ومصدر المحبة والرحمة في هذا العالم، كل عام وانتن أقوى وأجمل وأفضل».

فنانون مشاركون

يشارك في الملتقى 26 فناناً من 16 دولة، من الإمارات وإسبانيا وصربيا وروسيا وجورجيا وألمانيا والسعودية والكويت ومصر وفلسطين والعراق والأردن وسورية وعُمان وقطر والسودان. وتشهد الدورة الجديدة مشاركة 13 فنانة و13 فناناً، من بينهم 21 يشاركون للمرة الأولى في الملتقى. وتضم قائمة الفنانين المشاركين عبدالرحيم سالم، إيريني آرتو لوبيز، غالا كاكي، بانا سفر، قصي بدر، راشد دياب، إلينا شابوفالوفا، مها خوري، رودسودان خيزانشفيلي، علا حجازي، مي السعد، جهاد العامري، سهيل بدور، فاتن الداوود، بهرام حاجو، حمد الحناوي، عبد الكريم السيد، بسيم الريس، انجي العرابي، مريم الزدجالي، سلمان المالك، اسماعيل الرفاعي، محمد فهمي، وصال العاني، ماري روبيل، وجمال السويدي. والى جانب هذه الاسماء شاركت الطالبة في مركز راشد للمعاقين، كوكب محسن، التي تم اكتشاف موهبتها العام الماضي، فحصلت على التدريب اللازم في المركز، لتكون اليوم من بين المشاركين في الملتقى إلى جانب الفنانين المشاركين.

حملت الأعمال الموجودة في الملتقى الجوانب الإنسانية، فأتت مستمدة من تغريدات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ومنطلقة من تكريس دور المرأة في بناء المجتمع، وكذلك دورها في بناء الأسرة، إلى جانب التغريدات التي تطال الجوانب الخاصة بالأطفال والطموح والتطلع للأفضل والأمل والمساواة.

وقال سمو الشيخ جمعة بن مكتوم خلال حفل الافتتاح إن «ملتقى دبي التشكيلي الدولي يكرس فعله الجمالي والإنساني منذ انطلاقته الأولى، ويتواصل بجهود الفنانين المشاركين من مختلف دول العالم». وأكد أن تغريدات صاحب سموه تعبر عن روح الجمال والقيم السامية التي تتبناها الإمارات. وأضاف أن «تغريدات سموه الإنسانية تنير دروب العمل الخيري والإنساني، وتحث على الخير والجمال، وتؤكد على قيم العطاء، وتعطي للأجيال الحالية والمقبلة دروساً في إنكار الذات وعالمية العطاء».

من جانبه، أكد سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، الدكتور أيمن البياع، دعم المنظمة الدولية للملتقى، الذي يحمل قيم الجمال والإنسانية والعطاء، قائلاً «أن تكون سفير نوايا حسنة، لأي منظمة خيرية أو إنسانية، محلية كانت أم عالمية، تحتاج إلى منظومة قيم، ورؤية إنسانية، ومنهج وقدوة تُحتذى». وأضاف أن «الأمم المتحدة، وكل سفرائها للنوايا الحسنة، يستلهمون من فكر ورؤى وتغريدات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ويترجمونها نهجاً ومنهجاً، وينطلقون منها نحو فضاءات العمل الإنساني والخيري العالمي الذي لا يفرق بين عِرق ودين».

وشكر المدير الفني للملتقى، الزميل علي العامري، الفنانين المشاركين على جهودهم التطوعية الإنسانية والجمالية، إذ يخصص ريع الأعمال الفنية التي ينجزها الفنانون لدعم أطفال مركز راشد للمعاقين. وقال إن «الفنانين المشاركين يترجمون تغريدات إنسانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى أعمال فنية، في توأمة بين الكلمة واللون، كما سيقوم مركز راشد للمعاقين بطباعة كتاب يضم التغريدات واللوحات المستوحاة منها، بعد ختام الملتقى».

وقال عضو مجلس إدارة المركز، المدير العام لساعات زينيت، الراعي الاستراتيجي للملتقى، جورج بشارة، إن «شراكة ساعات زينيت الاستراتيجية تأتي للعام الثاني على التوالي لملتقى دبي التشكيلي الدولي إيماناً بأهمية الثقافة والفنون في تعميق التواصل الانساني».

حضور المرأة

قدم التشكيلي السوري، قصي بدر، الوجوه في لوحته، حيث اختار تغريدة تتعلق بالمرأة ودورها في الإمارات، وتحكي عن دورها في الحياة العملية بشكل عام، وأتى هذا الاختيار بناء على قناعته بأن المرأة يمكنها القيام بأدوار كثيرة وعظيمة، لاسيما أن التغريدة تعزز دور المرأة وفكرها. وأشار إلى أن تعدد الوجوه في لوحته يرمز إلى تعدد دور المرأة، أما ترجمة المزيج بين اللون والكلمة فتتم من خلال الرسالة التي يوصلها الفنان، فهموم المجتمع موجودة لدى أي فنان، لذا قال «جمعت أدوار المرأة في الإمارات، وعبرت عنها من خلال وجوه تبرز المشاعر والانطباعات، وتعبر من خلال الألوان المتباينة والمتنوعة، وبدورها تعكس ألوان الحياة في الإمارات، وبالتالي أدوار المرأة». ورأى أن «الفن له دور في بناء المجتمع وفتح آفاق المجتمع، وملتقى دبي التشكيلي تظاهرة مهمة تعكس هذا الدور».

واختار الفنان الأردني، جهاد العامري، تغريدة تتعلق بتمازج الشعوب والحضارات، والتآخي والسلام، وزوال الفروق بين الديانات والمذاهب، مشيراً الى أن الوقت الحاضر هو وقت انقسامات، وبالتالي يأتي النداء بالتعايش والتآلف والتفاهم في المرحلة الحالية مهمة أساسية وضرورية، لاسيما أن المجتمعات أصبحت شجرة، كلما زادت فروعها قل إنتاجها. ولفت إلى أن عمله يعكس التغريدة، فهو يمزج بين مختلف الحضارات العربية مع حضارة الاندلس. وقال إن «المرأة تحضر في العمل الجديد كونها التي تجعل الحضارة أكثر إنسانية وعمقاً». ورأى العامري أن «وجود الرسام في المركز يؤثر في ما يقدمه، كما أنها لفتة جميلة لإشاعة الفرح والفن في المركز، فرسالة الفنان هي رسالة محبة وجمال، ومن الأطفال من يكون لديه موهبة مدفونة، وهذا الملتقى يسهم في إبرازها».

أما الفنانة السورية، بانا سفر، فأشارت إلى أنها اختارت تغريدة «من يقول إن رضا الناس غاية لا تدرك عليه أن يراجع نفسه، رضا الناس وسعادتهم وراحتهم هي أهداف يمكن إدراكها». ولفتت الى أنها اختارت هذه التغريدة كونها تحمل الثقة والطموح، مشيرة إلى أنها سترسم بورتريه لامرأة واثقة بنفسها. وأشارت إلى كونها تهوى رسم الوجوه، فهو عالمها الذي يسعدها، وحين تبدأ به لا تعرف كيف تنهي اللوحة بعده، لأنه الأجمل عندها، إذ إن «الوجه يختصر كل شيء، وملامح الإنسان هي حياته كلها التي مضت، وتحمل كل ما عاشه». ورأت الملتقى فرصة مميزة للالتقاء بفنانين آخرين.

وجوه من المركز

الفنانة المصرية، إنجي العرابي، اختارت رسم الأطفال، كونها تعبر من خلال وجوههم عن التغريدات، مشيرة إلى أن البورتريه الخاص بالأطفال استوحته من الصور المعلقة على جدران مركز راشد للمعاقين، مشيرة إلى أن اللوحة الثانية ستجسد المرأة والحرية. واعتبرت أن «المكان يؤثر في الفنان، بحيث يمكن أن تستوحي منه حالة، كما أنه يوحي بحالة إنسانية»، موضحة أن الفكرة للفنان غالبا ما تأتي من المكان. ولفتت إلى أنها على الصعيد الفني تلتفت إلى الأفكار التي تبرز تعابير الوجوه وتبرز الحالات الانسانية.

أما الفنانة الإسبانية، إيريني آرتو لوبيز، فقد أتت خصيصاً للملتقى، منوهة إلى أنها تعتمد على التجريد مع رسم صورة امرأة فتية أو طفلة، فيما اختارت تغريدة تعبر عن أهمية الاستثمار في المستقبل، مشيرة إلى أنها اختارت الطفلة لأنها تبرز المستقبل والقادم، كما أن الأطفال هم الأكثر معاناة في العالم، وهم بحاجة إلى الرعاية والحنان والحماية. ورأت الملتقى فرصة مميزة لها، لاسيما أنها المرة الأولى التي تزور فيها مدينة دبي.

من جهتها، قدمت الفنانة الأردنية، فاتن الداوود، لوحة تجريدية تعبر عن التغريدة التي اختارتها، وهي تتحدث عن المرأة وتأثيرها في الحياة، مبينة أن رسوماتها السابقة ترتكز على المرأة، لذا أحبت الانطلاق من الجمال المكتوب بالحروف من خلال اللون، أما الرسم في المركز، فاعتبرته «من الأمور التي ترهف إحساس الفنان، وتمنحه الدافع وتثري اللوحة».

ملامح

أكد الفنان السوداني، راشد دياب، أنه يجمع في عمله بين نهر النيل والصحراء والمرأة، وهي العناصر الثابتة في لوحاته لتكون هي المتحدثة عن التغريدة التي اختارها. وأشار الى أن الملتقى يحقق مشاركة الفنان في العمل الاجتماعي والإنساني، وكذلك علاقته بالجمهور والفن، إلى جانب العمل الإبداعي والمتعة البصرية. ورأه «فرصة تسهم في المتعة النفسية»، معتبراً أن «الفنان يراجع مفاهيم كثيرة، ومنها قرب الفنان من الإنسان، لاسيما أن بعض الفنانين يصبحون ذاتيين، ولا يطرحون فكرة جديدة في عملهم».

الفنانة الصربية غالا كاكي، تزور دبي للمرة الأولى، تفاعلت مع المكان، واختارت التغريدة التي تبرز أهمية التعليم للأطفال. وأكدت أنها ستقوم برسم صورة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في لوحاتها، قائلة إن «سموه من الشخصيات التي يجب أن تكون موجودة في كل مجتمع، فهو شخصية تتمتع بالعطاء والحكمة». ولفتت إلى أنها تذهب إلى البورتريه كونها تعبر عن الناس من خلال الملامح، إلى جانب كونها تعتبرها الطريقة الأبرز في التعبير، لاسيما من خلال الخطوط.

 

الأكثر مشاركة