رساموها كتبوا أسفلها بيتاً شعرياً للراحل محمود درويش
«لما الحيطان تحكي».. أكبر جدارية «غرافيتي» في فلسطين
من يمر إلى جانب «برج الظافر التاسع»، وسط مدينة غزة، يفاجأ بلوحة ضخمة ترتفع حتى 20 متراً عن سطح الأرض، فيما يقف إلى جانبها 4 فنانين فلسطينيين يضعون لمساتهم الأخيرة على الجدارية الأكبر في فلسطين.
وفود حظيت اللوحة، التي تعد الوحيدة في فلسطين، على إعجاب الوفود الأجنبية القادمة إلى غزة، فقد أقبل عدد من الفنانين والمهتمين الفرنسيين والأيرلنديين لمشاهدة اللوحة، فيما التقطوا صور «السيلفي» بجانب اللوحة ورساميها. وعن ذلك يقول الفنان محمد زكريا «إن ملامح الانبهار والإعجاب التي أبدتها الوفود الأجنبية، كانت دلالة كبيرة على نجاحنا في إيصال رسالتنا إلى العالم من خلال الجدارية». ويضيف «إن الفن والرسم هما أكثر صورة يفهمها الجميع، خصوصاً الأجانب». إقبال كبير يعد الأطفال أكثر المقبلين على مشاهدة اللوحة، التي عبرت عن الحالة التي يعيشونها يومياً بفعل الأزمات والمآسي التي تعصف بهم، فيما جذبت الألوان الزاهية أنظارهم، لما تحمله من مضامين مختلفة عن ملامح الحزن التي ارتسمت على وجه الطفلة، وذلك بحسب الفنان ماجد مقداد. ويقول مقداد «اكتشفنا من خلال اللوحة أن وعي الأطفال تجاه الجدارية كبير، ففي كل يوم كان يقبل علينا عدد كبير من الأطفال من كلا الجنسين، ويتساءلون عن المضامين والألوان المستخدمة في اللوحة». |
الجدارية العملاقة حملت ملامح طفلة متشحة بالكوفية الفلسطينية، وتقبع خلف قضبان حديدية، فيما تروي عيناها حكايات الحزن والحرمان اللذين يسيطران على حياة أطفال فلسطين، خصوصاً سكان قطاع غزة.
وأمام المضامين المؤلمة للوحة، إلا أنها حملت في طياتها نظرة أمل، وذلك من خلال الألوان التي رسمت خلف وجه الطفلة الحزينة، في دلالة على أمنيات أطفال غزة بغد أجمل، ومستقبل مشرق يزيل سواد الأيام التي يعيشونها.
كما حملت الجدارية معاني أخرى للتفاؤل، حيث كتب الفنانون أسفل اللوحة بيتاً شعرياً للشاعر الفلسطيني محمود درويش، قال فيه «لولا زيارات قوس قزح»، وذلك في إشارة إلى روح الأمل التي تدب في قلب كل طفل فلسطيني.
«الإمارات اليوم» التقت برسامي جدارية فن الرسم الغرافيتي، وهم بلال خالد، ومحمد زكريا، وماجد مقداد، ومحمد زكي، الذين استقبلونا في استراحة أعدوها من إطارات السيارات التي شكلت ما يشبه الكراسي بجانب اللوحة الفنية، وذلك لأخذ قسط من الراحة، بعد مجهود كبير في الرسم.
ويقول بلال خالد، صاحب الفكرة والمشرف على فريق عمل اللوحة «إن الجدارية تعد مرحلة مفصلية في حياتنا، لما شكلته من حالة تحدٍّ مع النفس لنثبت للعالم أن غزة تمتلك مواهب وقدرات مبدعة تتخطى كل الحدود، كما مثلت تحدياً كبيراً مع المجتمع لنثبت له أن رسام الفن الغرافيتي يشعر بمشكلاته، ويعبر عنها من خلال الأقلام والألوان، وما توصله من مضامين ورسائل قوية ومؤثرة».
ويوضح أن اللوحة تحمل رسالة تضامنية مع أطفال فلسطين إلى جانب قيمتها الفنية، فهي تعبر عن الآلام التي تعصر قلوبهم، وتنقل أحلامهم التي تسبقهم يومياً إلى وسادة نومهم.
وتميزت هذه الجدارية، بحسب بلال، بخصوصية الجهد الذي استغرقه فريق العمل في التخطيط لها، وما واجهه من صعوبة في اختيار المكان، لاسيما أنه يقع وسط مدينة غزة.
ويقول الفنان خالد «إن اختيار المكان الذي وضعنا فيه اللوحة له أهداف سياسية عوضاً عن كونه يعد منطقة حيوية تصل جميع أحياء مناطق ومدن غزة، فالبرج الذي رسمت عليه الجدارية كان قد تعرضت واجهته للقصف الجوي خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، فأردنا من خلال اللوحة إضافة رونق جمالي، وتغيير مشهد الدمار، وكذلك إيصال رسالة للاحتلال والعالم بأننا نصنع الحياة من أدوات الموت، ومن وسط الركام».
ومن المشاهد المثيرة للانتباه؛ القضبان الحديدية التي تقبع الطفلة خلفها في اللوحة، وذلك في دلالة على انتظار أطفال فلسطين إلى من يقف بجانبهم، وينقذهم من الحياة القاسية التي يعيشونها، وذلك بحسب بلال خالد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news