أدباء القائمة القصيرة في «بوكر العرب» خلال الجلسة الحوارية. تصوير: نجيب محمد

مرشحو «بوكر العرب» في ضيافة «كتّاب الإمارات»

قال روائيو القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) دورة 2015، إنهم يكتبون الرواية ليعبروا عن أنفسهم، حيث تتيح الكتابة للإنسان أن يعيش حياة لا يعيشها في الواقع، معتبرين أن «البوكر» كان لها الفضل في الخروج برواياتهم من النطاق الجغرافي الضيق لتصل إلى فضاءات أكثر اتساعاً.

مكان للاعتدال

رحّب رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات حبيب الصايغ، بالكتّاب الستة، مقدماً شكره إلى الأمانة العامة للجائزة، على جهودها المطوقة بالشغف والمثابرة.

وأعرب الصايغ عن خوفه من طغيان ظاهرة الرواية «الموضة» على ظاهرة الرواية الفن والحب والموت والحياة، في وقت بدا فيه كأنما الرواية باتت ديوان العرب في دهرهم الجديد.

وأضاف: «وسط المشهد الحالي، تكرّس دولة الإمارات نفسها مكاناً للإمكان، ومكاناً للاعتدال والوسطية والمساواة والحرية والإشعاع والانفتاح على الآخر، هنا أيضاً حيث تتعايش 206 جنسيات في محبة وسلام، تنسج رواية جديدة خيوطها، فيما شخوصها تتحرك بقعة ضوء بقعة ضوء، وأمناً وعدلاً ورغد حياة، وتنمية شاملة، متوازنة، مستدامة». مشيراً إلى ان رواية الإمارات لا تنتهي، ورواية أبوظبي لا تنتهي، «أبوظبي التي هي حاضرة ثقافية أيضاً بما قدمت وتقدم، وهو ما يعد بعض سر عبقريتها، فهنالك المجمع الثقافي وقصر الحصن التاريخي يشكلان قلب القلب ونبض الجسد، ومتحف اللوفر على مقربة، وشاطئ بحر الذكريات، جائزة الشيخ زايد للكتاب ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي يحمل في دورته هذه اسم أعز وأغلى الناس».

وقال الكاتب الفلسطيني عاطف أبوسيف، صاحب رواية «حياة معلقة»، إنه لولا «البوكر» لظلت روايته حبيسة غزة، حيث سبق أن نشر أربع روايات من قبل في غزة، ولم يكن حظها أفضل من الواقع الذي تتحدث عنه، بينما كانت «حياة معلقة» أكثر حظاً، فلم تعد معلقة أو حبيسة داخل حدود الجغرافيا. معتبراً خلال الجلسة الحوارية التي نظمها اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، فرع أبوظبي، صباح أمس، في المسرح الوطني بأبوظبي، وقدمت لها الإعلامية منال الأحمد، ان قيمة الجوائز الحقيقية والجيدة مثل «البوكر» في أن تخرج بالأعمال الروائية من نطاقها الضيق إلى العالم الأرحب، لإثراء الفن الروائي، فهي جائزة عربية، وليست محلية مثل العديد من الجوائز المحلية التي تقام في كل دولة، ولا تخرج عن نطاق النقاشات الداخلية.

وقال أبوسيف إن اتجاهه لكتابة الرواية بدأ منذ صغره، وهو يستمع إلى روايات جدته «عيشة»، التي يعتبرها أفضل من ماركيز ومن نحيب محفوظ، بل أفضل روائية في التاريخ، وهي تحكي عن حياتها في منزلها قبل أن تنتقل إلى المخيم، فكانت حكاياتها معجونة بالألم ومشغولة بالدموع، وكانت من أهم دوافع الكتابة لديه هي رغبته وهو صغير في تدوين ما تقول، وأن يكون وفياً لها ولحكاياتها. موضحاً انه بعدما كبر اكتشف أن آلام جدته أقل من آلام غيرها من سكان المخيم، فكل شخص هناك يحمل قصة، كما اكتشف أن الكتابة عن آلام الناس هي معادل موضوعي لكل الآلام والطموحات والآمال المؤجلة لدى الإنسان.

وعن علاقة دراسته السياسة وكتابة الرواية، أوضح أبوسيف أن الكاتب يجب ألا يكون منظراً سياسياً، أو مصلحاً اجتماعياً، ولكن دوره أن يبحث في حكايات الناس، مضيفاً: «أعيش في مخيم للاجئين، ولا أستطيع أن أحكي عن أي منهم، دون ان أتطرق إلى السياسة، فذكريات كل منهم معلقة في مكان آخر، وهو ما يستلزم استحضار السياسة، فالفلسطيني يولد على السياسة بحكم القضية والصراع الدائر في بلده».

وعن روايته «حياة معلقة»، أشار إلى انه بدأ كتابتها في أوج الانتفاضة الثانية 2014، حيث كان يذهله الموت المفاجئ لأصدقاء وأقارب كان يستيقظ في الصباح بعد غارات الاحتلال الجوية ليجدهم تحولوا إلى «بوسترات»، لذا كان من المنطقي أن تبدأ الرواية بالموت وتنتهي به، كأن الموت مفتاح الحكاية الذي يفتح في الرواية صندوق الحكايات. ووصف الكاتب السوداني حمور زيادة، روايته «شوق الدرويش» بالمحظوظة، فهي الإصدار الرابع له، حيث سبقتها رواية أخرى ومجموعة قصصية، كما صدرت معها في الوقت نفسه مجموعة قصصية، ولكنها الوحيدة التي تلقفها الجمهور كالخبز الساخن. وقال إن فوز الرواية بجائزة نجيب محفوظ أخيراً، جاء من دون ان يتقدم إلى الجائزة، «فهي سقطت عليها من السماء»، بحسب وصفه، إلى جانب ترشيحها للقائمة القصيرة لجائزة «البوكر».

واعتبر زيادة أن ردود الفعل حول الرواية، سواء الإيجابية أو السلبية، ليس لها تأثير فيه، فالسلبية، سواء التي ترى انه أساء إلى تاريخ السودان، أو أن المستوى الفني للرواية ضعيف، لن تقلق منامه، والإيجابية التي تحتفي بفوز كاتب سوداني بجائزة في مصر، وترشيحه لجائزة أخرى في أبوظبي، أو ترى أن الرواية متميزة فنياً، لن تخدعه عن نفسه وتنسيه من هو. لافتاً إلى ان الكتابة بالنسبة له تعويض عن عدم قدرته على التواصل مع العالم بشكل مباشر، وشعوره بالتوتر في الأماكن العامة والتجمعات.

وقال الكاتب المغربي أحمد المديني، صاحب «ممر الصفصاف» إن روايته تنتمي إلى ما يسميه «رواية المجاز»، فهي تتناول قصة إنسان يريد أن يخرج عن وضعه، وكلب يريد أن يتأنسن ويصل إلى مرتبة الإنسان، مشيراً إلى أن استخدامه بعض المفردات التي تنتمي إلى «اللغة العربية الوسطى» التي تراوح بين الفصحى والعامية، جاء للضرورة الأدبية، فمثل هذه المفردات يستخدمها الكاتب ليتواصل مع أكبر شريحة ممكنة من القرّاء، وكذلك لتكون شخصيات الرواية في وضعها الطبيعي.

في حين أشارت الكاتبة اللبنانية جنى فواز الحسن، صاحبة «الطابق 99» إلى أنها عندما كتبت الرواية كانت تحاول الابتعاد عن أثر ترشيح روايتها السابقة لجائزة البوكر من قبل، وعندما تم ترشيح «الطابق 99» للقائمة القصيرة للجائزة، شعرت بأنها كسرت حاجزاً نفسياً معيناً. مشددة على أهمية التفرقة بين لحظة النشر والتلقي، ولحظة الكتابة، «فحين نكتب يجب أن نضع أنفسنا بعيداً عن القرّاء».

من جانبها، ذكرت صاحبة «ألماس ونساء» الكاتبة السورية لينا هويان الحسن، ان الكتابة تفتح أمام الإنسان مساحات شاسعة من الورق الأبيض، وتتيح له ان يعبر وأن يعيش حياة لا يعيشها في الواقع، موضحة ان روايتها تعد تجوال في الأسرار الأنثوية لنساء خلعن «القبقاب» الذي صنعه الرجال لترتديه النساء في الحرملك، وان العمل يحمل رسالة مفادها ان المرأة التي تترك مسار حياتها للعاطفة تصل إلى طريق غامض، وتكتشف انها قطعت طريقاً طويلاً سدى، على عكس التي تعتمد العقل لتعيش حياة حقيقية.

وأشار الكاتب التونسي شكري المبخوت، صاحب «الطلياني» إلى أن الرواية كجنس أدبي، هي التي فرضت نفسها عليه، فهو الجنس الوحيد الذي يقبل ما كان يسعى لتناوله حول فترة تحولات وتردد الإنسان بين مواقف مختلفة، فهي تتيح مدى واسعاً للحديث عن الصراعات والتناقضات.

 

 

الأكثر مشاركة