محمد صبحي: لم نعد نميز بين حرية الإبداع والابتذال
في أمسية فنية وثقافية استثنائية من أمسيات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ34، استضافت قاعة الاحتفالات بمركز «إكسبو الشارقة»، أول من أمس، النجم المصري محمد صبحي، للحديث حول واقع الثقافة العربية في عالمنا العربي، والتحديات التي تواجهها، في جلسة نقاشية أدارتها الإعلامية الدكتورة بروين حبيب.
دعم بلا حدود أشاد رئيس هيئة الشارقة للكتاب، أحمد بن ركاض العامري، بمكانة صاحب السمو حاكم الشارقة الأدبية، ورفده المكتبة العربية والأجنبية بالعديد من المؤلفات في التاريخ والثقافة والفكر، وثمّن الدعم الكبير الذي يقدمه سموه للحركة الفكرية والثقافية، التي تتجلى أبرز ملامحها في هذا المعرض الذي يزخر بالعديد من الفعاليات الثقافية والفكرية، وبات وجهة ومقصداً لكل المثقفين والمفكرين والأدباء. دور المثقف أشار الباحث نجيب الشامسي، مدير عام الهيئة الاستشارية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى أهمية دور المثقف في رفع الوعي بمجتمعه، وأن يكون قائد التنوير فيه، مؤكداً على أننا في أشد الحاجة إلى ذلك. واتفق الحضور الذين شاركوا بمداخلاتهم في الجلسة، على أهمية التعليم في النهوض بالأمم، وأكدوا على ضرورة بذل المزيد من الجهود في هذا المجال، من خلال رصد الميزانيات، وتسويق البحوث العلمية، وتطبيق توصياتها والعمل بنتائجها. |
وأشارت بروين حبيب إلى أن هذه الأمسية مع محمد صبحي ستخصص للغوص في واقع الثقافة العربية، والتهم التي وجهت إلى بعض المثقفين بسقوطهم الثقافي بعد الثورات العربية، والتي أعادت إلى الأذهان السؤال عن دور المثقف العربي في التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي.
بدأ الفنان محمد صبحي حديثه قائلاً: «أبعث بتحية شكر وتقدير إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هذا الرجل الإنسان الفنان والمفكر، الذي نافسني ونافسته في عشقي للمسرح وعشقه للمسرح، وعندما يكون هناك حاكم له هذه الإطلالة الثقافية المتميزة، فلا نجد إلا أن نقول هنيئاً لشعب الشارقة والإمارات».
وقال صبحي: «كثير منا يعتقد أن المعرفة شيء والثقافة شي آخر، لكن للمعرفة روافدها الخاصة، وللثقافة كذلك روافدها، فروافد المعرفة منها التعليم، والتنمية البشرية، والثقافة، والتكنولوجيا، والبحث العلمي، فكل هذه الأشياء تشكل معرفة، فهناك كثير من المثقفين غير متعلمين، وكثير من المتعلمين غير مثقفين، وأعني بذلك المثقف ثقافة سمعية، أما روافد الثقافة في أي مجتمع فهي الدين، والتقاليد، والعادات، والموروثات الشعبية، والفنون الجميلة من موسيقى ومسرح وسينما، وجغرافيا المكان والمناخ، وتختلف الثقافة من شعب إلى آخر، حسب غلبة أي رافد من هذه الروافد».
وأضاف: «من خلال متابعتي لتجربة صاحب السمو حاكم الشارقة في الكتابة المسرحية، التي قدم من خلالها مجموعة من المسرحيات، منها هولاكو، والنمرود، والقضية، لاحظت أن سموه دائماً ما يرجع إلى التاريخ ليقرأه ويسجل منه ملاحظته، ليكتشف بعدها أن التاريخ يعيد نفسه». وقال صبحي: «عندما نقرأ نصوص هذه المسرحية نجد أن التاريخ يعيد نفسه حقيقةً، فالفتن هي نفسها، والتشكيك هو نفسه، والتعامل مع الأعداء لقتال بعضنا بعضاً مازال واقعاً ماثلاً، وعليه أقول فإذا كانت لدينا إرادة حقيقية لاستعادة تلك الأمجاد التي فقدناها فعلينا بالتعليم، فهو القضية الأساسية، ولابد لحكومتنا أن توليه مزيداً من الاهتمام، وأن ترصد له ميزانيات مقدرة، وأن تغيّر نظرتها إلى المعلم الذي هو الوسيلة الأساسية التي يُبنى بها الإنسان، فنحن أحوج ما نكون إلى بناء الإنسان من أي وقت مضى».
وحول واقع الفن العربي بعد الثورات العربية، قال صبحي: «بعد ما يسمى (الربيع العربي) أصبحنا نعيش ظروفاً مأساوية، وقد عانيناها كثيراً، وبتنا نرى أن معظم الأخبار التي تنشر في وسائل الإعلام مصدرها الأساسي هو الأكاذيب والشائعات التي تُنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وبسبب هذه التغيّرات أصبحنا لا نستطيع التمييز بين حرية الإبداع والابتذال الذي لا يحترم عقلية المتلقي». وكشف محمد صبحي عن دعوة كان قد أطلقها صاحب السمو حاكم الشارقة للفنانين المصريين بضروة إنتاج أعمال فنية تليق بمكانة مصر على الخريطة الفنية، وعن استعداد سموه لتقديم الدعم اللازم لإنجاز ذلك. وأكد أنه لم يتعرض لأي مضايقات طوال سنوات عمله، ولم تمارس عليه أي رقابة أو يحذف له نص أو تصادر له كلمة، وأشار إلى أن الظروف المحيطة هي التي تصنع المثقفين والعباقرة، فإذا لم يتوافر المناخ المناسب لن تبرز أي مواهب، وستتوارى عقليات كثيرة عن المشهد.