أغلفة «السواد» تحتل رفوف المكتبات
«داعش».. جاء دور «رقاب الأغلفة»
من الحياة، إلى الشاشات، إلى الأغلفة، يتمدّد سواد تنظيم «داعش» الإرهابي، ليحتل من بعد الفضائيات، رفوف دور النشر، إذ لا يقف الأمر عند عنوان أو اثنين أو حتى 10، فثمة إصدارات بالجملة، تحاول أن ترصد الظاهرة، وتناقش أسباب ظهورها، ومن يقف وراء أشباحها السارحة بين العراق وسورية، ومناطق متفرقة في هذا العالم.
عناوين بالجملة من بين العناوين الكثيرة، التي يحتلها التنظيم الإرهابي في رفوف المكتبات: «أسطورة داعش.. إرهاب الخلافة ودهاليز التمويل» (محمد العمر، دار مدارك)، و«داعش.. خلافة الدم والثأر» (رفعت السيد أحمد، دار الكتاب العربي)، و«داعش.. السكين التي تذبح الإسلام» (ناجح إبراهيم – هشام النجار، دار الشروق)، و«داعش.. ماهيته، نشأته، إرهابه، أهدافه، استراتيجيته» (مازن شندب، الدار العربية للعلوم ناشرون)، و«داعش وأخواتها.. من القاعدة إلى الدولة الإسلامية» (محمد علوش، رياض الريس) «داعش والجهاديون الجدد» (جاسم محمد، دار الياقوت)، و«داعش.. إسلام قطع الرؤوس» (عامر محمود، دار أوراق)، و«خلافة داعش» (هيثم مناع، مركز المزماة)، و«معركة داعش.. الإرهاب المقدس» (نبيل نعيم، مركز المحروسة)، و«داعش.. سفراء جهنم» (عمرو فاروق، كنوز للنشر)، و«تنظيم داعش وإدارة الوحشية» (صلاح عبدالحميد، أطلس للنشر)، «داعش عودة الجهاديين» (باتريك كوكبيرن، دار الساقي)، «داعش النشأة والتوظيف» (أسعد العزوني، دار دجلة)، و«داعش ومستقبل العالم» (عبدالرحمن البكري، دار العربية)، «داعش.. دراسات في بنية التنظيم» (مجموعة مؤلفين، المركز العربي للبحوث)، و«داعش.. الكتاب الأسود» (فادي وليد عاكوم، دار أملي)، و«داعش من النجدي إلى البغدادي» (فؤاد إبراهيم، مركز أوال للدراسات)، و«نساء في فراش داعش» (عبدالرحيم قناوي، دار رهف)، و«داعش.. خرائط الدم والوهم» (محمود الشنواي، دار روعة). |
الدواعش «أعداء الجمال» يقطعون رقاب واجهات الكتب وعناوينها هي الأخرى، يملؤون الأغلفة بالسواد وبقع الدم والكلاشينكوف والرصاص وراية تتبرأ من حامليها، لتستحيل الأوراق السميكة الحارسة لما بين دفتيها، إلى مساحات من الكآبة، مصممة على عجل، لتشغلها وجوه كريهة وأمراء حرب ومصاصو دماء و«دراكولات» هذا العصر وسفاحيه الذين يتسترون تحت عباءات الدين.
كانت الأغلفة - العزيزة - بمثابة لوحات أولى، تؤشر للقارئ من بعيد، وتجتذبه إلى عوالم المعرفة السحرية.. لوحات من القطع الكبير والمتوسط والصغير؛ تحتشد بالتفاصيل الجمالية والمنمنمات، لتمتع العين، وتهبّ قبساً أول من الحكاية، أو تأخذ المتلقي إلى بقعة منيرة من مكان ما، أو حتى تعيده إلى ريشة فنان كلاسيكي من الشرق والغرب، أو تصحبه إلى أجواء تشبه ألف ليلة وليلة، أو تطلّ بوجه حسن يشبه نساء روايات إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ، أو حتى كتاب دار الهلال.
كما شوّه الدواعش جمالاً معتقاً من أزمنة، ونسفوا تماثيل وأعمدة شاهدة على الحضارات، يشوهون – بشكل مغاير – الأغلفة، فـ«عناوينهم البياعة» دفعت دور نشر كثيرة إلى التسابق عليهم، ولم تفكر تلك الدور في قيمة الغلاف وتراثه، ولا كونه يتطلب حذراً ما، ورفقاً بالقارئ الذي فوجئ بهذا الطوفان من السواد الملطخ ببقع حمراء سائلة وفوهات بنادق ولحى طويلة وغيرها من اللوازم التي لم تسلم منها غالبية الأغلفة، كي تتماسّ مع مسيرة الدم، والحكاية التراجيدية التي تغطي أكثر من حيز في خارطتنا العربية.
لا حاجة في الغلاف «الداعشي» إلى تفكير طويل ولا حتى قصير، من قبل مبدعي الأغلفة ومصمميها، وكذلك لا ضرورة حتى للتشاور مع المؤلف، أو مطالعة الأوراق، أو معرفة دروب الكتاب وما بين سطوره؛ إذ يكفي وجه البغدادي أو شبح ملثم، أو حد السكين أو السيف يقطر منهما الدم، أو فوهة البندقية الروسية الأشهر؛ لكي يصل المراد، عبر «لوحة قبح جديدة» تجسّد نهج التنظيم وعنفه ووحشيته وجرائمه التي روعت الآلاف هنا وهناك.
فقر تام، يعاني منه «الغلاف الداعشي»، ألوان متنافرة تعكس خلل عقول أصحاب التنظيم، وكذلك خطوط آلية لا ملمح إبداعياً فيها، لتخاصم تلك الأغلفة الحروفيات النابضة بالحياة وبتراث الخط العربي، والتفنن في كتابته. كما حرق التنظيم الإرهابي بشراً أحياء، أشعل النار في معارف بالموصل العراقية، وفي غير مدينة تمدّد فيها، وبسط نفوذه عليها، معيداً صفحة سوداء من التاريخ الهولاكي، وها هو يحرق مساحة من الجمال من على لوحات «الأغلفة» بشكل شبه يومي، ويحرم القراء من تلك المتعة البصرية الأولى.
mismail@ey.ae
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news