عُرفت سابقاً باسم «أم شرباك» واليوم «قهوة منور» وكانت عريشة من سعف وجريد النخيل

المقاهي الشعبية.. ملتقى «سوالف» الأحبة في رأس الخيمة

تعد «قهوة منور» القريبة من خور رأس الخيمة مثالاً حياً يجسد المقاهي الشعبية التي كانت سائدة قديماً في رأس الخيمة. الإمارات اليوم

بعكس المقاهي الحديثة، التي جلبت ممارسات لا تشبه عادات وتقاليد مجتمع رأس الخيمة، فإن المقاهي الشعبية القديمة على بساطتها لاتزال جاذبة، يقصدها الناس بأعداد كبيرة، لأنها توفر لهم بيئة نظيفة خالية من ملوثات الهواء، ويجد فيها المرء من يحدثه ويتحدث إليه، ويكون الجلوس فيها في الهواء الطلق من غير شعور بالحرج، ومنذ الصباح الباكر يؤمها الناس الذين يغلب عليهم فئة كبار السن والمتقاعدين، في حين تستقبل بعد العصر الموظفين والشباب.

موقع ريادي

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/04/8ae6c6c5502ee51c0153e7aa51804619.jpg

من وجهة نظر أحمد سمحان، وهو المعلم الذائع الصيت، أن المقاهي الشعبية القديمة لاتزال تحتفظ بموقعها الريادي، مستدلاً على ذلك بروادها المواطنين الكثر، الذين غادروا قصورهم وجاءوا إليها ليستمتعوا بقضاء بعض الوقت على مقاعدها الخشبية، قائلاً: «من خلال جمهور المقاهي الشعبية الذي يتشكل من كبار السن والشباب، يتحقق هدف التواصل بين أبناء المجتمع، ويمضي تعاقب الأجيال».

ويؤكد محمد الزعابي، وهو من رواد المقاهي الشعبية، أن المقاهي الشعبية تعد المكان المحبب والمفضل لأبناء رأس الخيمة، وقد ورثوا تلك العادة عن آبائهم وأجدادهم، مشيراً إلى أن كبار السن يغادرونها قبل أن يرخي الليل سدوله، لأنهم اعتادوا على النوم مبكراً، تاركين وراءهم المقاعد الخشبية لجيل الشباب الذين يستأنسون بالبقاء فيها حتى الـ10 مساء، ومن ثم ينصرفون أيضاً إلى بيوتهم. وتعد «قهوة منور» القريبة من خور رأس الخيمة مثالاً حياً يجسد المقاهي الشعبية التي كانت سائدة قديماً في رأس الخيمة، ووفقاً لما يُحكى كانت تتخذ من موقع البنك البريطاني مقراً لها، وكانت تعرف باسم قهوة «أم شرباك»، لأنها كانت عريشة من سعف وجريد النخيل، وفي وقت لاحق انتقلت ملكية القهوة إلى مواطن آخر هو أحمد كندر، ثم آلت من بعده إلى أخيه محمد كندر، الذي أورثها بدوره إلى أسرته، حيث يديرها الآن ابنه عبدالله محمد كندر، تحت مسمى «قهوة منور». ويرى عبدالله كندر أن المقاهي الشعبية في سنوات الماضي البعيد أدت رسالة مجتمعية إعلامية مهمة، في غياب وسائل الاتصال الأخرى، مثل الراديو والصحف والهواتف، فقد كان الناس يقصدونها ليعرفوا أخبار «ديرتهم»، وليستمتعوا بسماع «السوالف» التي يرويها لهم الغواصون وأصحاب «اللنشات» والمراكب العائدين من أسفارهم التجارية البحرية، فهؤلاء يحكون لرواد المقاهي الشعبية تفاصيل ما سمعوا ورأوا، وأيضاً ما واجهوا هم من المصاعب وأهوال البحار. وتابع: «اتخذت المقاهي الشعبية مواقع لها في سوق رأس الخيمة القديم، وكان أبرزها مقاهي كلكوت، وخمسين، وقموس، وأحمد كندر، وقهوة محمد الهرنكي، وكانت تقدم لروادها المأكولات الشعبية، مثل الأرز (العيش)، والسمك، والمرق، والشاي، والنرجيلة (القدو). والزائر لـ«قهوة منور» يجدها منذ الصباح الباكر تعج بالعديد من الرواد المواطنين، الذين ينتمون إلى فئات عمرية مختلفة، ومنهم من شغل مناصب مرموقة في المجتمع، وأثناء وجودهم على المقاعد الخشبية يتفرغ بعضهم لاستدعاء الذكريات مع «الربع»، أو متابعة الأخبار عبر مشاهدة التلفاز، وقراءة الصحف اليومية، وغير هؤلاء يشكلون مجموعات تتنافس بهدوء في لعب الورق والضمنة، لكن ما يجمع هؤلاء جميعاً هي تلك اللحظة الممتعة التي تغمرهم وهم يجلسون إلى بعضهم في بيئة نقية، لا وجود فيها لما يعكر المزاج ويتهدد الصحة، مثل دخان الشيشة والسجائر.

وقال كندر: «ما من شك فنحن هنا نحرص على أن تعكس قهوة منور تراث وتاريخ إمارة رأس الخيمة، ولعل ذلك يبدو واضحاً في الإبقاء على مقاعدها الخشبية، وديكورها الخارجي المصنوع من سعف النخيل، وأيضاً طابعها الخدمي، الذي هو نفسه القديم، أضف إلى ذلك روادها الذين يتشكلون من مختلف فئات أبناء رأس الخيمة».

تويتر