الناقد العراقي هنّأ أصدقاءه بالعيد قبل أن يغادر الحياة في بلجيكا
محمد الجزائري يكتب رسالته الأخيرة
كتب الناقد العراقي محمد الجزائري رسالته الأخيرة إلى أصدقائه ومحبيه ومتابعيه، قبل وفاته بأيام قليلة، مهنئاً إياهم بعيد الفطر، وداعياً إلى تذكّر المحرومين من الفرح نتيجة فقر أو عوز أو فقدان عزيز. وختم رسالته بكلمة «أحبكم».
وكانت الأوساط الثقافية العربية فجعت بوفاة الكاتب محمد الجزائري في بلجيكا، الجمعة الماضي، إثر إصابته بأزمة قلبية. وواصل كتاب وأدباء عرب نشر كلمات عن رحيل الجزائري الذي ولد في البصرة 1939، وغادر العراق إلى بلجيكا أواخر التسعينات. كما عمل في الإمارات ناقداً وكاتباً صحافياً. وكان مشاركاً بورقة نقدية في الندوة الدولية علوم وفنون ضمن مهرجان الفنون الإسلامية في 21 و22 ديسمبر الماضي في الشارقة.
وكان الجزائري احتفل بيوم ميلاده مع أصدقائه في 30 يونيو الماضي، ليكمل عامه الـ76. وكان آخر ما كتبه الراحل على صفحته في «فيس بوك» في 15 الجاري كلمة مطولة بعنوان «عيدكم مبارك أيها الأصدقاء»، جاءت بمثابة كلمة الوداع الأخيرة، اختتمها بكلمة «أحبكم» مخاطباً فيها أصدقاءه.
وعن عيد الفطر، كتب في كلمته الأخيرة «في بعض ظني أن الأعياد رسمت للأطفال، وإن كان الكبار في الأزمنة كلها بحاجة ماسة للفرح، والحرية لوطن غابت عنه، وعن انسانه عقوداً من السنين، والسعادة المأمولة لشعب افتقدها بخاصة في عراق عرف الكثير من الكوارث المتوالية بسبب الانقلابات والحروب، وكنا نختلق لنا، نحن الكبار، أعياداً لنحتفل بها في بساتين بعيدة عن أعين العسس الحكومي».
وأضاف الجزائري «مباركة أيامكم فيما تنجزون من صالح الأعمال ولو كانت بمقدار حركة رفع حجر عثرة من درب الفقراء، أو كلمة طيبة تكسون بها ملايين القلوب التي ترتجف عرياً في المنازح القسر والخيام القفر المثقبة أو تحت ظل الحيطان الباردة التي لا تؤوي ولا تحمي في تلكم المهاجر والمخيمات».
كما أخبر أصدقاءه ومتابعيه في رسالته الأخيرة بأنه سيغيب 10 أيام، لانشغاله بحضور مهرجان خينت العالمي للموسيقى في بلجيكا، مضيفاً «شيدت المسارح والخيام لتستقبل عشرات الفرق والموسيقيين والمغنين من أجناس شتى وأصوات تتنافس في العذوبة والأداء البارع، الفرح هو عيد متنامٍ في النفوس التي تحب الحياة والجمال والحرية وبهجة الوجوه والأبدان». لكنه ذكر سبباً آخر لغيابه «المؤقت»، إذ إنه سينتقل إلى شقة جديدة، لكنه لم يعرف أن الموت يقف على باب شقته الجديدة، «سأنتقل إلى شقتي الجديدة غداً، ومنذ الغد حتى يأزف موعد التقني الانترنيتي، سأكون خارج نطاق الشبكة منقطعاً، وخارج عنواني الحالي منتقلاً، لذا سلفاً (أعيّدكم) وأحييكم وأتمنى أن تبقى أفعالكم الطيبة هي العيد الحقيقي الدائم المسرات. فقط تذكروا أولئك الذين فرض عليهم الصيام عن الفرح بسبب العوز أو الفقر أو غياب المأوى الكريم الدافئ أو الفقدان لعزيز غالٍ. أحبكم». وكان اتحاد الأدباء العراقيين نعى الكاتب محمد الجزائري الذي توفي في مستشفى الجامعة في مدينة خينت البلجيكية إثر تمزق في الشرايين بسبب أزمة قلبية.
وكان الجزائري عمل سكرتير تحرير لمجلة «الرواق»، ومسؤولاً عن الملحق الأسبوعي لجريدة «الجمهورية» ورئيس تحرير مجلة «الأديب المعاصر» ورئيس تحرير مجلة «فنون» خلال الثمانينات من القرن الماضي. كما عمل رئيساً في دار الشؤون الثقافية ومسؤولاً عن القسم الثقافي والفني في مجلة «الرافدين». وكان أصدر كتباً عدة، من بينها «حين تقاوم الكلمة» و«يكون التجاوز» و«الكتابة على أديم الفرات» و«الفن والقضية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news