«بركة يقابل بركة».. الحب يتحدى بأدوات العصر

لليوم الثاني على التوالي تشهد دبي انطلاقة أفلام جديدة اختارت هذه الإمارة لتكون بوابتها الأولى على الصعيدين العربي والعالمي، الفيلم الأول هو عمل «الأنيميشن» «بلال»، وفيلم «بركة يقابل بركة»، الذي تنتظره جولة بصحبة أبطاله في عدد من الدول العربية.

بداية الحلم

وصف مخرج فيلم «بركة يقابل بركة» عرض أول أعماله السينمائية في دور العرض التجارية لأول مرة بدبي، بأنها «بداية الحلم». وتابع: «هكذا هي دبي تبقى دوماً محطة مهمة لأي صانع أفلام، لكن مع هذا الحراك السينمائي الناشئ في المنطقة عموماً، وفي المملكة العربية السعودية خصوصاً، نبقى بصدد بداية الحلم».

وأعرب صباغ عن إعجابه بالحركة السينمائية في الإمارات، مؤكداً أنها بمثابة حراك مساند لمجمل الحركة السينمائية الخليجية.

وعلى الرغم من أنه ليس ثمة شركة إماراتية أو ممثلون إماراتيون مشاركون في توزيع أو انتاج أو حتى الطاقم التمثيلي للفيلم السعودي «بركة يقابل بركة»، فإن جميع النصائح التسويقية والترويجية الفنية دعمت فكرة انطلاق العروض التجارية للفيلم بدبي، الذي أقيم أول من أمس، بحضور إعلاميين ومتخصصين في سينما فوكس بـ«مول الإمارات».

وتعيد تجربة «بركة» الى الأذهان تجارب سعودية سابقة رأى صناعها أن الخطوة الأولى يجب أن تكون من دبي، سواء من خلال مهرجانها السينمائي، كما هي الحال بالنسبة لفيلم «وجده»، أو عبر دور العرض التجارية، مثل فيلم «كيف الحال» الذي عرف طريقه للجمهور للمرة الأولى من خلال دور العرض بدبي.

تدور قصة الفيلم حول عاشقين يجمعهما القدر في بيئة معادية للمواعدة الرومانسية من أي نوع، فهو بركة، الموظف في بلدية جدة ذو الأصول المتواضعة، وممثل هاوٍ يتدرب لتقديم دور نسائي في مسرحية «هاملت»، وهي بركة، الفتاة ذات الجمال الجامح التي تدير مدونة فيديو صاخبة مشهورة على الإنترنت، يتحايل الاثنان على التقاليد والعادات، بالإضافة إلى الشرطة الدينية، مستعينين بوسائل الاتصال الحديثة والطرق التقليدية للتواعد.

وعلى الرغم من أنها التجربة الأولى لصباغ فإنه تعامل بشكل احترافي مع تفاصيل ما بعد الإنتاج، فقد أسند حقوق توزيع الفيلم في العالم العربي لشركتين متخصصتين هما «ماد سولوشن» و«فيلم كلينك لتوزيع الأفلام المستقلة»، بعد حصولهما على حقوق التوزيع من الشركة الفرنسية الحائزة حقوق توزيعه العالمية. وجاء الاحتفاء الإعلامي بـ«بركة» السعودي، مميزاً، ليجد طاقمه الشاب الذي يخوض تجربة الفيلم الروائي السينمائي لأول مرة أنفسهم أمام ألق السجادة الحمراء، وعدسات المصورين، ومحط اهتمام ممثلي وسائل الإعلام المختلفة، ما فتح مساحة كبيرة للحديث عن تفاصيل العرض من جهة، وواقع ومستقبل الفيلم السعودي خصوصاً، والخليجي عموماً من جهة أخرى.

وأعرب مخرج العمل السعودي محمود صباغ عن سعادته بإطلاق أول تجاربه السينمائية من دبي، مشيراً الى أن رحلة وصول العمل إلى هذه اللحظة التي يبقى فيها جاهزاً للعرض الإعلامي والجماهيري كانت شاقة للغاية. وأشار صباغ الى أنه سعى لأن تكون تجربته الأولى في هذا المجال مستقلة عن شركات الانتاج المهيمنة على تلك الصناعة إلى حد كبير، ما جعله بالأساس يعتمد على تمويل ذاتي، فضلاً عن وجود معاناة كبيرة في تدبير الكاميرات والأدوات الفنية المختلفة اللازمة للعمل، الذي احتاج إلى نحو عام كامل من أجل إنجازه.

وأكد صباغ أنه تعمد اختيار طاقم تمثيلي واعد يعي أهمية اقتناص وتجويد التجربة الأولى له في الوقوف أمام الكاميرا السينمائية، مؤكداً أن جميع الممثلين في العمل لم يسبق لهم الوقوف أمام كاميرا سينمائية، بمن فيهم البطلان الرئيسان للعمل هشام فقيه، وهو اسم معروف في عالم «ستاند أب كوميدي»، وله العديد من المقاطع الشهيرة على موقع «يوتيوب»، وفاطمة البنوي، التي استدعاها العمل من دراسة الماجستير في دراسة «الأديان المقارنة بأميركا»، لتخوض تجربتها الأولى في هذا المجال. واعتبر صباغ الذي اضطر إلى إقامة ورشة تدريبية لبعض ممثلي «بركة يقابل بركة» أن السينما السعودية زاخرة بالعديد من الامكانات الشابة القادرة على إبداع أعمال شديدة الشبه بفكرها وواقع مجتمعها، بعيداً عن الأفكار النمطية، وتصحيحاً للأفكار المغلوطة التي لايزال يتمسك بها البعض تجاه مجتمعاتهم.

وأعرب بطل العمل هشام فقيه الذي يقوم بدور «بركة» عن سعادته بخوض تجربته السينمائية الأولى، مؤكداً انه منذ قراءته للسيناريو وهو أصبح يعيش حالة تفاصيل «بركة» بكل تناقضاتها وتبايناتها، لافتاً الى أن هناك فارقاً كبيراً بين مشاهد «ستاند أب كوميدي» وبين المشاركة في عمل سينمائي متكامل.

أما بطلة العمل السعودية فاطمة البنوي فأشارت الى أن العمل بالنسبة لها كان مختلفاً من البداية، ما شجعها على اتخاذ قرار شجاع بالعودة الى جدة من أجل تصويره، مضيفة: «فكرة الفتاة المهوّسة بمواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعيش ازدواجية ما بين العالم الافتراضي والواقع، قبل أن تصادف متغيراً يقلب حياتها رأساً على عقب، هي فكرة واقعية، وتشبه في ملامحها العديد من القصص المعيشة، لكن المعالجة في السيناريو وأيضاً الرؤية الاخراجية، وشخصية صباغ، وروح العمل، كلها عوامل جعلت (بركة يقابل بركة) بمثابة حلم سينمائي تحقق».

ويأتي عرض الفيلم في دبي بعد اختياره لتمثيل المملكة السعودية في سباق الأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي، فيما أعلنت الدورة الـ60 من مهرجان لندن السينمائي التابع ـمعهد السينما البريطاني عن اختيار الفيلم للمشاركة في قسم ضحك (Laugh) ضمن الفعاليات التي تبدأ يوم 5 المقبل. وقد سبق أن تم اختيار الفيلم ضمن قسم عروض خاصة بالدورة الـ41 من مهرجان تورنتو السينمائي الدولي (8 إلى 18 سبتمبر)، وكان «بركة يقابل بركة»، فيما كان عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي.

الأكثر مشاركة