أطفال «الشارقة القرائي» يتدربون على صناعة الدمى
الفعاليات الكثيرة التي يشهدها مهرجان الشارقة القرائي للطفل، والتي تتسم بروح المعاصرة والمواكبة، لم تثنِ القائمين على أمر تنظيمه عن وضع فعاليات وأنشطة تهدف إلى عكس الموروثات الشعبية والعادات والتقاليد التي يتميز بها المجتمع الإماراتي، فوجدت الصناعات اليدوية القديمة حظها من الاهتمام في مهرجان الشارقة القرائي للطفل لهذا العام، وذلك استشعاراً بالأهمية القصوى لهذه الصناعات، واعتبارها إحدى الضمانات المهمة التي تسهم في تعزيز الهوية الوطنية وحماية التراث الشعبي من الاندثار، كما تعمق الارتباط بأواصر الماضي الجميل.
مشغولات امتلأت القاعة بعدد كبير جداً من المشغولات اليدوية، التي وزعت بشكل متناسق فحولت المكان إلى تحفة تراثية، كالمكبة، وهي غطاء هرمي يصنع من نوع خاص من خوص النخيل، تغطى به «الفواله» أو صينية الطعام، لحفظ ما فيها من الحشرات والأتربة، والسَـرّود، وهي قطعـة حصير مـدورة توضع فوقهـا أطبـاق الطعام، وتُصنع من خوص النخيل بعـد نقعه بالمـاء، والجفير، وهو وعاء توضع فيه الخضراوات والفواكه، يصنع من سعف النخيل، ويستخدم أكثر في المزارع. |
فيقوم معهد الشارقة للتراث خلال فعاليات الطفل بعقد ورش تدريبية بصورة يومية، تستهدف الأطفال والزائرين من الأسر على حد سواء، تعرفهم بالصناعات اليدوية التي ارتبطت بالتراث الإماراتي، فيتعرف الجميع من خلالها إلى صناعة الدمي، والسفافة، والتلي، وقرض البراقع وغيرها من الصناعات التراثية، وقد جاء ذلك متناغماً مع الرؤية العامة لدولة الإمارات، التي تؤمن بالأهمية الكبرى للتراث، وتضعه في مقدمة أولياتها دائماً، فمنذ البدايات الأولى لتأسيس الدولة كان الاهتمام بالتراث يأتي في عمق البرمجة الثقافية.
وقبل دخول ألعاب الفيديو والـ«بلاي ستيشن» وغيرها من الألعاب الرقمية إلى عالم الطفل، لم يكن للأطفال شيء سوى بعض الألعاب اليدوية البسيطة يتسلون بها، ويقضون بها أوقات فراغهم، وتأتي الدمى أو ما يعرف بفن العرائس على رأس هذه الألعاب، وعرفت الدمى، التي ارتبطت بشكل كبير بأنامل الجدات، طريقها إلى التراث الإماراتي منذ أمد بعيد، فكانت إحدى الوسائل البسيطة التي تتسلى بها الفتيات في المنزل.
وخلال جولتنا داخل القاعة المخصصة للمشغولات اليدوية التقينا الإماراتية موزة راشد سيفان (أم أحمد)، التي قالت لنا إنها تمارس صناعة الدمى منذ نعومة أظافرها، وقد ورثتها عن جدتها التي كانت تجتهد كثيراً في سبيل صناعتها، لضمان توفير أدوات تسلية نلعب بها ونقضي بها أوقات فراغنا ولنعيش في جو من الفرح والسرور.
واحتشدت حول الحاجة موزة راشد وبقية رفيقاتها مجموعة كبيرة من الفتيات، يمثلن مدارس مختلفة، يتعلمن صناعة الدمى، التي تصنع من أدوات بسيطة ومتوافرة، فيستخدم القطن والأقمشة والقطن والأعواد الرفيعة، فتقوم الجدة بتكويرالقطن لتصنع منه رأس الدمية، الذي يحدد بشكل كبير حجمها، وتقص الأعواد بشكل متساوٍ لتتكون منها الأيدي، وعند الفراغ من هذه الخطوات تقوم الجدة بكسوة الدمية بالأزياء الإماراتية التقليدية البرقع والكندورة والشيلة، وتفاعلت الفتيات كثيراً وقضين أوقاتاً جميلة مع الحاجة موزة وبقية رفيقاتها.
وأشارت الحاجة موزة إلى أنهن قمن بإدخال بعض التحديثات على صناعة الدمى، ونتج عن ذلك ميلاد الدمية المحشوة بالقطن، التي يمكن غسلها إذا اتسخت، وتكون أكبر حجماً من الدمية العادية، وأكدت أن اللعب بالدمى خاص بالفتيات فقط، ومن العيب أن يلعب بها الولد، الذي لديه ألعاب أخرى خاصة به، كلعبة القحيف وعظيم اللواح التي كانت تلعب في الليالي المقمرة.