محمد دياب الموسى.. شاهد على البدايات
شاهد من المؤسسين، وصاحب ذكريات كثيرة مع معرض الشارقة للكتاب في بداياته؛ إذ أشرف على دوراته السبع الأولى، حينما كان مديراً لدائرة الثقافة.. إنه مستشار صاحب السمو حاكم الشارقة، محمد دياب الموسى.
بحماسة؛ يستذكر الموسى تجربة المعرض التي يراها شديدة الخصوصية، لذا نمت بشكل سريع لتصل إلى ما هي عليه اليوم، واصفاً النقلة النوعية: «كنا في مبنى صغير، فصرنا في ناطحة سحاب؛ فمعرض الشارقة للكتاب الذي انطلق في خيمة، كبر وتطور، وقصده كثيرون من أبناء المنطقة منذ دوراته الأولى، حتى إننا كنا نواجه أزمة في توفير مواقف للسيارات، في ظل الإقبال الكبير الذي حظي به المعرض».
ويستعيد المستشار الموسى، ذكريات ماضي المعرض، منوهاً بجهود من أسهموا في رعاية البذرة الأولى، ومن بينهم الكاتب الإماراتي عبدالحميد أحمد، ورفاقه في النادي الثقافي، وآخرون تعاونت معهم دائرة الثقافة (كانت تسمى حينها الدائرة الثقافية)، من أجل هذا المشروع.
ويشير إلى أن معرض الشارقة للكتاب انطلق مغايراً للسائد حينها؛ فثمة معارض محدودة كانت موجودة في المنطقة، لكن كان همّها الربح، وليس توفير الكتاب القيم، أو تأسيس برنامج ثقافي مصاحب، كما كانت الحال بالنسبة لمعرض الشارقة الذي حرص منذ دورته الأولى على استضافة اسم إبداعي كبير، هو الشاعر محمود درويش. وفّر المعرض الكتاب للقارئ بسعر مناسب، وقدم تسهيلات كبيرة: «وتولت الدائرة تجهيز المكان وتأثيثه، والدعاية للمعرض، ودعوة الدور والمكتبات للمشاركة مجاناً دون رسوم، مقابل شرط أساسي هو خصم 25% على الكتب لرواد المعرض». ويستطرد: «خططنا كي لا يكون المعرض مجرد سوق كتب، بل ليكون مهرجاناً ثقافياً، لذا وضعنا برنامجاً منذ الدورة الأولى، واستضفنا شخصيات، وركزنا على الناحية الثقافية، وكان المعرض موسماً ليس للكتاب فحسب، بل للمحاضرات والأمسيات».
ويلفت إلى أن معرضاً أقدم من الشارقة، وهو القاهرة، قد أسس برنامجه الثقافي بعد الشارقة بعامين أو ثلاثة، إذ اجتذب المعرض الناشئ كبار الأدباء والمفكرين.
ومن طرائف الدورة الأولى التي يتذكرها الموسى، أن انطلاقتها كانت في يناير 1982، وكان المعرض في خيمة، وتساقطت الأمطار، وتضررت بعض الكتب؛ ما جعل إدارة المعرض تعدل الموعد، إلى نهايات أكتوبر، وبدايات نوفمبر، وانطلقت الدورة الثانية بعد 10 أشهر. ويضيف الموسى أن معظم الناشرين في الدورة الأولى كانوا من لبنان ومصر، مع عدد لا بأس به من الدول العربية الأخرى، وبعدها بدأت دور نشر أجنبية في المشاركة «لاسيما مع تزايد الزوار والزخم؛ إذ بدأنا في خيمتين صغيرتين، والدورة الثانية كانت في خيمة ضخمة واثنتين صغيرتين، وبعد ذلك لم تتسع الخيم ولا ساحات إكسبو الشارقة القديم».
ويؤكد أن المعرض حظي بدعم كبير من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة «الذي يهتم ببناء الإنسان قبل كل شيء، وانطلق المعرض من أجل ذلك، وأيضاً تلفزيون الشارقة الذي يحمل شعار: (ندخل بيوتكم.. نحن الأمناء)».
ويكمل الموسى، الذي أشرف على المعرض حتى دورته السابعة، إذ انتقل مديراً لتلفزيون الشارقة في عام 1989، أن «الشارقة للكتاب» أعد منذ بداياته خطة لاجتذاب الطلبة، ووضع لهم ترتيبات خاصة، ومساحة كبيرة لكي يستفيدوا من الحدث الثقافي.
«حرية مطلقة، لم نمنع أحداً، حتى الأفكار التي نختلف معها كنا نناقشها».. بهذه الكلمات كانت إجابة الموسى عن سؤال: هل كانت هناك رقابة على الكتب المشاركة في الدورات الأولى، مشيراً إلى أن الشارقة لم تحجر على رأي، لكن ثمة ثوابت كانت حاضرة، من بينها القيم والأخلاق، وكذلك ما يمس العروبة، أو يحمل هجوماً على دولة عربية، أو إساءات شخصية .