يصدر بدعم من مجمع اللغة العربية في الشارقة
مليار لفظ في المعجم التاريخي الأول للغة العربية
مليار لفظ على الأقل هو حجم المعجم التاريخي الأول، أو القاموس التاريخي للغة العربية، الذي سيصدر بدعم من مجمع اللغة العربية في الشارقة، ويستغرق العمل من أجل إعداده وإنجازه نحو 15 سنة.
وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أعلن في 21 مارس الماضي، عن إقامة مجمع اللغة العربية بالشارقة، الذي سيتكفل بجميع احتياجات المجامع العربية أينما كانت، وسيكون على رأس أولوياته القيام بتمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي وكل ما يتعلق به، وسيضطلع المجمع بما لم تستطع المجامع العربية القائمة تحقيقه، وتقديم إضافة نوعية للمجامع القائمة.
وقال المستشار شفيق عبدالفتاح، لـ«الإمارات اليوم»، إن المعجم أو القاموس التاريخي للغة العربية هو الأول من نوعه في اللغة العربية، وهو نوع من المعاجم يضم كل لفظ استُعمل في اللغة، سواء يُستعمل في الوقت الحاضر أم لا، ويتتبع تطوّره أو تغيُّره في شكله ومعناه واستعماله عبر الزمن، ممثِّلاً لهذا اللفظ بعدد من الشواهد، بدءاً من أقدم ظهور مسجَّل معروف لذلك اللفظ، حتى آخر استعمال له في جميع المناطق الجغرافية التي استخدمت فيها اللغة العربية، وفي جميع المجالات الأدبية والعلمية والفنية. ولهذا فإن هذا المعجم لا ينقل من المعاجم الأخرى، بل يجمع مصادره من النقوش والبرديات والمخطوطات والنصوص الموضوعة والمترجمة، الورقية منها والإلكترونية.
شفيق عبدالفتاح: «المعجم أو القاموس التاريخي للغة العربية هو الأول من نوعه في اللغة العربية، وهو نوع من المعاجم يضم كل لفظ استُعمل في اللغة». |
ولفت إلى أن أكثر من جهة عربية تصدت لمحاولة إنجاز المعجم التاريخي بصورة فردية، مشيراً إلى أننا كنا دوماً نريد توحيد هذه الجهود.
وتابع: «يسمى المعجم التاريخي بالمعجم التأثيلي، ويعتمد إعداده في الأساس على علم التأثيل أو الإيتيمولوجيا، وهو علم أصول الكلمات، أي البحث عن حقيقة الكلمة أو أصلها، (ويقال له أيضا علم الإثالة، وعلم التجذير، وعلم تاريخ الألفاظ)، ويكون التأثيل بدراسة الأصل التاريخي للكلمات، ويعتمد في ذلك على تتبع تطور الكلمة من خلال الوثائق والمخطوطات، وأحياناً تاريخ المجموعات البشرية الناطقة بهذه الكلمات. وتأثيل الكلمة يعني رد اللفظ إلى صيغته الأولى أو اللغة التي اقتُرض منها، وتاريخ دخولها في اللغة، ومراحل تطورها، ورصد جميع معانيها وظلال المعاني الهامشية وإيحاءاتها المختلفة، وعلاقاتها بغيرها من الكلمات. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مدونة نصية حاسوبية كبيرة الحجم تصل إلى أكثر من مليار لفظ.
وأشار المستشار عبدالفتاح إلى أن اللغة العربية هي اللغة العالمية الوحيدة التي لا تتوافر على معجم تاريخي مصنّف على أسس علمية حديثة، وأنه ليس من بين المعاجم العربية حتى يومنا هذا ما هو معجم تاريخي حقاً، حيث إن هناك نحو 1500 معجم للغة العربية، لا يوجد منها معجم تاريخي واحد.
مضيفاً أن المستشرق الألماني «أوغست فيشر» (1865-1949)، الذي يعد حجة في اللغات الشرقية، هو أول من عرض فكرة وضع قاموس تاريخي للغة العربية، في اجتماع للمستشرقين الألمان في مدينة بازل سنة 1907، يتناول فيه تاريخ كل كلمة، مبتدئاً بالكتابة المنقوشة من القرن الرابع الميلادي، منتهياً بالقرن الثالث الهجري. ثم في كوبنهاغن 1908، ثم في أثينا 1912، وقد تمت الموافقة على إعداده سنة 1936 بناء على اقتراح قدمه لمجْمع اللغة العربية في القاهرة، عندما أصبح فيشر أحد الأعضاء الأوائل في «مجمع فؤاد الأول للغة العربية»، وقد مضى الدكتور فيشر في عمله في المعجم، وسرعان ما نشبت الحرب العالمية الثانية، فحالت بينه وبين العودة إلى القاهرة، وبذلك تعذرت مواصلة العمل في المعجم، الذي أعد منه المقدمة، والجزء الأول، حتى آخر مادة «أبد».
وفي يوم الإثنين 21 مارس 2016، جاءت البشرى السارة بإعلان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أمام مجمع اللغة العربية بالقاهرة عن إقامة مجمع اللغة العربية بالشارقة؛ ليتكفل بجميع احتياجات المجامع العربية أينما كانت، وسيكون على رأس أولوياته القيام بتمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي وكل ما يتعلق به.
تكريم فيشر وجرمانوس
تمنى المستشار شفيق عبدالفتاح أن يتم العمل على تكريم المستشرق الألماني، أوغست فيشر، في اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف 18 من ديسمبر، وتكريم المستشرق المجري عبدالكريم جرمانوس الذي كان يجيد 12 لغة من بينها العربية، ووضع كتباً عدة في اللغة العربية، لافتاً إلى أن عباس محمود العقاد قال عنه: «هذا الرجل بعشرة علماء».
ولفت إلى أن الجدوى الكبيرة مما قدمه وبدأه فيشر لم تظهر، لكنه ترك لنا نتاج جهد 40 عاماً في تأثيل الكلمة، وأشار إلى أننا مع القاموس التاريخي سنجد سهولة كبيرة في توفير مصطلحات عربية تواكب مختلف المصطلحات العلمية الحديثة.
وتابع: «لاشك في أن إنجاز مشروع المعجم التاريخي للغة العربية سيكون حدثاً عظيماً في تاريخ اللغة العربية، وسيكون للمعجم الذي طال انتظاره دور عظيم في معرفة أصول اللغة العربية وتطورها والتغيرات التي طرأت عليها، وكذلك سيساعد الباحثين على تقصي علاقة اللغة العربية المتبادلة مع اللغات الأخرى قديماً وحديثاً. وأشار عبدالفتاح إلى أن فيشر ذكر في مقدمة معجمه، يجب أن يشتمل المعجم التاريخي للغة العربية على كل كلمة وجدت في اللغة وبلا استثناء، وأن تُعرض حسب وجهات النظر السبع الآتية: التاريخيّة والاشتقاقيّة والتصريفيّة والتعبيريّة والنحويّة والبيانيّة والأسلوبيّة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news