«القيصر» والألعاب النارية في ختام «الفجيرة الدولي للفنون»
18 أغنية، كان يريد لها أن تصل إلى الرقم 19، هو مضمون الحفل الساهر، الذي أحياه الفنان العراقي كاظم الساهر، على ضفة «كورنيش الفجيرة»، مختتماً 11 ليلة تألقت فيها «الفنون»، خلال مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، في نسخته الأولى، التي وصلت إلى محطتها الأخيرة أول من أمس.
لم يكن «القيصر» في أحسن أحواله على الأطلاق في هذه الحلفة، رغم ذلك جاءت استثنائية وملهمة، ووصل تفاعل الجمهور معه مداه، وفرض حُسن تنظيم الحفل، (أريحية)، بين الطرفين، كاظم وفرقته الموسيقية من جهة، والجمهور الذي تجاوز طاقة المسرح الاستيعابية، فترقب المئات في الخارج فرصة لمقاعد قد تتحول إلى شاغرة، وهو ما لم يحدث إلا قبيل الختام، ليحضر بعضهم ولو في مرحلة ختام السهرة.
الأفخم: ملاحظاتكم تهمنا بعبارة «ملاحظاتكم تهمنا» نسج مدير مهرجان الفجيرة الدولي للفنون نقاشاً مبدئياً مع الإعلاميين من ضيوف المهرجان، مؤكداً أن «تطويره في الدورات المقبلة مفتوح على كل الاحتمالات، وفق المقترحات والآراء، وأيضاً الانتقادات التي ترحب بها هيئة الفجيرة للثقافة والفنون، التي يترأسها الشيخ راشد بن حمد الشرقي». وأشار الأفخم إلى في كلمة ترحيبية سبقت حفل تكريم الإعلاميين المشاركين في الحدث، إلى أن «الحفل يمثل لحظة اعتراف بالجميل للمؤسسة الإعلامية، وللإعلاميين على جهودهم المضنية التي بذلوها طوال أيام المهرجان، ودورهم الفاعل في نقل الخبر والصورة عبر وسائلهم الإعلامية للجمهور بكل شفافية». |
حالة إجهاد لم يخف انعكاساتها الساهر، لكنه رغم ذلك تألق وأبى ألا يذهب بعيداً في كوكبة من أعماله المتنوعة، مقدماً 18 عملاً، كانت مرشحة لأن تصل إلى الرقم 19، أو ربما 20، لولا تفاجؤه بعروض الألعاب النارية الكثيفة، التي جاءت لتعلن بشكل تلقائي اختتام السهرة، ليتوجه الفنان الملقب بـ«القيصر» إلى فرقته هامساً «اختتمنا».
رغم ذلك راقب «القيصر» بهدوئه المتزن، مشهد إطلاق الألعاب النارية في سماء الفجيرة، قبل أن ينسحب بهدوء ويودع الجمهور، بعد حفل ظنه البعض مقتضباً، إلا أن يكون طويلاً وممتداً لنحو 160 دقيقة.
الإعلامية البحرينية ومقدمة برنامج «حلو الكلام» على قناة «دبي الأولى»، بروين حبيب، مارست هوايتها في التقديم لحفلات ذات طبيعة فنية مختلفة، متئكة إلى عبارات من إبداع الشاعر الذي غنى له الساهر كثيراً، وهو الراحل نزار قباني. أكدت بروين قبل أن تنسحب أن الجمهور في حضرة «حالة استثنائية في الأغنية العربية» عنوانها كاظم الساهر، قبل أن تربط بين أعماق رافدي العراق، وقمم جبال إمارة الفجيرة، التي احتضنت «الفنون»، لتدعو: «سلم على رافديك.. من الفجيرة».
صعود الساهر إلى المسرح جاء (ملكياً)، ليس من حيث بروتوكولية الاستقبال بالطبع، بل من حيث مشاعر الجمهور، الذين رددوا عبارات «نحبك يا كاظم» بلهجات عربية مختلفة، بل الأكثر من ذلك أن بعض الحضور من الجنسيات غير العربية، وجدوا أنفسهم مشدوهين بتلك الحالة التي دعتهم إلى الاستغراق في جماليات اللحن والإيقاع والصوت الحسن.
«حبيبي» هي الأغنية الأولى التي اختارها الساهر لتكون الإطلالة، وكأنها رسالة يتوجه بها إلى الجمهور، ثم «يا كاس العمر»، و«حبيني بلى عقد»، التي وجدت تفاعلاً أكبر من سابقتيها من الحضور، ثم «عيدي بعيدين»، و«وين اكون».
«قولي أحبك» مثلت أيضاً نقلة أخرى في التفاعل الجماهيري، ليقف أحد الحضور في الصفوف الأمامية مخاطباً الفنان باللهجة المصرية: «بنحبك يا كاظم.. من بغداد إلى الصين».
التنوع في الحالة الموسيقية، وطبيعة الإيقاع، وحتى مضمون كلمات الأغاني كانت خياراً واضحاً لذلك، من الأغنية المغرقة في الرومانسية، الواصفة لمشاعر عشق الحبيب، إلى التغزل المبدع في مفاتنه، على طريقة نزار قباني، إلى التعبير عن لوعة فراقه، مثل أغنية «لك وحشة»، كان الساهر لا ينسى نمط الأغاني الخفيفة، مثل «خد الحلوة»، لكنه كان سريعاً ما يعود إلى الأعمال الأكثر شهرة لديه، مثل «قل لي ولو كذبا»، التي تآلفت فيها عناصر الأغنية الرئيسة لتكون مشهدية مفعمة بأحساس الفنان، الذي وصل إلى الذروة حينما قرر«الصمت في حرم الجمال.. جمال.. إن الحروف تموت حين تقال».
ومع «زيديني عشقاً» عاش الحضور تفاصيل حالة أخرى من الطرب في هذه الأمسية الساهرة، وهي الأغنية الوحيدة التي طُلب تكرارها، قبل أن يعرف المطرب بالمخرج حسين دعيبس، الذي كان يجلس في الصفوف الأمامية، مشيراً إلى أنه المخرج الذي تولى إخراج الأغنية مصورة.
بعد ذلك قدم الساهر أغاني «أبوس روحك»، «أنا وليلى»، «تجمع الصدف»، و«هل عندك شك»، قبل أن يعرج على الموال العراقي في «البارحة»، ثم «يا هلا»، وهي الأغنية التي أظهرت مزيداً من الإجهاد والأرق على الساهر أثناء تأديتها، ما دفعه للاختتام، ليمنعه عن ذلك مطالبة الجمهور بالاستمرار، قبل أن يرد: «تعبت»، ليستمر بعدها مقدماً «خاف من جرح الحبيب»، قبل أن يختتم بـ«أكرهها».