«ساعي المحبة» يلتئم مع شطر «رسايل شوق»
البستكي: «الأشطر المغلقة» تحديات مقصودة في «البيت»
«ما يحدث مساء كل اثنين في مدينة دبي للاستوديوهات، ليس مجرد سهرة في تفاصيل مسابقتين شعريتين، يتم نقلها على الهواء مباشرة عبر قناة (دبي الأولى) ممتدة حتى منتصف الليلة التالية، بل هو نتاج فني ونقدي يسهم بشكل كبير في إعادة حضور الألق الشعبي للقصيدة النبطية».. هذا ما أكده مدير إدارة الاتصال والإعلام في مكتب سمو ولي عهد دبي، ماجد البستكي، المشرف العام على برنامج «البيت»، الذي أتم 10 حلقات من دورته الثالثة، مساء أول من أمس، مشيراً إلى أن التقاليد الشعرية والتنافسية التي صار عليها البرنامج، كان لها أثر مهم، ليس في زيادة عدد المتنافسين والمتابعين للبرنامج فحسب، بل في نسج حالة من الاهتمام الملحوظ بإبداعات النبطي عموماً، يمكن لمس أثرها بشكل مباشر في المنتديات والمواقع، وأيضاً وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية في الاهتمام بالقصيدة النبطية.
«سيلفي» للذكرى على غرار مسابقات المواهب المختلفة، يبدو ما قبل تصوير حلقات «البيت» التي ينتجها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وينقلها على الهواء مباشرة من مدينة دبي للاستوديوهات قناة «دبي الأولى» ليس كما بعدها، فحالة الترقب، والاستعدادات، والتأكيد بأن جميع كوادر البرنامج أضحى بالفعل كل في موقعه، فضلاً عن مراجعة الإعداد، تفرض حركة سريعة على الجميع، قبل الانتقال على الهواء مباشرة في العاشرة والنصف تماماً. هذه الحالة تتحول إلى لقطات تهنئة، وأخرى «سيلفي» أو «للذكرى»، لا تحتاج سوى دقائق، وربما لحظات، لتغدو منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. «قصر زعبيل» حالة من الإنصات التام سادت الجميع، بدءاً من مذيعي برنامج البيت بركات الوقيان وأحمد البدواوي، مروراً بأعضاء لجنة التحكيم، وامتدت للزملاء الإعلاميين في كواليس البرنامج، مع إنشاد ضيف الحلقة الشاعر راشد الجزوي قصيدة «قصر زعبيل» لسمو الشيخ حمدان بن محمد، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي. وعلى الرغم من أن «قصر زعبيل» هي إحدى الروائع الشعرية المنشورة والمعروفة لسموه، إلا أن إنشاد الجزوي وتفاعله ووقوفه بمهارة الإلقاء ساهم في مضاعفة حالة التماهي والاستغراق في الصور الشعرية الثرية للقصيدة. بينما عكست الصورة المختارة محور مسابقة «نبض الصورة» في الجولة المقبلة تحدياً جديداً للمشاركين الذين سيجدون أنفسهم - حسب أعضاء لجنة التحكيم - سابحين مع براءة صبية يأملون بأن تمتد أياديهم لتحاكي طول نظيرتها في جدارية، لتنفتح بلا حدود على عنان السماء. |
ولفت البستكي إلى أن ظاهرة «الأشطر المغلقة» التي تتطلب خصوصية، وتفرض تحدياً على المتنافسين من خلال أشطر استفهامية خاصة، هي تحديات مقصودة لمضاعفة تحفيز المتسابقين، موضحاً أن «هناك الكثير من عوامل التجديد الإيجابي التي رسخها البرنامج على مدار دوراته الثلاث، وبدت بشكل أكبر بطبيعة الحال في الدورة الحالية، ومنها التعاطي والقبول برحابة صدر للنقد، وسماع أوجه النظر المتباينة في النتاج الشعري من قبل الشاعر النبطي بأريحية، وهو أمر لا نقول إنه مستجد بالمطلق، لكن على الأقل كان يشوبه الكثير من أمارات عدم الارتياح من العديد من شعراء القصيدة النبطية».
وأكد البستكي أن هذا الواقع ساهم في ترسيخه أيضاً بشكل كبير برنامج «شاعر المليون»، مضيفاً: «ما نشهده في (البيت) من تقييم وتحليل ونقد وجدل في فضاء إبداعات النبطي، من خلال (بيت) شعري تارة، ومن خلال (شطر) بيت شعري أخرى، لا يقتصر انعكاسه على القيمة النقدية المباشرة فقط، بل يرسخ لتعاطٍ مطلوب من الوسط الإبداعي خصوصاً، مع الفعل النقدي الجاد، والهادف، وهي الثقافة التي كان يشار إليها دائماً باعتبارها موجودة على استحياء، في أحسن أحوالها، في ما يتعلق بوسط القصيدة النبطية».
محمد بن الذيب
جاءت حلقة أول من أمس لتتوج فارساً جديداً في مسابقة «الشطر» وهو نواف الشمري، بعد أن حاز شطره إعجاب اثنين من أعضاء لجنة التحكيم، ليلتئم شطر البيت الذي حرض الشعراء على الإبداع الغزلي خصوصاً من خلال التساؤل: «عندي رسايل شوق من ياخدها» ليأتي شطر الشمري: «ساعي المحبة ما لقى له ساعي»، مقتنصاً جائزة شاعر الشطر. في حين توقف أعضاء لجنة التحكيم طويلاً عند مشاركة تستدعي سيرة الشاعر القطري المعروف الذي لايزال يقضي حكماً بالسجن، محمد بن الذيب، قال فيها الشاعر تركي القحطاني، مكملاً شطر «عندي رسايل شوق من ياخدها».. لمحمد بن الذيب بـ«اسم» «الساحة»، وهو الشطر الذي انحاز له ضيف البرنامج المنشد راشد الجزوي ليمنحه جائزة شاعر الشلة.
واستعرض البرنامج في مستهله مشاركات «نبض الصورة»، التي فاز بها محمد الوسمي المطيري ببيته الذي وصف فيه خيالاته في مضمون أحد الأعمال المشاركة في جائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، فئة «الأبيض والأسود» يبدو فيها المصور متعقباً لضحكة يتقاسمها شخصان في هدوء وتأمل: زاد سلم ملامحك الموسيقي.. لحن.. ضحكتك باقي شوي.. وتصير أغنية.
وفاز بلقب الوصيف الأول الشاعر محمد ضاوي العتيبي: في نظرتك هم.. لو تعزف على البسمتين.. ما كل من راح عن عينك (كـ من جالها). أما جائزة الوصيف الثاني فذهبت إلى قاسي سلطان السهلي، عن بيته: اعزف لي الحزن ما تحتاج للدفتر.. شوف التفاصيل في وجهي ولحنها.
تحد إبداعي
ورأى المشرف العام على برنامج «البيت» أن التحدي الإبداعي المتنوع في ما يطرحه البرنامج، سواء عبر مسابقة «نبض الصورة» أو مسابقة «الشطر»، هو تنوع يهدف إلى مجاراة حقول وأغراض الشعر النبطي المتعددة، بما يتناسب وتقاليد المسابقات التنافسية، مضيفاً «لا تأتي الأشطر محور المنافسة في مسابقة (الشطر) على وتيرة واحدة، وأحياناً ما يكون اللجوء لشطر مغلق، يتطلب إعمال الخيال في دائرة بعينها، لاسيما من خلال الأشطر الاستفهامية التي تسودها أساليب القصر والاستثناء وغيرها، وهي أشطر تفرض تحدياً إبداعياً أكبر، وفي حين تبقى بعض الأشطر الأخرى محور المنافسة أقرب إلى إطلاق العنان لخيالات وقرائح المشاركين، وهو تنويع يثري البرنامج، فضلاً عن تنوع الغرض الشعري المباشر للبيت في تمام إنجازه».
هذا الأمر ينسحب أيضاً على مسابقة «نبض الصورة»، حسب البستكي، الذي يشير إلى أن تنوع جماليات الصورة جاء ليشكل فرصة لتنوع الأغراض الشعرية التي قد تنطلق من غرض وصف الصورة، لتحلق في أغراض أخرى، حسب القراءة الشعرية الذاتية الخاصة بكل شاعر لتفاصيلها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news