ذاكرة مهرجان «طيران الإمارات للآداب» تحتفي بالراحل

14 ألف بيت للشاعر بن حاضر.. حبيسة الأدراج

صورة

قال الشاعر والباحث إبراهيم الهاشمي، إن «عائلة وأسرة الأديب محمد خليفة بن حاضر، الذي رحل دون أن يصدر له أي ديوان شعري أو كتاب مطبوع، تمتلك نحو 14 ألف بيت شعري، لاتزال تحويها الأوراق والدفاتر التي سطّر عليها إبداعاته»، مشيراً إلى أن «هناك مشروعاً لإصدار دواوين بشكل منتظم، قد يرى النور خلال الأشهر المقبلة».

حصة لوتاه: نصير العربية

قالت الدكتورة حصة لوتاه: «إن إحدى خصال الأديب الراحل محمد خليفة بن حاضر، هي نصرته وغيرته الشديدة على اللغة العربية».

وأضافت: «مازلت أتذكر تلك المرة التي هاتفني فيها الراحل صباحاً، بعد قراءته مقالاً لي أحث فيه على ضرورة الاهتمام بلغتنا الوطنية، إذ أبدى إعجابه الشديد بالأفكار التي أوردتها في المقال، وأثنى على طريقة تناولي لها، على نحو مثل حينها تشجيعاً ودعماً هائلاً لي».

وتابعت: «كان مثقفاً واعياً، وقارئاً يعي التفاصيل، ويفندها، ويناقشها بأسلوب علمي مثمر، الجنة لمحمد خليفة بن حاضر.. ولسيرته العطرة دوام الاخضرار».

مدين له

قال الشاعر إبراهيم الهاشمي، إنه «مثل العديدين من سواه لايزالون مدينين للراحل محمد خليفة بن حاضر، الذي كان شديد الوفاء والإخلاص، ليس فقط للمقربين منه والمحيطين به من الأهل والأصدقاء والمعارف، بل بكل من يخالطه، ماداً يد العون بالمساعدة والدعم، مدفوعاً بفطرة سليمة قوامها حب فعل الخير».

وأضاف: «أنا مدين له بعملي الأول، في (طيران الإمارات للآداب)، وحينما قمت بإعداد كتاب عنه، انتقدني البعض بأنني لم أكن من أصدقاء الراحل، فكيف أتمكن من الكتابة باستفاضة عنه، دون أن يعلموا أنني كنت دائم الاطلاع والاحتفاظ بكل ما يقع تحت يدي من إبداعاته».

 

جاء ذلك، خلال سهرة ثقافية بعنوان «محمد خليفة بن حاضر.. في الذاكرة»، ضمن فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب، الذي انطلقت فعالياته، أول من أمس، (يفتتح رسمياً الثلاثاء المقبل، ويستمر حتى 12 الجاري). وأبحرت الأمسية في سيرة بن حاضر، وتحدث فيها إلى جانب الهاشمي، الشاعر خالد البدور، وشقيق الأديب الراحل، حارب بن خليفة بن حاضر، الذي تطرق إلى جوانب من نشأة شقيقه، وبعض الملامح الأسرية والاجتماعية التي أسهمت في تشكيل شخصيته الأدبية، إضافة إلى العديد من ذكريات أسفاره المتعددة.

ووجّه الهاشمي عتاباً لمؤسسات ثقافية لم تحتف بإبداعات الأديب، الذي رحل عام 2011، تاركاً إرثاً أدبياً وثقافياً متنوعاً، مضيفاً في تصريحات

لـ«الإمارات اليوم»: «بعض هذه المؤسسات كان الراحل يحافظ على كتابة مقالات مهمة في إصدارها، لكنها، للأسف اكتفت بمقالة وحيدة تنعيه، وفضلت الغوص في سير الآخرين، من أبناء الدول والثقافات المغايرة».

وحرص على حضور الحدث، الذي يجيء ضمن برنامج «تسليط الضوء على الإمارات»، والذي ينظمه مهرجان طيران الإمارات في مركز دبي الدولي للكتاب، أفراد من أسرة الراحل، وعدد من المثقفين والمهتمين بالحياة الثقافية بالدولة.

وشهد الحدث أيضاً توقيع إصدارين أحدهما شعري لخالد البدور، والآخر بحثي لإبراهيم الهاشمي، بعنوان «محمد خليفة بن حاضر.. مختارات من الشعر الشعبي»، وقام فيه الهاشمي بجمع وإعداد نخبة مختارة من أشعار بن حاضر.

في الهواء الطلق

وجاءت السهرة الثقافية حميمية بشكل ملفت، سواء من جهة المحتوى، أو الشكل التنظيمي للحدث، الذي أقيم في الهواء الطلق بمقر مركز دبي الدولي للكتاب، الذي يقع في قلب منطقة الشندغة التراثية، بالقرب من بيت الشيخ سعيد، في حين تناوب المتحدثون على مهمة استدعاء بعض خصال الراحل، وبصفة خاصة، من خلال استدعاء جوانب من إبداعاته المتعددة، بالإضافة إلى عرض مقتنيات خاصة تلخص محطات من حياة الشاعر، وبعض مخطوطاته وقصائده.

وفي حين اختص البدور بتقديم قراءات من شعر الراحل، عمد الهاشمي إلى الوقوف على محطات واهتمامات عدة في حياته، لافتاً إلى أن «الراحل وُلد عام 1945، وتوفي في 2011، تاركاً حصيلة متنوعة في فنون الشعر والمقال، والآراء النقدية والاجتماعية التي عكست سعة اطلاع واسعة، وشفافية في الطرح»، إذ كان بن حاضر غزير الاطلاع، ويخصص وقتين للقراءة المتعمقة خلال اليوم، أحدهما عصراً والآخر مساءً، وهو نمط حياتي لم يكن يحيد عنه مطلقاً، حسب الهاشمي، الذي أشار أيضاً إلى أن بن حاضر رحل وترك مكتبته الشخصية عامرة بآلاف الكتب التي تتنوع بين شتى العلوم والمعارف.

وتوقف الهاشمي عند اقتراب بن حاضر من العديد من رموز الدولة وقادتها، من جهة، واقترابه من المواطن الإماراتي عموماً، مشيراً إلى معاصرته لأربعة من حكام دبي، هم المغفور لهم الشيخ سعيد والشيخ راشد بن سعيد والشيخ مكتوم بن راشد، إضافة إلى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

كما توقف الهاشمي عند نشأة بن حاضر في منطقة «جميرا»، ودراسته في مدرسة «آل مكتوم» في منطقة أم سقيم، قبل أن ينتقل لاستكمال دراسة المرحلتين الإعدادية والثانوية، في قطر، ثم الدراسة الجامعية في جامعة ليدز، التي تخصص بها في مجال إدارة الأعمال، لينهي دراسته الجامعية عام 1967، كأحد أوائل المتخصصين في مجاله بالدولة.

وفي محطة أخرى من محطات سيرة بن حاضر، توقف الهاشمي عند نُتف مما كتبه الآخرون عنه، فالباحث والكاتب الإماراتي سعيد حمدان توقف طويلاً عن خصوصية الجانب الإنساني فيه، وهي الوجهة نفسها التي غاص فيها الشاعر محمد العاني، فيما توقف الأديب محمد المر عند مروءات بن حاضر في بعض شهاداته عنه، متطرقاً بشكل خاص إلى مروءة الكرم، وشغفه بمساعدة الآخرين، أما سفير الدولة لدى الأردن، بلال البدور، فذكر في شهادته التي يرويها الهاشمي جانب الشهامة، ومد يد العون أيضاً للجميع. واعتبره الدكتور سليمان الهتلان بالنسبة لمن يعرفونه بمثابة القبيلة التي يحتمى بها، والعملة النادرة في وفائه لأصدقائه. ووصفه الدكتور يوسف عيدابي بـ«القنديل للآخرين».

مقتطفاتوتوقف خالد البدور عند مقتطفات متنوعة من قصائدة، لكنه أشار في تصريح لـ«الإمارات اليوم» إلى الصعوبة الكبيرة التي واجهته لاختيار غيض من فيض إبداعات بن حاضر، ومنها قصيدة في مدح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لافتاً إلى براعته الشديدة في التفوق على ذاته، حتى في هذا الغرض الشعري المحدد، بذات الكفاءة التي تفوق فيها في أغراض أخرى، مثل الوصف والحكمة والشعر الاجتماعي والغزل.

وأثنى البدور على فكرة هذه الفعاليات عموماً التي تستدعي سير أعلام أثروا الحياة الثقافية والأدبية بالدولة عموماً، وسيرة الأديب الراحل محمد خليفة بن حاضر، خصوصاً، مؤكداً أن «الجميع مدعو إلى التفاعل مع هذه الأحداث، التي تبقى بمثابة إضاءات مهمة في عوالم إبداعات حري بنا أن نتوقف عند نتاجها طويلاً».

تويتر