لولوة المنصوري: أنصحكم بـ«أجزائي المتساقطة»
كعادتها في «التنقل بين أجناس أدبية متفرقة من شعر وقصة قصيرة ورواية، وفقاً لمزاجها الأدبي»، تجول لولوة المنصوري حسب نفس المزاج بين رفوف المكتبات المحلية لتنتقي في الشهر كتاباً إماراتياً تقرؤه، فتجد نفسها منحازة أحياناً إلى بعض المنجزات الأدبية التي انسحب أصحابها من المشهد الأدبي الإماراتي لأسباب غير معروفة.
هذه المرة قادها فضولها طوعاً إلى «أجزائي المتساقطة»، المجموعة القصصية الأولى والوحيدة للكاتبة ليلى سالم الصم التي بحثت عنها لولوة طويلاً ولم تدركها إلا في المكتبة العامة للشارقة ضمن الكتب التي تُعار، فكانت تجربة قرائية استثنائية وصوتاً روائياً فذاً رشحته الكاتبة للقراء لما في تجربة هذه الكاتبة من قدرة على رصد ملامح الواقع من جهة وقدرة على تجاوزه والخوض في عالم غرائبي ومتخيل عبرت عنه المنصوري بالقول: «إن المتأمل في هذه المجموعة القصصية يلتمس مشروعاً واعياً يتكئ على رؤية واضحة متماسكة، خارجة من أسر الاتجاه الواقعي والبيئة الواحدة، فالمجموعة القصصية تزخر بمعالجة بيئات مختلفة خارجة عن إطار البيئة الإماراتية».
وتابعت المنصوري قائلة: «إن القاصة ليلى سالم الصم صوت سردي عذب له خصائصه وهويته التي تجعله مختلفاً عن إبداع من سبقها من الأصوات بشكله الجديد في التجلي ومختلف مستويات هذا التجلي في الرواية، ورغم أنها التجربة الأدبية الأولى والوحيدة وغياب صاحبتها بعد هذا المنجز القصصي، إلا أنها أثبتت وجودها بجدارة، واستطاعت أن تلفت أنظار النقاد والقراء، وتثبت حضورها العميق والرائق في النص الإماراتي المعاصر، إذ تحدث أغلب قصص ليلى الصم في الزمن الحلمي، فتستيقظ فيها الغرائبية والعبثية الساخرة وفق عالم فني غني ومكتنز بالإنسانية والهموم المعبرة، عن طريق اجتراح الدوال وابتغاء الرموز. في حين، تتكئ الكاتبة على أسلوب السرد الحكائي المبسط وقصر النفس والبعد عن المبالغة أو الدخول إلى أجواء التبئير المتعمد. وفي قصة «الثوب الذي يمتد ورائي طويلاً» ومنذ المشهد الاستهلالي الاستفهامي، تجذبنا القاصة وبضمير المتكلم إلى عوالم الثوب الواسع والطويل والثقيل الذي يبدو من أول وهلة بأن لا علاقة واضحة ولا انتماء أو تناسب ما بينه وبين الشخصية التي تلبسه، ثوب يفتقر إلى كل مقومات الحيوية والبهجة والحركة، وقد بدا مجرداً من سمات الجمال والخفة والعافية، مجرد خرقة ترقعه في كل مرة هنا وهناك بغية الستر وسد أفواه الآخرين، غير أن المعضلة الكبرى تكمن في تغوّل الثوب الذي ينمو بصورة صادمة ليمتد وراء الشخصية يوماً بعد يوم، وهنا يبرز الوجه الغرائبي في القصة، إلا أنه بمجرد أن تكشف الساردة عن المفارقة العجيبة في مكنون الشخصية التي عبرت عن اعتيادها مع الأيام على هذا الثوب، يتضح لنا وجه القصة المحمول على دلالات أخرى مواربة، فقد بات الثوب جسدها الذي لا يمكن أن تتجزأ منه وتتحرر، حتى تفاجأ بجبروته الذي بدأ يتدحرج إلى الوراء وتندحر معه كل فرص التشبث بالأمام والأمان، فلا تجد وصلة نجاة وتحرر منه إلا بالانصياع والانسياق بكل عنوة وقهر خلف الثوب المتراجع إلى الوراء».