«الإمارات تقرأ».. حديث الساعة في «الندوة»
استدعى المؤتمر السنوي السادس لندوة الثقافة والعلوم، الذي عُقد على مدار خمس ساعات متتالية، أمس، إلى مائدة نقاشية موسعة، العديد من ممثلي مؤسسات الثقافية في الدولة، لمناقشة تحديات وطموحات مرتبطة بفعل «القراءة» تحت عنوان «الإمارات تقرأ» المستند إلى مبادرة عام القراءة، وصاحَبَ المؤتمر معرض كتب لإصدارات عدد من المؤسسات.
صالونات ثقافية
جاء المحور الثالث في المؤتمر بعنوان: «الصالونات الثقافية والجوائز العلمية وثقافة القراءة»، وأدار نقاشاته الدكتور سليمان موسى الجاسم، وتحدثت فيه ممثلات عن عدد من الصالونات الثقافية. وممثلة عن «صالون الفكر» شددت موزة القبيسي على أن مثل هذه الكيانات الثقافية تسعى لأن تكون القراءة بمثابة عادة وفعل يوميين، مشيرة إلى ضرورة خروج الصالونات الأدبية إلى المجتمع من أجل تعميم الفائدة. ومن مؤسسة «بحر الثقافة» أكدت مريم الغفلي سعي المؤسسة إلى تفعيل حضور ومشاركة المرأة الفاعلة في مختلف الأنشطة الثقافة والفنية، فضلاً عن إطلاق جائزة بحر الثقافة للدراسات الأدبية. بينما تحدثت موزة الهاملي من صالون الملتقى الأدبي عن أنشطة الصالون المختلفة منذ انطلاقه عام 1998، إذ تمت قراءة نحو 600 رواية مختلفة، ومناقشتها عبر لقاءات دورية تعقد مرة كل أسبوعين. من جانبها، ذكرت مؤسسة الصالون الأدبي المتجول، آمنة باروت، أن فكرة إنشاء صالون متجول جاءت كسراً لتقليدية الصالونات الثابتة، بالذهاب إلى الجمهور. وطالبت بوجود مؤسسات رسمية تدعم الصالونات الأدبية، لكن من دون أن تهيمن على توجهاتها. |
وقال رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، لـ«الإمارات اليوم» إن هناك حالة من الإجماع، ليس بين أعضاء مجلس إدارة الندوة فقط، بل بين المثقفين والمبدعين عموماً، على أن «القراءة» هي موضوع «الساعة» في الإمارات الآن، مضيفاً: «لكن القضية الأساسية يجب أن تكون: كيف تتحول القراءة إلى موضوع كل ساعة وكل وقت، لتتحول إلى فعل وواقع دائم وليس إلى ظاهرة». وأكد أن الندوة سعت، من خلال تنظيم المؤتمر، إلى مناقشة التحديات والوقوف على جملة من الأهداف والطموحات المشتركة، التي ينظم عقدها مبادرة عام القراءة، وحقيقة أن المعرفة والاطلاع والثقافة، هي عماد أي تنوير ونهضة حضارية راسخة.
وقدم السويدي، في أولى جلسات المؤتمر، الأديب محمد المر، الذي تطرق عبر ندوة «نحو مجتمع قارئ.. رؤى مستقبلية» إلى أسس ودعائم هذا المجتمع، معتبراً البيت هو الدعامة الأولى لتنشئة جيل قارئ، من خلال العديد من الوسائل المادية التحفيزية، والتثقيفية.
وتوقف عند دور المدرسة باعتبارها الدعامة الثانية لترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع عموماً.
وعقد بعض المقارنات بين كتب تتكئ على مناهج أجنبية، وأخرى عربية، لافتاً إلى الاهتمام الكبير بالشكل والمضمون في الأولى، وافتقار ذلك في الثانية، وهو الأمر الذي شدد على ضرورة تعديله.
وتابع: «المنهج التعليمي يجب أن يرتقي بجماليات القراءة، من دون الوقوف عند أساسياتها فقط، كما يجب تفعيل حصص المكتبة والقراءة، على نحو يصب في مصلحة دعم ثقافة القراءة، وتحبيب الطالب في المطالعة باعتبارها فعلاً ترفيهياً أيضاً».
وقال «هناك ميزانيات يجب أن تخصص لشراء الكتب لإثراء المكتبات المدرسية دوماً، وتدريب المعلمين، فضلاً عن توفيرهم، كي لا تكون حصص المكتبات عبئاً إضافياً بالنسبة للمدرس، وغير ذلك من التفاصيل التي ترتبط بوجود استراتيجية متكاملة تدعم القراءة في المدارس»، وشدد على ضرورة تهيئة البنية التحتية الملائمة لترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع.
ووصف الأديب، محمد المر، دور الإعلام في تبني ثقافة القراءة مجتمعياً بـ«المحوري»، موضحاً أنه «من دون قيام الإعلام بدوره، فليس من الممكن تحقيق أي نجاح في مختلف الخطط مهما توافرت لها مقومات أخرى»، مستشهداً ببعض النماذج التي حققت فيها الكتب مبيعات مضاعفة، بعد أن تمت مناقشتها في وسائل الإعلام المختلفة. وشدد على ضرورة أن تكون هناك استراتيجية وطنية واضحة، وتوفير ميزانية مخصصة لها، ومتابعة تنفيذها في الوقت نفسه. كما تطرق إلى دائرة أدب الأطفال خصوصاً، مثمناً الجهود المهمة التي تقوم بها بعض المؤسسات في هذا الإطار، مثل مشروع «كلمة» الذي قام بترجمة مئات الكتب الثرية للأطفال، لكنه أشار إلى أن هناك حاجة ماسة للترويج لهذه النتاجات الثقافية وأهميتها في وسائل الإعلام المختلفة. تحدث المستشار في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، الدكتور حبيب غلوم، ممثلاً عن الوزارة في المؤتمر، في مستهل المحور الثاني: «المؤسسات الثقافية وتعزيز ثقافة القراءة»، في جلسة أدارها الأديب علي عبيد الهاملي.
وتساءل غلوم: «الإمارات تقرأ»، هل هي عبارة تشير إلى هدف أم أمنية؟ مشيراً إلى أنها مادامت هدفاً واضحاً فإننا جميعاً مطالبون بدور أكبر مما هو قائم الآن، سواء بالنسبة للوزارة أو مختلف المؤسسات المحلية المعنية بالثقافة. ورأى أن هناك حاجة لخلق همزة وصل بين مختلف الأجيال من جهة، وجيل الشباب من جهة أخرى.
من جانبه، أكد الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، الدكتور علي بن تميم، الدور الرائد الذي لعبته الجائزة في تفعيل ثقافة القراءة منذ تأسيسها قبل نحو 10 أعوام. وأشار إلى أن الاهتمام بالثقافة فعل جوهري في الإمارات، لكن التحدي كان يرتبط وقت تأسيس الجائزة، هو كيف يكون ذلك جوهرياً أيضاً داخل المؤسسات المختلفة، وهو التحدي الذي صاحبه إطلاق العديد من المبادرات تحت مظلة الجائزة. وذكر أن القراءة المطلوبة التي يجب التشجيع عليها في هذه المرحلة هي القراءة المعززة للهوية، وهو ما يستدعي تحفيز الأطفال والشرائح العمرية الصغيرة على القراءة. ومن جائزة الشيخ زايد للكتاب، تحدث أيضاً الباحث والكاتب سعيد حمدان، الذي استهل ورقته بعرض فيلم قصير عن الجائزة، استحضر بعض مقولات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وطرح سؤالاً قام بالإجابة عنه، وهو عدم فوز مؤلف إماراتي بالجائزة حتى الآن، لافتاً إلى أن هناك مشاركات متواترة من الكتاب الإماراتيين وصلت في إحدى الدورات إلى 90 مشاركة، في حين بلغت 50 مشاركة في الدورة الماضية، وأضاف «الموضوعية والشفافية هما عنوان للجائزة التي تحكمها شروط وقواعد وأسس، وهي جائزة دولية يبقى الفوز فيها للأفضل وفق الشروط الموضوعة».
من ناحيته، استبق سالم عمر سالم، ممثلاً عن هيئة الشارقة للكتاب، حديثه في المؤتمر بعرض فيلم عن أهم إنجازات الهيئة، مشيراً إلى أنه لا أحد كان يتوقع، عندما انطلقت الدورة الأولى لمعرض الشارقة للكتاب، الذي بدأ حلماً فتحول إلى حقيقة بإمكانات بسيطة وحضور متواضع عدداً، أن تكون ثمة دورة ثانية له، في حين أن الجميع فوجئ بمعرض ثانٍ للكتاب في العام نفسه، قبل أن نصل للدورة رقم 34 العام الماضي. وأكد سالم أن الهيئة أطلقت مبادرات مختلقة، لمصلحة الناشر والمؤلف والقارئ في آن واحد.
القراءة والإعلام
|
أدار المحور الرابع للمؤتمر، الذي جاء بعنوان القراءة والإعلام، الإعلامي جمال مطر، وتحدث فيه كل من الإعلامي حسن يعقوب من إذاعة الشارقة، والإعلامية بروين حبيب، وهبة السمت من مؤسسة دبي للإعلام.
وأكد يعقوب أن هناك الكثير من البرامج الإذاعية التي قدمت خدمات مهمة وجليلة في مجال القراءة، مشيراً إلى العلاقة القوية بين الإذاعة والكتاب خصوصاً.
بينما قالت بروين حبيب إن معظم البرامج الثقافية تفتقر إلى حماسة إدارات التلفزيونات العربية عموماً، إذ لا يتم تخصيص الميزانيات المناسبة لها، مشيرة إلى أن الحاجة ماسة إلى تخصيص ساعات للقراءة، على الهواء مباشرة، مع جمهور المشاهدين.
بينما تناولت هبة السمت العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والثقافة عموماً، مطالبة بتسليط الضوء على المواقع التي تقدم محتوى إيجابياً ومهماً للقارئ، لاسيما ما يعزز منها فعل القراءة.
واقترحت إنجاز خطط عملية للوصول إلى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الشباب، وتقديم المحتوى الهادف لهم بطرق جاذبة.